CET 00:00:00 - 04/01/2010

مقالات مختارة

بقلم: أنطون سيدهم
في يوم الاثنين الماضي 16/ 7/ 1990 أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكمها ببراءة المتهمين في قضية رشوة الصناعة الكبرى من التهم المنسوبة إليهم بعد إعادة محاكمتهم. وكان قد صدر الحُكم ضدهم في 12/ 8/ 1987 بعد أن قُبض عليهم في 16/ 2/ 1986.
وقد قبلت محكمة النقض الطعن المُقدّم منهم وحدّدت دائرة أخرى لنظر القضية في شهر أكتوبر الماضي واستمرت الجلسات حتى قضت المحكمة ببراءتهم، وقالت في أسباب حكمها: إن جريمة الاتفاق الجنائي لا أساس لها في هذه الدعوى، وأنه لا عقاب على النوايا ما دامت لم تُنفَذ ولم تتخذ أي مظهر خاطئ وبذلك تنهار التُهم.

نعم لقد أسدل قضاؤنا العادل على ستار هذه المأساة المؤلمة التي استمرت أربع سنوات وخمسة أشهر، قضى منها أغلب المتهمين سنة ونصف في غياهب السجن ومحاكمات طويلة، ومعاملة لا تتسم إلا بالشذوذ والعنف والإرهاب.

إن الطريقة التي تم بها القبض على هؤلاء المواطنين، والتشهير الفظيع بهم في الصحف والمجلات، والصور المخجلة التي نُشرت لهم في جميع وسائل الإعلام، والتفتيشات الإرهابية التي جَرت لمنازلهم ومكاتبهم، والمؤتمرات الصحفية التي امتلأت بالاتهامات والتشنيعات جعلت قلوبنا تُدمي من أجل أحباب وإخوة أعزاء.

لقد بلغ الحقد والامتهان لإنسانيتهم أن كانوا يقودون المتهمين في شوارع القاهرة من دار القضاء العالي حتى مقر النيابة مُكبلين بالأغلال لاستعراضهم في الشوارع أمام الجماهير!!، وعندما عاتبت أحد كبار المسئولين على هذه المعاملة القاسية، ضحك ضحكة صفراء واعدًا بالنظر في هذا الأمر.
حتى المصوغات والمجوهرات العائلية والموروثة من الآباء والأجداد اسُتوليَّ عليها واتُخذّت أداة للتشهير والتشنيع وخرجت صوّرها في الجرائد بتعليقات مُذرية.
ومن المؤسف أن خرجت الصحافة المصرية كلها وعلى رأسها "الأهرام" و"الأخبار" بأكبر حملة تشهير بالمتهمين الأبرياء يوميًا وعلى مدى شهور وأثناء المحاكمات، مما أساء إساءة بالغة بهؤلاء الأبرياء وبسمعتهم.

لقد تألم الآلاف لِما حدث للأخ الحبيب والصديق العزيز المهندس "عدلي أبادير" للمعاملة السيئة والشاذة التي عُومل بها.
هذا الرجل الذي أعطىَ لمجتمعه الكثير والكثير جدًا من جَده وماله، كم ساعد وكم تحمّل عبء المحتاجين والمرضىَ وهو فرِح مسرور، ناكرًا ذاته رافضًا ذكر اسمه.
كم شارك في العمل الاجتماعي بمبالغ طائلة تحت أسماء مستعارة حتى لا يعرف أحد عطاءه.
إني أعلم أنه سيغضب لذكر هذه الحقيقة الناصعة ولكن يجب أن أضع الحقيقة أمام الجميع، هذا الرجل النادر المثال عُومل بهذه القسوة والمهانة التي لا يتصورها مخلوق..

إن قلوبنا كانت تتفتت حزنًا وألمًا على هذا الموقف الذي لم نكن نتصور أن يعانيه هذا الأخ الحبيب، إن عشرات الآلاف كانوا يصلون إلى الله بلجاجة طالبين إظهار براءته ورفع هذه التجربة القاسية عنه، كما أنه وهو في أشد أيام التعذيب النفسي والتشهير والاضطهاد لم يهتز إيمانه بالله وببراءته شعرة واحدة ولا قيد أُنملة... فكان دائم الابتسام والتفاؤل.
إننا نسجد لله شكرًا على إظهاره للحق بهذا الحُكم كما نقدم خالص التهاني القلبية الصادرة من عميق النفس إلى الأخ الحبيب والصديق العزيز المهندس عدلي أبادير، راجين من الله الصحة ودوام التوفيق في كل خطواته.

نُعيد نشر المقال الذي كتبه الراحل أنطون سيدهم بعد أن أنتهت قضية مصنع الورق الشهيرة والتي ذاق من خلالها الراحل م . عدلي أبادير مرارة الظلم داخل وطنه مصر 

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٩ صوت عدد التعليقات: ١٩ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع