بقلم: عزت بولس النجاح في الحياة العملية كان السمة الأساسية لحياة أبادير داخل سويسرا، إلا أن ذلك النجاح ومتعة الإستمتاع به لم يعزله عن التواصل مع معاناة المسيحيين داخل مصر، فقد كان يشعر بحجم التمييز المُمارس ضدهم لا لذنب ارتكبوه سوى أنهم لا يؤمنون بذات العقيدة الدينية للأغلبية المتحكمة في كل شيء ليس وفق مبادىء وقيم إنسانية تسع للجميع وإنما وفق تفسيرات ضيقة لنصوص دينية. في صيف 2004 بدأ أبادير في اتخاذ خطوات فعلية على أرض الواقع لإعلان الرفض لكافة أشكال التمييز المُمارس بحق المسيحيين داخل مصر، و التي هى في مجملها يناسبها جدًا مفهوم" اضطهاد" وبالفعل في ذات العام عقد أبادير أول مؤتمر قبطي لمناقشة كافة "القضايا القبطية داخل مصر" بمشاركة متنوعة من الأفراد المنتمين لمنظمات قبطية شتى في القارات الخمس كلها، إضافة لعدد من الشخصيات المصرية المعنية بحقوق الأقليات، ثم أعقب ذلك المؤتمر الأول من نوعه أخر تاريخي في واشنطن. جميعنا يتذكر جيدًا الأحاديث بطريقة عرض الفيديو التي أدلى بها الراحل م.عدلي أبادير لموقعه "الأقباط متحدون" والتي من خلالها أعلن بجرأة عن جروح الواقع المسيحي داخل مصر، بل وصدم كثيرين عندما أعلن عن ترشحه للرئاسة عام 2005 ليكون أول قبطي يقول لمن أحتكروا الوطن لصالح أغلبية دينية أفيقوا من أوهامكم لن ننتظر الفتات الذي ستلقون به لنا من حقوق فنحن لنا كل مالكم وعلينا ما عليكم. العمل كان قيمة كبيرة جدًا بحياة أبادير، ولهذا كان يعمل ويسأل دائمًا عن التطورات التي تحدث داخل مصر بشكل عام وتحديدًا في الشأن القبطي حتى في أوقات المرض الصعبة التي كان يقضيها داخل مستشفيات سويسرا، وهو بهذا الإهتمام لم يكن معيرًا أي إهتمام لتعليمات الأطباء الذين كانوا ينصحوه بالراحة التامة والبعد عن أي إنفعالات، لكنه الصراع مع الزمن والعمر فالرجل كان يريد أن يصنع قبل أن يزوره الموت مايراه واجبًا تجاه وطنه الغارق في الطائفية والرفض للأخر،وهنا يمر أمام عيني مشهد أبادير وهو بالمستشفي وكيف كانت غرف تلك المستشفيات أقرب ما تكون لطبيعة المكاتب حيث أجهزة الكمبيوتر والفاكس وغيرها. بصيرة ثاقبة...ذكاء حاد... بساطة قلب ....محبة تغمر الجميع... صفات قليلة جدًا يمكن من خلالها التعبير عن بعض مما كان عليه راحلنا الغالي من صفات، وأشكر الحياة التي جمعتني بذلك الرجل العظيم القبطي الأصيل لمدة تقترب من العشر سنوات وكم أستفدت من خبرته بالحياة وتعلمت منه الكثير،بل أنني يمكنني القول أنه حتى المختلفين مع توجه الرجل وأفكاره كانوا يحترمونه ويقدرونه ليقينهم من أن ذلك الرجل كان صادق وحقيقي في كل ما أعلن من أفكار لم يكن متلون أو مدعي لم يرغب في مجد أو شهرة أو نجاح أو زعامة فكل ذلك كان له وأكثر بكثير قبل 2004 بسنوات طويلة. الكلمات يؤلمني الآن إستكمال إستخدامها لرثاء رجل قام بتغيير مجري حياتي وأدخل لها الكثير من الحيوية من خلال الإرتباط بمجال ساخن متعلق بالأوضاع داخل الوطن مصر. |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا |
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا |
تقييم الموضوع: | الأصوات المشاركة فى التقييم: ١٣ صوت | عدد التعليقات: ٨ تعليق |