بقلم : عادل عطية
ما أكثر ما تخدعنا حواسنا ، فنرى صفات سيئة ، أو : تصرفات غير حكيمة في نظرنا من نحو الحيوان ، ليست بالحقيقة في طبيعته ، ولكن نصرّ على أن نلصقها به ، ثم نصف بها بعض الناس !..
ألا نحتقر "الحمار" ، ونتهمه بالبلادة ، ونستخدمه كمسبة وشتيمة ؟!..
مع أنه يتحلى بخلق نادر ، ومن أذكى الحيوانات ، وأكثرها نباهة :
فإذا استخدمته لنقل السلع ودربته عليه ، قلما حاد عن الطريق المخطط له !
وإذا استخدمته للانتقال بين مكان ومكان ، كما يفعل الفلاح من بيته إلى غيطه ، فإنه يتذكر أقرب الطرق وأقصرها بين المكانين ، فلا يظل على صاحبه سوى أن يركب ويتفرج على ما حواليه !
وهو يحترم صاحبه فلا يرفسه ، مع أن صاحبه كثيراً ما ينهال عليه ضرباً ، وتوبيخاً ، لسبب تافه ، أو لغير سبب !
كما أنه مغرم بالأطفال ، ويحبهم حباً جماً !
ثم أنه حيوان جلد صبور على المكاره ، حتى أعتبرت هذه الصفة فيه فضيلة !
ونأتي إلى التقليب المستمر للبيض داخل الحفرة ، والذي تؤديه النعامة بمنقارها ، وجوانب رأسها ، فلا بد أن بعض البشر رأوه منذ زمن بعيد ، وحسبوا أن النعامة تدفن رأسها في الرمال خوفاً منهم ، وأشاعوا أن النعام يدفن رأسه في الرمال عند إقتراب الخطر . لم يدققوا ، ولم يفهموا ، وظلوا يتوارثون خطأ التفسير جيلاً بعد جيل ، مرددين في ثقة عمياء : "لا تكن كالنعامة تدفن رأسها في الرمال عند الخطر" !.. ولو أعطيت النعامة موهبة النطق ؛ لسخرت من الإنسان ، وقالت : "لا تكن كالإنسان يدفن رأسه بين يديه من جهله" !
كما اتهمنا الحيوان ، بأنه أصل الدموع الزائفة ، فقلنا : "دموع التماسيح" .. التي ليست سوى سائل عضوي يخرج من العينين للترطيب . كما أن التماسيح عندما تخرج من الماء ، يظهر الماء على عينيها كالدموع . والصحيح أن نصفها : "دموع الإنسان" .. فالإنسان الكائن الوحيد الذي يذرف الدموع النبيلة ، والدموع التي تحمل رائحة الخداع والمناورة !
لنعد النظر فيما توارثناه من معرفة مخادعة وخاطئة عن صفات بعض الحيوانات ؛ حتى لا تفاجئنا صفاتها ، بانها أكثر كثيراً مما يقال عن بعض الناس على كل حال ! |