بقلم: ماجد سمير
بعد فشل قمة شرم الشيح لدول حوض النيل والصراع القادم لا محالة بين دول الحوض، بدءًا من الماسورة الأم حتى الحنفية، وصل الأمر بين مصر وثمانية من أصل عشرة دول من الدول "المتنيلة" نسبًا إلى" النيل" إلى ما يشبه السدة في العلاقات، وقد يتطور الوضع إلى ما هو أسوأ، فنجد أن استخدام "حنفية" المياه في أي منزل من الأسكندرية إلى أسوان ومن السلوم إلى العريش يستوجب صدور أوامر واجبة النفاذ تجبر كل مصري ينوي غسل وجهه أو يده أو شرب ولو "بؤ" مياه الحصول على إذن سماح بالنظافة والارتواء من سفير بورندي بالقاهرة مختوم بختم شعار جهورية بورندي، أما في حالة وجود نية الاستحمام لدى أي مواطن تكون موافقة سفارة اثيوبيا حتمية لأن الأخوة في حكومة أديس "بابا" يعرفون جيدًا أن نحو 80 % من مياه النيل التي تصل إلينا خارجة من أراضيهم، وتظل الموافقة تصدر طوال العام من أديس "بابا" باستثاء شهر مارس فقط الموافقة ستكون من أديس "ماما" احتراما لمناسبة عيد الأم الخالدة .
ويطمع أهل منطقتي "فيكتوريا" سواء بالقاهرة أو الأسكندرية الحصول على استثناء من حالة "الدراي كلين" القاتلة التي ربما ستعيشها مصر في حالة قيام دول حوض النيل بتركيب "طبة" تسد النهر من المنبع، ويكره المصريون كلمة "المنبع" لأنها تذكرهم دائما بأحد منتجات وزارة المالية وكبيرها يوسف بطرس غالي "البكرية" في الضرائب التي يطلق عليها اسم "ضرائب المنبع" ويبدو أن هذه الكلمة سترتبط في العقل الجمعي المصري بشكل مباشر بالجفاف والحرمان، ويراهن أهالي "فيكتوريا" الإسكندرانية والقاهرية على تشابة الأسماء بين منطقتيهم وبحيرة "فيكتوريا" الشهيرة الني يخرج منها كما هو معروف أول "سرسوب" من مياه النهر العظيم .
ولعقود طويلة عاشت الحكومة المصرية في وهم التعالي على دول أفريقيا بشكل عام وعلى دول حوض النيل بالتحديد، وبات المصري العادي مع الأسف الشديد يتعامل مع القادمين من القارة السمراء وكأنه – أي المصري- من الخبراء، وأن صاحب البشرة السمراء ماهو إلا بواب رغم أن المصري بات لا يملك لا عمارة ولا بيت ولا حتى خيمة إيواء. وأضاعت الخارجية المصرية كل مجهوداتها في أشياء لاعلاقة بها بملف مياه الشرب ونهر النيل أهم ملفات الأمن القومي المصري .
وخرجت علينا الحكومة الحالية والسابقة والتي سبقتها وما قبلهم جميعا يعلنون ويملئون الدنيا ضجيجًا حول أن مصر بالخير ملاينة وأن فرص العمل كثيرة، فمصر هبة النيل والنهر به مياه تفيض عن الحاجة ويكفينا مفيض توشكي في جنوب الوادي الذي أخذ في وجهه مليارات من الجنيهات، وأتوقع أن تعلن الخارجية قريبًا عن وظيفة دبلوماسية في كل سفارات مصر بدول حوض النيل على أن تكون البداية في سفارتنا في أوغندا لأنها قريبة من شاطىء هناك، الوظيفة الجديدة تستلزم خبرة طويلة في "دلدلة" أي شىء بالحبل وليكن "سبت الخضار" على سبيل المثال وسيكون المسمى الوظيفي المزمع انشاء كادر خاص به "مبعوث ملء الجردل".
|