الأقباط متحدون | المواطنة هي الحل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٧:٢٨ | الاثنين ١٥ اغسطس ٢٠١١ | ٩مسرى ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٨٦ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

المواطنة هي الحل

الاثنين ١٥ اغسطس ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 بقلم: الشيخ أحمد صبح

يقول المفكر الفيلسوف الصيني "شوانج تسو": الفكر الكبير يحيط والفكر الصغير يشتت الحديث الكبير مشرق متألق والحديث الصغير ثرثار. أذكر ذلك وأؤكد أن حقوق الإنسان نوعان؛ الحقوق المدنية والحقوق الإنسانية،
النوع الأول من الحقوق هو حقوق الإنسان بصفة عامة، وأما النوع الثاني فهو حقوق المواطن وهو وعي الإنسان بأنه مواطن أصيل في بلاده وليس مجرد مقيم يخضع لنظام معين، دون أن يشارك في صنع القرار داخل هذا النظام، هذا الوعي بالمواطنة يعتبر نقطة البدء الأساسية في تشكيل نظرته إلى نفسه وإلى بلاده وإلى شركائه في صنع المواطنة، فعلى أساس هذا يكون الانتماء إلى الوطن ومن خلال المشاركة تأتي المساواة، فلكل مواطن نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، لأن صفة المواطنة لها ثلاثة أركان؛ الانتماء للأرض والمشاركة والمساواة، أي الندية، ومن ثم يأتي جهد الشخص في إطار الجماعة السياسية لممارسة صفة المواطنة والتمسك بها والدفاع عنها، وحين تنجح الجماعة الوطنية في حركتها الدستورية، أي حين تنجح في استخلاص حقوق الوطن والمواطن تتبدئ اللحظة الدستورية وتتحرك الأرض إلى وطن والإنسان الذي يحيا عليها ويشارك في صياغة حياتها إلى مواطن، حينئذ يسجل مضمون هذه اللحظة في وثيقة هي الدستور.
يشهد التاريخ دائمًا أن الحكام في مصر جاثمون على صدور المصريين يتمسكون بأسانيد يمارسونها على أساس إخضاع المصريين عمومًا، ويبررون بها في مواجهة سلطتهم بما يضمن بقاء السلطة في أيديهم واستمرار تداولها فيما بينهم، ولقد صمم المحكومون بجميع مكوناتهم على اختراق هذا الحاجز واحتلال مراكز الذين يحكمونهم بالقهر ويقوم بين المصريين عقد اجتماعي صريح أو ضمني، يقر حقوقهم والتزاماتهم في المستقبل على أساس المشاركة والمساواة والندية، لهذا كان فقه المحكومين رغم آلياته البطيئة يقف ضد فقه الحكام لذا أود أن الفت النظر إلى الآتي:
1- إن التراث الديني المصري (القبطي والإسلامي) يحتفل أن أرض مصر هي الجنة في الدنيا وهكذا يمكن القول بأن علاقة المصريين بالأرض تمثل واحدًا من أهم عناصر الاستمرارية المصرية.
2- في مصر نجد وحدة الأرض والنهر في تواصل لا تعرقله فواصل من جبال أو هضاب تؤدي إلى عزل جزء من الشعب عن الأجزاء الأخرى، فتكون للجزء المعزول حياته الخاصة وأحيانا لغته فمصر هي وسط أحادي وجسم بشري واحد، وهي بذلك أبعد ما تكون عن التنافر الداخلي والتخلخل التركيبي، لذلك فإن التجانس صفة جوهرية في البيئة المصرية في المكان والمناخ والزراعة والبشرة ويأتي التجانس من طبيعة النهر الإرسابية التي تخضع لمبدأ التدرج الوئيد، فمن الصعب أن تجد بلدًا يخضع في ملامحه لقانون التدرج كوجه مصر، فإذا كان التجانس هو قانونه الأول فإن التدرج هو قانونه المكمل
3- إن الأمة المصرية أمة طويلة التاريخ قديمة العهد من المدنية في أرض زراعية فهي ليست أمة بداوة تتوثب إلى الحروب لأنها باب الرزق ولكنها أمة حضارة مستقرة ومعيشة منتظمة تلجأ للحروب إذا اعتدى عليها لاتقاء نكبة هي أمر منها وأصعب عاقبة من عاقبتها. المصريون لا يطيعون حاكمهم كما يطيع البدويون حاكمهم، أو كما يطيع العسكر حاكمه، من هنا كانت وحدة مصر السياسية فكانت أول أمة بالمعنى القومي الصحيح، وأول دولة بالمعنى السياسي الكامل، ولم يتم تقسيمها عبر آلاف السنين رغم ما خضعت له من استعمار أجنبي في بعض مراحل التاريخ، ففي مصر تتطابق حدود الدولة مع حدود المجتمع، أي السياسة مع الثقافة والحضارة.
4- لقد فرضت مقومات الكيان المصري الحياة المشتركة، ومن ثم تولدت الحركة المشتركة ومن خلال الحياة والحركة قامت المساحة المشتركة من المفاهيم والقيم وهكذا أخذ التقسيم السياسي يستوعب التقسيم الديني والعقائدي والمذهبي ويتجاوزه، لذلك كان من فضائل مصر في ألفيتها الأخيرة أن الحركة الدستورية والوطنية أثمرت في النهاية عن فقه المواطنة.
5- يقول "عبد الرحمن بن الحكم" في كتابه فتوح مصر وأخبارها من أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى مصر حين تخضر زروعها وتنمو ثمارها ويقول أيضًا عن الشعب المصري. القبط في مصر أكرم الناس لأنهم يتكلمون غير العربية ومع ذلك هم أسمح الناس يدًا وأفضلهم عنصرًا، ومن قراءة المراجع التي تتحدث عن الشخصية المصرية من الأقدمين إلى الآن وجد الجوهر المشترك في التأكيد على حركة مصر شعبًا وأمة وحضارة دون كلل، مما يؤكد خصوصيتها.
6- إن فهم شخصية مصر الاستراتيجية في اجتماع موقع جغرافي أمثل في موضع طبيعي مثالي، وذلك في تناسب وتوازن نادر المثال كل ذلك أدى بالشعب المصري أن يتفاهم بلغة لها جاذبيتها في لهجتها خاصة إن الأدب القبطي الدارج امتزج بالأدب العربي واللهجات العامية العربية، الأمر الذي استوى معه مزاج عربي قبطي أو قبطي إسلامي وهذا يصدق على الشكل والمستوى سواء بسواء، وإذا كنا نؤرخ للأدب الشعبي الشفاهي باستخدام العامية في مصر، فالواقع إن البذور أقدم وأعمق بكثير وإنها ترجع إلى الأدب الشعبي الفرعوني والقبطي في أطواره السابقة، وكذلك تم تزاوج بين الروح الإسلامية والفن القبطي.
إن المواطنة المصرية توغل في عمق التاريخ وتحدد أركان هذه الأمة حيث لا تتميز طائفة على أخرى ولا تستأثر طائفة بالحقوق دون أخرى، ولا توجد مصطلحات الأغلبية والأقلية، لأن الكل صنع التاريخ في مصر.

وللحديث بقية إن شاء الله




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تقييم الموضوع :