CET 00:00:00 - 07/02/2010

مساحة رأي

بقلم: إبرام مقار
يوم الثلاثين من يناير عرفتُ جيدًا الفرق بين تظاهر الحملان وما دونهم.. فقد عُدتُ بذاكرتي إلى التظاهرات الطلابية التي كنا نراها ونحن في جامعاتنا المصرية وما كان يُقال بها مثل لا "شرقية" ولا "غربية" بل "إسلامية" وسباب لرئيس الدولة واتهامات له بأنه "عميل الإمريكان" ولا تمر أية مظاهرة بدون حرق علم أمريكا وعلم إسرائيل وعلم أي دولة غربية موجود لديهم حينها، مع حرق صور الرئيس الأمريكي الموجود بهذا الوقت والبصق عليها ووضعها على الأرض، مع ضربها بالأحذية.. ولا تنتهي المظاهرة إلا باللون الأحمر، وذلك حينما يبدأ المتظاهرون من شباب الجامعات المصري بإلقاء الطوب المصري على الأمن المصري، أيضًا ردًا على ما تفعله إسرائيل وأمريكا، ولا أعلم ما علاقة هذا بذاك.

 وقد وصف ذلك الأديب الكبير الدكتور علاء الأسواني في روايته "عمارة يعقوبيان" تمامًا كما وصفناها نحن.. وهذا للأسف كان يصدر ممن يُفترض فيهم أنهم وجهاء وصفوة شبابنا في مصر، ومصر تحديدًا التي من المفترض أنها كانت الأكثر ثقافة بين الشعوب العربية وقتها.. وهنا لا أريد أن نسرد ما يحدث في تظاهرات الصوماليين في الصومال دفاعًا عن المسجد الأقصى، ولا تظاهرات الباكستانيين في باكستان ضد الولايات المتحدة الامريكية، والتي بالرغم من أن كل المشاركين بها على قلب رجل واحد، إلا أن المظاهرات تخلف عشرات القتلى والجرحى من بعضهم البعض، وإلى الآن لا أعلم كيف يتظاهر أشخاص مع بعضهم البعض ويقتلون بعضهم البعض.
 أما إذا أردت أن ترى بنفسك تظاهرات الحملان، فندعوك أن تشاهد ما فعله المتظاهرون الأقباط في تورنتو، وهو لا يختلف عما فعله الأقباط في كل دول العالم.. أولاً وبرغم الحزن العميق جدًا جدًا في قلوب الأقباط التي أدمتها مذبحة نجع حمادي، إلا أنه لم يحدث أي تجاوز انفعالي لقبطي واحد بالمظاهرة، وعلى الرغم من الاستياء القبطي بل والمصري من تجاهل الرئيس مبارك الدائم للقضايا الطائفية وتجاهله لمذبحة نجع حمادي لمدة أسبوعين كاملين، إلا أنه لم تقَل جملة واحدة ضد رئيس الدولة عملاً بالآية التي تقول "رئيس شعبك لا تقل فية سوء".

 وبرغم أن مصرنا العزيزة أصبحت أرض الغربة والسبي لأولادها الأقباط، إلا أن هتافات "نحن نحب كندا" لم تفارق هتافات "نحن نحب مصر"، كذلك هتافات "الله يبارك كندا" مع هتافات "الله يبارك مصر" والتي رددها الآلاف باللغة الإنجليزية. وبالرغم من أنه ربما ينسب البعض هذه الأفعال الدموية إلى الدين الإسلامي كدين، إلا أنه لم يحدث أي هجوم على الإسلام كدين، بل وشارك البعض من إخوتنا المسلمين المعتدلين معنا بالمظاهرة بل وحملوا اللافتات التي تدين اضطهاد الأقباط لإيمانهم بعدالة قضيتنا.. بل وكانت الكلمة التي قيلت نيابة عن الآباء الكهنة الموقرين رائعة، بعد أن رفضوا أن يتركوا أبناءهم في البرودة الشديدة وهم يصرخون لأجل إخوتهم الذين هم في النار في الوطن الأم، وأصروا أن يُشاركونا في هذه المسيرة، كانت كلمة آبائنا الكهنة الأحباء أمام هذا التجمع الضخم بها مشاعر نبيلة جدا تجاه إخوتنا المسلمين، وأن قدرنا أن نعيش معًا لصالح وطننا الغالي الحبيب وإن تظاهرنا كان لأجل مصر وليس سواها.. يومًا فيومًا بل ودقيقة بدقيقة يسجل التاريخ عظمة الأقباط وينمو داخلنا الشعور بالفخر لأننا أقباط مسيحيون نحب الأعداء، لكننا لا نصمت على الظلم، نكره الخطية لكن لا نكره الخاطئ، حملان في محبتنا وحملان في غضبنا النبيل.. كل قبطي وديع إنما في الحق ضيغم كما علمنا قداسة البابا شنودة.. مظاهرة تورنتو والتي شارك بها ثمانية آلاف كانت مشرفة لمصر وللكنيسة وللأقباط.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٣ تعليق