CET 00:00:00 - 01/03/2009

مساحة رأي

أجملُ من الزّنابق المُكلّلة بالنّدى.
أعطر من سوسن المروج ورياحين الأودية.
تفيضُ حناناً، تعصِف حِسّاً، تطفح تضحيةً وتعجُّ حُبّاً ومحبة.
في أعماقها الرأفة، وفي حناياها تجيش العِزّة والرِّفعة، وبين جَنبيْها يخفقُ قلبٌ لا يني يعزف ألحاناً عذاباً.
هذه ليست أحجيّة، وليست لغزاً، وليست من عالم الخيَال... إنّها تتواجد في كلّ بيت، فتُلوّنه وتُعطِّره وتشدوه.
إنّها... المرأة؛ هذه المخلوقة الرّائعة التي قدَّها الباري من ضلوع الرّجُل، ومن المكان الدافئ فيه.. المكان الرّاعش، الناصت دوماً لمعزوفة القلب!!

في يومِكِ وعيدكِ يحلو لنا النشيد، ويطيب لنا أن نُعايدك، ونسمو بك إلى الأعالي.
في الثامن من آذار -يوم الخليقة كلّها- حريٌّ بنا أن نُعيِّد، ونرفع قبعاتنا إجلالاً واحتراماً... نُعيِّد كلّنا، في كلّ صقع من أصقاع الدّنيا، نُعيّد بشكل رسميّ، فتجعل كلّ دولة يومَكِ -يا زهرة الأودية- عيداً وطنياً، نتفرّغ فيه لمُعايدتك وإكرامكِ.

وكيف لا يكون هذا وأنتِ الأمّ والحبيبة والزوجة والصديقة والابنة المُدلّله والأخت... بل أنتِ الدُّنيا.
أغضب "بهدوء" وشفقة عندما أقرأ كاتباً يهجوكِ، ويحاول أن يحطَّ من قدركِ، فأضحك في ضميري وأقول: ماذا أصابه؟!!
أهذا الرجل يخفق بين جنبيْه قلب حانٍ أم حجر صلد؟!! أم هو مزكوم، أم جاحد غرّرت به رجولته الفارغة؟
والأنكى عندما يتجاسر نفر من جنسنا نحن "الفحول" فيؤلف جمعية همّها الأوّل كراهية المرأة وتحطيم عنفوانها، ودوْس كرامتها ورِِقّتها.

لا أخفيكِ سيّدتي بأنّني ما كنت هكذا مؤازراً، داعماً، عاشقاً، مُدافعاً عنك كما اليوم، فأنا شرقيٌّ سيّدتي، رأيت للقمباز والسّروال هيبةً ما رأيتها لفستانك القرويّ، ورأيت للشّاربيْنِ المعقوفين من وقارٍ مُصطنع، ما لم أره في خدّكِ الأسيل، وعيونكِ الضاحكة!.
رأيت الرَّجُل يصول ويجول، ورأيت المرأة تعيش في ثياب الأمَة، المُستضعفَة والمُقتنعة بأنّ "الله "!!! يريدها هكذا، تنكسر، تشقى وأحياناً تحبو، حتّى لظننتُ وقتها أنّ البسمة على مبسمك إثم، وأنّ الضّحكة منك جريمة، وأنّ "لا" كلمة يخلو منها قاموسك..
ولكنّ حواسي شربت النُّور المُذاب من إشراقة الشّمس، وتغذّت من عصف الحقّ الإلهيّ القائل في كتاب الأجيال: "ليست المرأة من دون الرّجُل، وليس الرّجُل من دون المرأة".
إذاً نحن في "الهوى سوا"... بل أكاد أقول أقل!!! لأنّ تعبَكِ يفوق تعبنا، وتضحياتك تبِزُّ تضحياتنا، وحنانكِ تسونامي يُغرِّق البشرية!

حقّاً... الثامن من آذار عرس الدُّنيا، عرسُ الصغير والكبير والعاشق والمُشتاق والضعيف والمُتعَب والإنسان، فهيّا بنا في الشّرق نحمل راية المساواة عالياً، نرفعها في تفكيرنا، وفي سلوكنا ونهجنا وممارساتنا، نرفعها رايةً مُقدّسة، ليمتدّ هذا العيد إلى أيامٍ أخَر، وفصول أخَر، ليشمل السنة كلّها التي كلّلها الله بجوده.
هيّا بنا في الشّرق نتنازل عن "عِنادنا" الأجوف، ونقبل عنصر المُشاركة وتحمُّل المسؤوليات، والإرتفاع بالجناحين الاثنين في سماء العدل والتّفاهم وبناء جسور الثقة.
هيّا نقبل مقولة "أنا حُرّة" برحابة صدر، فهذه المقولة وهذا التعبير ليس جريرة، وليس من التمرّد في شيء، بل هو حقّ مُقدّس، إن ظلّ هو في نطاق الحريّات الكريمة والشَمَم.

دعوني أصرخ في وجوه الحكومات مثلّجة الوجدان:
كفى تفرقةً، فتخلّفكم قاد بلادكم إلى الحضيض، وانزلق بها إلى دروب الفقر والحرمان.. استفيقوا...

أمّا أنت سيّدتي المرأة في كلّ بقاع الأرض، فأريد أن أهمس في أذنك:
أنت والعمل صنوان.
أنتِ صاحبة اليد المباركة، المُثمرة، فمن يمنعكِ من العمل ويسدّ الباب في وجهك هو مجرم أو يكاد... إنه يظلم الإنسانية ويحرمها من عطاءٍ مبارك، ومن ثمرٍ حلو المذاق، يجمع بين العرق والإحساس، وبين العقل والشّاعرية.
عملك يا سيدتي إبداع، فاقرعي الأبواب وحتما ستُفتَح.
لكِ منّي في عيدِكِ الميمون محبتي الأخوية العظيمة وتقديري.. وأخيراً: في الثامن من آذار سأكون أنا ربّ البيت!!

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٤ صوت عدد التعليقات: ٤ تعليق

الكاتب

زهير دعيم

فهرس مقالات الكاتب
راسل الكاتب

خيارات

فهرس القسم
اطبع الصفحة
ارسل لصديق
اضف للمفضلة

مواضيع أخرى للكاتب

وعدْت إلى بحر الجليل

يخافون....

الزّهرة المُنسحقة تفوح شذىً

عرسُ الثامن من آذار

جديد الموقع