بقلم: مجدي جورج
بعد إذاعة الحلقة الأخيرة من سؤال جرئ حول الاضطهاد في مصر تلقيت العديد من الاتصالات من إخوة وأحباء أعزاء وذلك بصفتي من المهمومين بالشأن القبطي غالبية هذه الاتصالات تؤكد على شئ هام وهو ان الكثيرين يستغربون لما يجرى في مصر ويتساءلون الهذه الدرجة وصلت الأمور فى مصر ونحن لا ندرى ؟
وكما قال الأخ الحبيب مجدي خليل وكما نقول دائما ان عرض الحقائق بدون تهوين وبدون تهويل هو الوسيلة الأولى لحل المشاكل فاننى رددت على اصدقائى قائلا : بأن هذا جزء من الحقائق وجزء من الممارسات وبعض صور من صور الاضطهاد والوقت لن يسعنا لتعداد صور الاضطهاد وذكر كل حادثة تعرض فيها الأقباط للاضطهاد.
وبالعودة للحلقة التي حازت على إعجاب الكثيرين بسبب توضيح هذه الحقائق المريرة أقول ان سبب هذا الإعجاب بالإضافة الى الأداء الرائع للأخ رشيد والأخ مجدي خليل وعرضهم الموثق للحقائق فانه كذلك يعود أيضا لعدة أسباب : كسل معظم الأقباط فمعظم هذه الحقائق(ليس كلها) معروف ومتداول فى الجرائد وفى التقارير الدولية وعلى الانترنت ولكن معظم الأقباط يريدون المعلومة الجاهزة بدون تعب ولا بحث . كذلك فإننا عادة قوم لا نصدق إلا مايأتى به الإعلام الرسمي وقد كنا مصدقين هذا الإعلام الرسمي الذى يصور لنا أننا فى أعظم حال وانه ليس فى الإمكان ابدع مما هو كائن.
وهذا الامر ينقلنا الى نقطة هامة أخرى وهى اتصال احد الإخوة الأقباط بالبرنامج يعيب على الضيف وعلى النشطاء الأقباط ندبهم كما قال للأحوال القائمة طوال الوقت دون تقديمهم لاى مقترحات للحل وما قاله هذا المتصل يدور في أذهان كثيرين ونفاجئ به كمهتمين بالشأن القبطي.
وقبل الإجابة على هذا التساؤل أحب ان اقسم الأقباط فى مدى استيعابهم للقضية القبطية (لان استيعاب القضية وفهمها هو اول طريق لحلها ) وفهمهم لها إلى ثلاث طبقات :
1 طبقة مهتمة وواعية بحجم وخطورة المشكلة القبطية وهم أقلية ضئيلة جدا معظمهم من الأقباط المقيمين فى المهجر ومن بعض العاملين والمهتمين بالشأن القبطي فى مصر وسبب اهتمامهم تواصلهم مع العالم وإدراكهم لمفهوم عالمية حقوق الإنسان وهؤلاء لا يرضون بأقل من المساواة التامة مع كافة المواطنين فى مصر.
2 طبقة غائبة ومغيبة وغير واعية بحجم المشكلة وهم الغالبية العظمى من الأقباط ومعظمهم فى داخل مصر وسبب غياب او تغييب هذه الأغلبية يعود إلى : الخطاب الاعلامى الذي تسيطر عليه الدولة والذي يصور لهم أنهم فى أفضل حال . والخطاب الكنسي الذى يتبناه معظم الاباء الكهنة الذى يصور لهم ان هذا الاضطهاد هو الطريق الأفضل للملكوت . كذلك فان استغراقهم فى الجري وراء لقمة العيش افقدهم القدرة على تبيان حجم المشكلة. وهؤلاء يسعدهم قرار جمهوري ببناء دورة مياه او قرار ترميم سور فى كنيسة وتنشرح صدورهم أكثر وأكثر لتعيين مسئول قبطي قد ينكل بهم ويعارض مصالحهم أكثر من غيره .
