في تقرير لوكالة الإستخبارات الأمريكية أعلنت فيه أن مصر فقدت دورها الإقليمي منذ خمس سنوات وهو الأمر الذي يثير علامات استفهام كبيرة حول سبب ذلك التراجع الكبير في دور مصر على الرغم من موقعها الجغرافي ومواردها البشرية الهائلة التي لم تستطع القيادة المصرية أن تستغله في تحقيق أي مكاسب سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، التقرير أرجع تراجع ذلك الدور لثلاثة أسباب منها تقدم الرئيس مبارك في العمر وهو أمر واقع لا يمكن أن ننكره، والسبب الثاني لتمتع الكثير من الدول العربية بنمو إقتصادي كبير تفتقده مصر، والسبب الثالث عدم وجود خطط مستقبلية للقيادة المصرية يمكن أن تضع أمل لإمكانية قيادة مصر في المستقبل.
التقرير غاية في الأهمية وتنبع أهميته من كونه صادر من الإستخبارات الأمريكية التي لديها علم يقيني بكل ما يتعلق بالشأن المصري، كما أنه يفسر تدهور العلاقات المصرية - الأمريكية في الفترة الأخيرة، من المعروف أن تصرفات أي إدارة أمريكية هي في الأساس تنبع من تقارير إستخبارية تحدد لها أولويات الدول في التعامل وبما يحقق المصلحة الأمريكية في النهاية، وعلى الرغم من وجود إدارة أمريكية جديدة بقيادة الرئيس أوباوما ورغبته في الإنفتاح على كل دول العالم، إلا أن ذلك لا يمكن أن يعني بالضرورة تحسن العلاقات المصرية الأمريكية دون أن يكون أو تظهر مصر قدرة كبيرة على القيادة الخارجية في الفترة الأخيرة.
كما أن تطرق التقرير إلى كل من جمال مبارك، وعمر سليمان على أساس إمكانية تولي أحد منهم الحكم، يؤكد أن الإدارة الأمريكية لديها سيناريوهات في التعامل مع كافة الإحتمالات بعد الرئيس مبارك، كما أستطيع القول أن التقرير صائب إلى حد كبير فيما يتعلق بعدم وجود تغيير كبير في السياسة الخارجية وفي عدم قدرة أي من جمال مبارك وعمر سليمان في إحداث تغيير حقيقي في السياسة الخارجية الأمريكية، فالأول وهو جمال مبارك في الأغلب سيستمر على نفس نهج وطريقة والده في السياسة الخارجية لأنه من نفس المدرسة التي يتبعها والده، كما أنه لم يستطع أن يثبت طوال رئاسته للجنة السياسات بالحزب الوطني عن وجود منهج مختلف أو رغبة في تولي سياسة خارجية تختلف معالمها عن تلك التي يتبعها والده.
أما السيد عمر سليمان فيمكن القول أنه في الأساس رجل مخابرات وليس رجل سياسة خارجية، فكل منصب يتطلب مهارات معينة، ووجهة نظرى أن منصب رئيس الدولة لا ينطبق على السيد عمر سليمان سوى فيما يتعلق بقدرته على تحقيق الأمن الداخلي لأنه رجل مخابرات، ولكن رئيس الدولة لا يمكن أن تكون كل مهمته الحفاظ على الأمن، فرئيس الدولة يحتاج إلى برنامج سياسي، إجتماعي، وثقافي، إقتصادي يستطيع من خلاله أن يحقق طموح المواطنين في حياة أفضل على كافة الأصعدة، وهو ما يتطلب أن يكون منغمس في الحياة السياسية والإجتماعية مع الأفراد أكثر منها في الحياة المخابراتية التي تتعلق كل أمورها بأمن مصر فقط.
التقرير وإن كان يضع رؤية تشاؤمية لما يتعلق بدور مصر الخارجي، فأهميته تنبع أيضاً من كونه يحاول اسشتراق المستقبل الرئاسي لمصر فيما بعد الرئيس مبارك، وطبقاً لما ذكره التقرير فإن الحال يسوء من وقت إلى آخر نتيجة عدم وجود أحزاب حقيقية تستطيع أن تقدم برامج بديلة لما هو موجود الآن، وعلى الرغم من اختلافنا مع السيد أيمن نور وكل قصته، إلا أن ما يميزه في حقيقة الأمر هو قدرته على وضع برنامج سياسي يشمل كافة جوانب الحياة المصرية، وسواء كان قادر على تحقيقه أم لا، فإن وجود برنامج فى حد ذاته له ميزة أساسية وهي الإنغماس في الحياة السياسية بشكل كامل ووجود رؤية مختلفة بصرف النظر عن صحتها.
هذا التقرير يدفعنا بشكل كبير إلى ضرورة تبني أجندة وطنية تكون مهمتها الأساسية هي وضع سيناريوهات المستقبل بما يسمح بإمكانية وجود خطط مستقبلية لمستقبل مصر السياسي والإجتماعي والإقتصادي، لأن عدم توافر ذلك سيضعنا في مصاف الدول غير المستقرة وهو ما سوف يساعد على افتقاد كامل لمكانة مصر على كافة الأصعدة السياسية وغيرها.
والمطلوب الآن هو ضرورة توحد قوة المعارضة من أجل وضع برنامج وطني واحد والعمل على أن يكون ذلك البرنامج هو البديل في حال تطلب الأمر ذلك، لأننا في هذه اللحظة يجب أن ننظر إلى مصر أولاً قبل أي انتماءات حزبية، لأن افتقاد مصر لدورها يعني افتقادنا لكثير من التاريخ الذي تحقق على مستوى الأجيال السابقة، ويعني أننا لم نكن أمناء في الدفاع عن ذلك الميراث السياسي والإجتماعي لمكانة مصر، وفي هذا الحين فنحن لا نستحق بالفعل أن نكون أبناء هذا الوطن. |
|
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|