CET 11:00:49 - 07/02/2010

صحافة نت

روزاليوسف

المؤكد‮.. ‬أن تأثير منتخب مصر الوطنى لكرة القدم فى عموم المصريين‮ ‬يتجاوز الفوز بأمم أفريقيا للمرة السابعة فى تاريخه والثالثة على التوالى‮.. ‬ذلك أن الإنجاز‮ ‬غير المسبوق لمنتخب‮ ‬الفراعنة‮ ‬سيأخذ طريقه إلى موسوعات الأرقام القياسية والخوارق‮.. ‬بينما ننتظر نحن بطولة أخرى تستوعب شهوة الانتصار التى أطلق لها شحاتة وأولاده البراح‮.‬

هذه أحد روافد التأثير فى عموم المصريين‮.. ‬إضافة إلى استعادة فضيلة الأداء الجماعى التى كانت‮ ‬غائبة عن العابنا‮ ‬غير الفردية،‮ ‬واللعب بروح حرة لاتستسيغ‮ ‬قاعدة‮ ‬التمثيل المشرف‮‬،‮ ‬وترفض لعب أدوار الكومبارس‮.‬

مع منتخب الفراعنة‮ ‬يمكنك أن تلمس الحلم الذى‮ ‬يصل إلى‮ ‬غايته ومنتهاه،‮ ‬وإذا لم‮ ‬يصل خط النهاية فإنه‮ ‬يبث بداخلك أملاً‮ ‬لا‮ ‬يموت‮.‬

هل لاحظت أننا نتكلم عن منتخب‮ ‬الفراعنة‮ ‬وليس‮ ‬الساجدين‮ ‬ذلك الوصف الذى‮ ‬يجاهد البعض لفرضه على المصريين‮.‬

إذا لم تنتبه‮.. ‬فلا مفر إذن من الاعتراف بأننا نرفض وصف‮ ‬منتخب الساجدين‮‬،‮ ‬ولانريده‮.. ‬بالطبع هذا الموقف سيثير الخوف فى قلوب الضعفاء الذين جرى اختطاف روحهم ووعيهم بمعرفة مروجى الفتن،‮ ‬ومحترفى تعكير الأجواء الصافية بحثاً‮ ‬عن صيد خبيث،‮ ‬أولئك الذين نجحوا‮ - ‬ربما بجدارة‮ - ‬فى النزول بالدين من عنان السماء إلى الشوارع والميادين والساحات والملاعب حتى أصبح مثل عصا‮ ‬غليظة معلقة فى الهواء لإرهاب الآمنين والمؤمنين بالفطرة‮.. ‬واعترافنا هذا مشمول بالأسباب والمبررات التى تبرهن على أن أى رمز محمل على الدين سواء كان كلمة أو صورة‮.. ‬تميمة أو أيقونة بات‮ ‬يمثل العصب الحساس الذى‮ ‬يستنفر مارد الغضب الأعمى‮. ‬ويحيل من‮ ‬يحاول التصحيح أو التحليل إلى مارق مهما كانت درجته العلمية،‮ ‬وشفافية وصدق اجتهاده‮.‬

محاولة شريرة
التصاق وصف الساجدين بمنتخب مصر الوطنى فى اللعبة الأكثر شعبية وجاذبية فى العالم‮ ‬يصعب جداً‮ ‬ـ إن لم‮ ‬يكن مستحيلا ـ التعامل معه على أنه مجرد‮ ‬NICKNAME‮ ‬هدفه تمييز منتخبنا،‮ ‬لأنه‮ ‬ينسحب على شخصية الدولة المفترض أنها وفقاً‮ ‬للدستور دولة مدنية،‮ ‬أو هكذا نتمنى لها أن تكون‮.. ‬وهى أمنية باتت صعبة أو عصية على التنفيذ فى ظل استماتة تنظيم الموكلين بإجهاض حلم الدولة الحديثة‮.. ‬هؤلاء الذين‮ ‬يرددون وصف الساجدين على طريقة الذين حملوا التوراة ثم لم‮ ‬يحملوها‮.. ‬ذلك أن فكرة التدين التى‮ ‬يجاهدون لترويجها مزيفة،‮ ‬وقابلة للاستغلال على الوجهين‮.. ‬فإذا فاز المنتخب فإن فوزه وفقاً‮ ‬لهذا الجهاد عائد إلى التزام اللاعبين والجهاز الفنى‮.. ‬وإذا انهزم تظهر تعبيرات من عينة منتخب‮ ‬البركة‮‬،‮ ‬وتصبح خطط مديره الفنى ليست أكثر من مجموعة ابتهالات شعبية،‮ ‬ودعوات من الأهل والأصدقاء‮.. ‬وتشتعل الانتقادات حول عدم وجود معايير علمية أو كفاءات فنية لدى هذا المنتخب‮.‬

