بقلم: ميرفت عياد
أكد الدكتور أحمد مدحت نصر رئيس "الجمعية المصرية للفيروسات" الكبدية أن عدد المصابين بالكبد قد وصل إلى نحو 14 مليون مصري، وبلغت نسبة الإصابة في بعض القري من 40 إلى 50% من إجمالي البالغين فوق سن 40 سنة، مشيرًا إلى أن الفيروس الكبدي «C» قد دخل كل بيت في مصر تقريبًا، مؤكدًا أن الإحصائيات الحديثة أثبتت وجود مضاعفات مستمرة نتيجة الإصابة بالفيروس مثل الالتهاب الكبدي الوبائي المزمن، وتليف الكبد والسرطان والغيبوبة الكبدية، جاء ذلك خلال افتتاح المؤتمر الثاني عشر لأمراض الكبد والجهاز الهضمي بجامعة أسيوط.
من ناحية أخرى، أكد عبدالغني عبدالحميد سليمان رئيس "قسم الجهاز الهضمي والكبد" بجامعة أسيوط أن سرطان الكبد يُعد ثاني أنواع السرطانات شيوعًا في مصر، ويُعد من الأسباب الرئيسية للوفاة بين المواطنين.
وأوضح أن نصف الوفيات من المصريين في الأعمار ما بين 25 إلى 50 سنة ترجع للأمراض الفيروسية التي تصيب الكبد ومضاعفاتها، وعادة ما تكون موجودة دون أن يشكو منها المريض، وربما تتكشف عند الفحص الإكلينيكي أو عند إجراء تحاليل طبية.
والحقيقة أننا نشكر المسئولين على هذا الوضوح والشفافية في تناول هذه القضية التي تهدر مجهود وطاقة نصف الفلاحين في أكثر فترات العمر إنتاجًا، وبالتالي تضر بالناتج القومي، أليس من العدل أن نحمي شبابنا وهم الطاقة الإنتاجية لهذه البلد التي نأمل في يومٍ ما أن تركب قطار العلم والتكنولوجيا لتلحق بالطفرة الهائلة التي تحدث كل يوم في العالم، سواء في مجال التكنولوجيا أو مجال الطب أو الهندسه أو ....... الخ .
وأتعجب وأنا أقرأ تلك الأرقام المرعبة من الوفيات واتساءل: هل هم يُطمئنون الشعب بأن كل حالات وفياتهم تحت الاحصاء؟، أليس أبدى من إعلان الحقائق فقط والبكاء على اللبن المسكوب في هذه المؤتمرات وغيرها من التي تعقد ليل نهار، أن نوجد حلاً فعَّالاً وحقيقيًا يُنقذ الشعب من هذا البلاء الذي يستنفذ موارده وقدراته ويُصيبه بالعجز في أكثر فئاته العمرية إنتاجًا؟!
وكم كنت أتمنى أن أسمع رقم الأربعة عشر مليون مواطن في شيء إيجابي مثل المخترعات والأبحاث العلمية، والجوائز العالمية، ولكن من المؤسف أن هذا العدد الفظيع يقبع تحت وطأة المرض، كما كنتُ أتمنى أن أعرف أن كل بيت مصري قد أصبح لديه الكمبيوتر، وأصبح ذا صلة بالثورة التكنولوجيا، أو حتى على الأقل وصل التعليم لجميع أفراده، ولكن من المؤسف أن كل بيت مصرى دخله الألم والعذاب، خاصة وأن معظم هؤلاء الأسر لا تملك إلا القليل الذي تسُد به رمقها، فكيف يواجهون هذه الأمراض اللعينة التي توقفهم عاجزين عن العمل غير قادرين على تحمل تكاليف العلاج الباهظة.
والسؤال الذي يصرخ بأعلى صوته، أين دور وزارة الصحة؟ هل يُعقل أنها لا تعلم هذه الإحصائيات المرعبة التي تصيب الإنسان بالغثيان لمجرد سماعها، خاصة في ظل المعاناة التي يعيش فيها الشعب الذي حُكِم عليه أن يعيش بداخل بلورةٍ، كل شيء فيها ملوث، فالهواء فاقد للأكسجين، والمياة تنعدم بها القاعدة الأساسية المتعارف عليها منذ بدء الخليقة بأن لا لونَ لها ولا طعم ولا رائحة، ولكننا استطاعنا بعلمنا الفذ أن نوجد لها طعمًا ولونًا ورائحة، والطعام حّدِّثْ ولاحرج، فكل الميكروبات به من صرف صحي، إلى مبيدات، إلى أسمدة، فكيف ونحن وسط كل هذا التلوث الذي يعيش فيه المواطن أن يحتمل أيضًا الفيروسات التي تتسلل إلى جسده كاللص في غفلة من الجهات التي من المفترض أنها ترعى صحته، فالشعب ليس مصابًا فقط في كبده، بل مصابٌ أيضًا في مرارته التي احتملت الكثير وكادت أن تنفجر ملقية ما في جوفها من مرار، وأخيرًا أدعو الله أن يرحم هذا الشعب الذي يحتمل ما لا طاقة للبشر باحتماله. |