3 طبقة معوقة للحل وهؤلاء هم ما يمكن ان نطلق عليهم اليهوذات الجدد فهم مدركين جيدا لحجم المعاناة التى يعانيها القبطى فى مصر ولكن لارتباطهم بمصالح مع الدولة نجدهم ملكيين اكثر من الملك ويدافعون عن الدولة ويتهمون الطبقة الأولى بالمبالغة والكذب .
وللرد على القائلين بان النشطاء الأقباط لاهم لهم الا التحدث عن المشاكل ولا وجود لديهم لاى مقترحات او حلول فاننى أقول :
اولا ان التحدث عن المشاكل مفيد جدا لعدة أسباب منها : ـ فضح هذا النظام العنصري البغيض الذى يمارس هذا الاضطهاد على الأقباط ,ففضحه عالميا وسيلة من وسائل التعريف بمشكلة الأقباط والتعريف بالمشكلة هو أول خطوة فى طريق حلها .كذلك فأن تعداد هذه المشاكل داخليا وتوضيحها يساهم فى تعريف المجتمع الذي نعيش فيه بمدى معاناة الأقباط فليس كل المسلمين إخوتنا فى داخل مصر مدركين لحجم ما يعانيه الأقباط وتعريف المسلمين المعتدلين وجذبهم لصفنا وإحساسهم بمعاناتنا يسهل حل مشكلتنا .
ثانيا ان حديثنا عن حجم المشكلة فيه أيقاظ للطبقة المغيبة من الأقباط الذين لا زالوا لا يصدقون الا ما يقدمه لهم الإعلام الرسمي وفيه فضح لليهوذات الجدد منكري الاضطهاد والتمييز فى مصر .
ثالثا ان من حق كل مظلوم ان يصرخ فى وجه ظالمه وهذا هو اقل ما يمكن ان يقوم به وان لم تصرخ متألما بسبب ما أصابك فهل تظن ان احد سيساعدك فى حل مشكلتك ؟
لذا فإننا نصرخ ونجهر بشكوانا وهذا اقل شئ يمكن ان نفعله .
رابعا إن معظم نشطاء الأقباط فى كل كتباتهم ومؤتمراتهم التي عقدوها سابقا يقدمون الكثير من المقترحات والحلول والمطالب التي لو نفذ جزء بسيط منها لكان كفيل بنزع فتيل أزمات الأقباط المتعددة ومنها مثلا القانون الموحد لبناء دور العبادة وإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية والغاء المادة الثانية من الدستور او حتى تعديلها وغير ذلك الكثير والكثير .
احبائى ان الحديث عن هذه الحلقة وعن مدى ما يعانيه الأقباط يحتاج الى مقالات ولكن دعوني انهي هذه المقالة باخر صورة من صور معاناة الأقباط فى مصر وسانقل لكم هذا الخبر الذى جاء فى عدد جريدة المصريون الالكترونية الصادر اليوم 31.8.2009 والقائل :
يقوم رؤساء مباحث مراكز أسوان بتنفيذ حملات يومية بالشوارع للقبض على المجاهرين بالإفطار فى نهار رمضان. حيث وصل عدد المجاهرين الذين تم القبض عليهم منذ بداية شهر رمضان إلى 155 شخصا وأكد مصدر أمنى مسئول أن الهدف من تلك الحملات هو ضبط الأمن العام بالشارع لتخفيف حدة الجريمة والمشكلات احتراما لشهر رمضان الكريم.
أقرئوا الخبر وأرجوكم ان تدركوا مابين السطور فهذه الحملات ليست موجه الا للأقباط فقط( فلم يعد يوجد فى كل مصر مسلمون يجهرون بالإفطار فى رمضان خوفا وتملقا) واسألوا عما قام به ويقوم به ضباط امن الدولة ضد الكنيسة وضد المسيحيين فى أسوان وهذه هى أخر ألاعيبهم للتنكيل بالمسيحيين هناك وكأننا نعيش في السعودية أو فى أفغانستان .
|
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع |
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك
أنقر هنا
|
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر
أنقر هنا
|