مقابل المحاولات الشريرة لترويج وصف الساجدين على المنتخب وجهازه،‮ ‬هناك محاولات أشد لإسقاط وصف الفراعنة عن المنتخب كخطوة فعالة لإسقاطه عن مصر‮ ‬،‮ ‬وهى محاولات بدأت منذ سنوات عبر تيارات تنسب نفسها إلى الإسلام من قبيل البلطجة،‮ ‬وقد تنطلى أساليبهم الرخيصة والتافهة على البعض،‮ ‬بعض الوقت،خاصة عندما توصف الحضارة الفرعونية بالوثنية والكفر‮.‬ وسط هذا الصخب الذى‮ ‬يشل التفكير،‮ ‬ويعمى البصيرة ستأخذ الحقيقة منحى آخر تبدو فيه مثل أكاذيب ملفقة‮.. ‬حقيقة أن العالم كله‮ ‬يقر ويعترف بعظمة الحضارة الفرعونية واعتبارها إحدى أهم وأرقى الحضارات على الإطلاق‮.. ‬وسيصبح الكلام عن أسبقية المصريين إلى معرفة التوحيد أشبه بالطنين‮.. ‬إذ تزيد القناعة بأنها حضارة التماثيل والمساخيط‮.‬

‮ ‬يريدونها طائفية
لماذا‮ ‬يتجاهل هؤلاء الأفاقون قوة الصورة،‮ ‬وتلقائية التعبير؟‮.. ‬من أين لهم وقاحة تجاهل أن الاحتفالات الشعبية التى أقيمت فى أنحاء مصر عقب الحصول على اللقب الأفريقى السابع فى الإجمال،‮ ‬والثالث على التوالى لم تحمل أى طابع دينى،‮ ‬وليس لها علاقة من قريب أو بعيد بوصف‮ ‬الساجدين‮.. ‬الملايين الذين سهروا حتى الصباح فى الشوارع والميادين،‮ ‬في‮ ‬الحوارى والأزقة‮.. ‬فى المدن الكبرى والصغرى،‮ ‬فى القرى والنجوع لم‮ ‬يصلوا صلاة الشكر بفوز المنتخب بالبطولة،‮ ‬ولا قلدوا اللاعبين وخروا ساجدين‮.. ‬بل استخدموا تعبيرات البهجة المعروفة عن المصريين‮.. ‬رقص تلقائى،‮ ‬أهازيج مرتجلة وحتى اللعب بالنيران‮.‬

الصدمة التى روعت هؤلاء الأفاقين مروجى الفتن والقلق والتعصب أن الجماهير الغفيرة التفت بكامل التلقائية وبفطرة قادرة‮ -‬دون تمييز‮ -‬حول رمز وطنى وليس دينيا هو علم مصر،‮ ‬الذى نجح شحاتة وأولاده فى تأكيده داخل الحس الشعبى ليصبح جزءا من الاحتفال‮.. ‬لم‮ ‬يرفع المحتفلون المصاحف كما فعل أحمد سليمان مدرب حراس مرمى المنتخب فى مباراة ربع النهائى أمام الكاميرون‮.. ‬هذا الالتفاف الفطرى وتحويل العلم إلى جزء أساسى فى الاحتفالات المنصوبة فى طول مصر وعرضها أزعج المنافقين والمزايدين والمنتفعين بتجارة الدين‮.. ‬إنهم‮ ‬يريدونها طائفية‮.‬

