كتبت: ميرفت عياد – خاص الأقباط متحدون
مصر محظوظة لأن لها مساحة كبيرة على البحر المتوسط شأنها شأن بلدان كثيرة لذلك تتشابه العادات والتقاليد، ومن هذا المنطلق أقامت هيئة الكتاب ندوة حول كتاب (الدائرة المتوسطية تأصيلاً ثقافيًا واجتماعية وتاريخيًا) شارك فيها مجموعة من المفكرين والمثقفين منهم د. عبد الرحمن الشيخ المؤلف, د. أحمد زايد، د. أنور مغيث, د. محمود إسماعيل.
وأدار الندوة أ. حلمي النمنم نائب رئيس هيئة الكتاب والذي بدأ كلمته بأن هذا الكتاب يتمتع بأهمية خاصة لأنه يتحدث بصورة مدققة عن ثقافة البحر المتوسط التي كانت محظوظة بوجود عدد من المفكرين الكبار أمثال د. طه حسين, د. حسين فوزي, ورفاعة الطهطاوي.
وبادر د. عبد الرحمن الشيخ (مؤلف الكتاب) بالقول بأن الدائرة المتوسطية والتي نقصد بها ثقافة البحر المتوسط لم تحظ بالاهتمام الكافي على الرغم من أنها لم تغفل عنصرًا واحدًا من مكونات الثقافة المصرية.
حيث يرى أن هذه الثقافة هي ملاذ للتمسك بالهوية المصرية العربية الإسلامية الممتزجة بالتقدم العلمي والتسامح الديني أكثر من أي ثقافة يراد فرضها في إطار العولمة.
وأشار إلى أن كتابه يهدف إلى تقديم بعض الجذور التاريخية والاجتماعية لهذه الثقافة المهمة من خلال أربعة مباحث يطرحها الكتاب، وهم: دور المسلمين في تشكيل اقتصاد إمبراطوريتي جنوه والبندقية في القرنين 16، 17، الاقتصاد الاسباني وتفاعلات طرد المسلمين في نفس القرنين السالفين، حركة الإصلاح الديني الأوروبية.
*هذا الكتاب يتحيز للإسلام:
ويرى د. أحمد زايد أن هذا الكتاب يتحيز للإسلام في فصولة الأربعة فهو يبدو كما لو كان يكتب دفاعًا عن الإسلام، والحقيقة إن دكتور أحمد له العديد من الأطروحات وهى أن البحر المتوسط هو مخزن أفكار ما يسمى بالعولمة، فهناك نظرية تقول أن هناك عصر محوري للعالم خرج من البحر المتوسط ولكنه يرى أن هناك أكثر من عصر محوري منذ العهد الفرعوني، وخروج الإسكندر الأكبر والإمبراطورية البيزنطية وأيضًا العصر الإسلامي.
معبرًا عن أن كل هذه عصور محورية تمحورت حول البحر المتوسط وقد انتهت هذه العصور بالخروج الأوربي الأخير للاستعمار الدولي والتي قامت عليها النهضة الأوربية التي قامت على نهب الشعوب المستعمرة.
*البحر المتوسط.. صانع الحضارة:
وقال د. محمود إسماعيل أن هذا الكتاب وما يحتويه من أبحاث هو تأصيل لتاريخ مصر منذ بدء التاريخ, فقد تحدث عن الإسلام وتأثره بشكل ما بالثقافة المصرية.
مؤكدًا على أهمية البحر المتوسط فهو قلب العالم وهو الذي صنع الحضارة اليونانية والعسكرية البريطانية وأيضًا الحضارة الثقافية كنتيجة حتمية لهذا كله، كما أن للبحر المتوسط ميدان جمع حضارات لثلاث ديانات ومَن يملكه يملك العالم ومنذ لحظة فقدان العرب السيطرة عليه وتحول التجارة إلى طريق الرجاء الصالح بدأ الانحطاط الحضاري الذي يستمر إلى الآن.
وقد ورد بالكتاب أن إبراهيم أبو الأنبياء كان متوسطي، لذلك فالأديان مصدرها واحد مما يعنى السلام والمحبة بين الأديان ولكن للأسف إن هذا لا يحدث على مستوى الواقع.
ونقد دكتور محمود إسماعيل ما ورد في الكتاب عن لجوء الإسلام لكنيسة الحبشة، يعنى أنه لجأ إلى مصر حيث أن من ينتمي إلى كنيسة الحبشة ينتمي إذًا إلى لكنيسة المصرية, وهذا غير صحيح لأن التاريخ يؤكد أنه حدث انفصال بين الكنيستين، كما رفض الفكرة المطروحة في الكتاب بأن المنهج الأيقوني في الرسم الأوربي قد تأثر بفكر المسلمين. وأنا اعتقد أن هذا صعب أن يحدث أن تتأثر الحضارة الأوربية والمسيحية بمجرد معارضة المسلمين لثقافة التصوير.
*الصراع بين الإسلام والمسيحية:
وتحدث د. أنور مغيث حول أن أهميه هذا الكتاب تكمن في تأريخ ما يحدث في الكواليس فهو يظهر إن التفاعلات التحتية ليس ورائها الصراع بين الإسلام والمسيحية ولكن الصراع قبل ذلك بكثير.
مشيرًا إلى أن الثقافة المتوسطية انتشرت منذ طه حسين سنة 36 من هنا نشأت الدعوة المتوسطية التي تعنى التحول إلى العالمية مثل نظام الانتخابات و نزاهتها فلم تكن موجودة من قبل في الدول الإسلامية، فطه حسين يرى أن علينا أن نقبل عقليا العلمانية وحقوق الإنسان فقد تبنت اليابان هذا المعتقد وهي بعيدة عن أوربا ولم نتأثر نحن بهذا مع أننا نعيش منذ زمن مع الحضارة الأوربية، ولذلك أرى المتوسطية يحب أن تكون مشروع مستقبل لا كيان تسيطر عليه الدول الأوربية القوية.
*الكنيسة المصرية هي روح مصر:
وعقّب د. عبد الرحمن الشيخ في نهاية الندوة بأنه لم يتطرق في هذا الكتاب إلى أي منظور لاهوتي لأن التاريخ يثبت أن هناك حركة حدثت فعلاً وهى حركة الموحدين الأوربيين في ألمانيا وهى حركة قوية حاربها الأوربيين والبروتستنت، وحينما أوردها فهذا لا يعنى أننا نتعصب لها لأنها حركة تاريخية حدثت بالفعل وقد اعتبرتها نموذج للتفاعل الذي حدث، وقد أشارت إلى أن الإسلام قد استفاد من التفاعلات الحادثة وهذا لا يعني إنني مساندًا لها أو أقف ضدها.
أما النقطة الثانية التي أحب أن أنهي بها حديثي فهي أن الكنيسة المصرية هي روح مصر التي سادت إفريقيا، فأقباط مصر مرتبطون بنيلها ويجب علينا استثمار هذا الارتباط، فمينا القبطي هو الذي شيد الكعبة المشرفة في تشيدها الثاني في عهد الرسول وهذا ما ورد في السيرة النبوية لابن هشام، فارتباط الإسلام بالديانات الأخرى وارد، ففي السيرة النبوية لابن هشام نجد كلمه مسلم تعنى مسيحي, فعندما نقول أن الإسلام دين متوسطي لا نفتري على أحد. |