لاعبون فى خطر
لاعبو المنتخب وجهازه الفنى،‮ ‬مثل عموم المصريين أخلاقهم العامة طيبة وتدينهم طبيعى،‮ ‬ولكن هذا تم تضخيمه والتركيز عليه وإعادة توجيهه بحيث‮ ‬يصبح التدين الشكلى هو الشىء الوحيد الذى‮ ‬يميزهم والسبب الرئيسى وربما الوحيد أيضا فى أى إنجاز‮ ‬يحققونه‮.. ‬تدريجيا تم جرهم إلى هذه المنطقة الخطرة لدرجة أنهم صدقوها،‮ ‬وأصبح معتادا جدا أن‮ ‬يكون نجم المنتخب مثلاً‮ ‬هو‮ ‬الحاج‮ ‬أبوتريكة الذى كاد‮ ‬ينزلق وينضم إلى فرع الإخوان المسلمين فى السويس لكنه نجا فى اللحظات الأخيرة‮.‬

الكارثة الكبرى أن هذه المزايدات الشيطانية التى تولد وتتضخم فى مصر،‮ ‬قد دخلت مناطق أكثر خطورة وأكثر تهورا،‮ ‬كأنها كرة نار ساقطة من قمة إفرست،‮ ‬إذ‮ ‬يجرى استخدامها للتشهير بمصر فى المحافل الدولية‮.. ‬ومؤخرا نشرت أكثر من صحيفة عالمية عن أن اختيار لاعبى المنتخب‮ ‬يتم على أسس دينية وفق القواعد الإسلامية وتساءلت هذه الصحف عن موقف المسيحيين من ذلك سواء كلاعبين أو أفراد،‮ ‬وأفاضت فى زرع الشقاق بالسؤال‮: ‬هل على المسيحيين تشجيع هذا المنتخب أم لا؟‮!‬

ناقص‮ ‬5000
إننا نقف ضد ترويج وصف الساجدين وإلصاقه بالمنتخب،‮ ‬ولن نتوانى عن ذلك،‮ ‬لأن هذا الوصف أحد تجليات الارتباك الخاص بأزمة تحديد الهوية المصرية،‮ ‬هل هى فرعونية أم عربية أم إسلامية‮.. ‬كما أننا لا نقبل‮ ‬تلك المحاولات المتخلفة التى تسعى لاقتطاع ما‮ ‬يقرب من‮ ‬5000‮ ‬سنة من عمر مصر وربط ميلادها بتلك اللحظة التى دخل عمرو بن العاص فيها مصر أى‮ ‬يريدونها دولة بلا جذور،‮ ‬أو كأن الوصف الذى اشتهرت به مصر عالميا وهى أنها أم الدنيا قد فقد بريقه وجاذبيته رغم أنه حقيقى كعين اليقين‮

‬ وقد حدد الرئيس مبارك أثناء تكريمه لمنتخب‮ ‬الفراعنة‮ ‬المعطيات التى أهلت المنتخب لتحقيق إنجازه التاريخى حين قال إن قلوب المصريين كانت مع منتخبهم فى أنجولا‮ ‬يوماً‮ ‬بيوم،‮ ‬وأن المنتخب بأدائه وحماسه وتفانى لاعبيه كانوا علي‮ ‬قدر المسئولية وعلى قدر تطلعات وآمال الشعب وكانوا نموذجاً‮ ‬حياً‮ ‬لتصميم وعزم المصريين،‮ ‬وشاهداً‮ ‬على انتماء هذا الجيل من الشباب لمصر ورقيها‮.‬

وأضاف الرئيس أن الأداء الرفيع للمنتخب فى أنجولا‮ ‬يتجاوز مجرد الفوز بالبطولة وتأكيد جدارتهم بصدارة لمنتخبات الأفريقية،‮ ‬وقال الرئيس لقد حققتم ماهو أهم من ذلك،‮ ‬وبرهنتم أمام العالم على رقى هذا الشعب فى عراقته وحضارته وأخلاقه وثقافته وإدراكه للمغزى الحقيقى للرياضة كجسر للأخوة والصداقة بين الأمم والشعوب‮..

‬كما أن هذا الفوز بمعانيه ودلالاته لم‮ ‬يكن سهلاً‮ ‬ولم‮ ‬يكن الطريق إليه مفروشا بالورود لكنه تحقق فى النهاية،‮ ‬وكما هو مطلوب فى جميع المجالات بالثقة والجهد والتصميم والكفاح،‮ ‬فتلك هى مصر،‮ ‬وهؤلاء‮ ‬هم المصريون دائماً‮ ‬وأبداً‮.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٢ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

جديد الموقع