CET 00:00:00 - 01/08/2009

مساحة رأي

بقلم: عزيز الحاج
علقنا على معسكر أشرف مرارا خلال الفترة القليلة الماضية، حين قامت الحكومة العراقية بقطع الإمدادات الغذائية والأدوية عن معسكر يضم حوالي 3500 لاجئ سياسي بلا سلاح، من نساء وأطفال ورجال، كانت القوات الأميركية قد تعهدت بحمايتهم. وكانت الحكومة الإيرانية ولا تزال، تلح على تسليم هؤلاء، وخصوصا منذ زيارة علي لاريجاني، الذي دعا أيضا لإعادة الإتلاف الطائفي كما كان.
لقد رعى صدام المنظمة، وكما كتب الدكتور عبد الخالق حسين، نكاية بنظام خميني، الذي كان من جانبه يأوي فرقاء في المعارضة، منهم من تحولوا لمجرد موالين، هم ومليشياتهم. لكن صدام كان قد آوى أيضا قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وخصوصا قائده اللامع عبد الرحمن قاسملو، كما آوى العديد من الكوادر اليسارية المصرية نكاية بالسادات. تلك كانت حسابات مصلحية انتهازية، ولم تكن تعاطفا مع برامج وأفكار تلك الأطراف التقدمية.

قضية مجاهدي خلق شغلت العراقيين بعد الانتفاضة، حيث انطلقت أخبار كثيرة عن استخدامهم لقمع الانتفاضة. كانت مصادر تلك الأخبار الأحزاب والمليشيات الموالية لإيران، والتي نفذت خلال الانتفاضة، وتحت قيادة حرس الثورة الإيراني سلسلة من الانتهاكات الدموية، وروجت لشعارات طائفية موالية لإيران، وهذا هو الذي دفع بوش الأب للسماح لنظام صدام باستخدام الطائرات المروحية العسكرية، التي لعبت أدوارا كبيرة في سحق الانتفاضة بمنتهى الوحشية والهمجية الفاشية، وما تبعها من نشر المقابر الجماعية.
إن تلك الأخبار لم تثبت صحتها لحد اليوم، ومع ذلك فهذا شأن قديم، مثلما صارت شانا قديما مشاركة الأحزاب الشيعية والكردية في الحرب مع إيران على الجيش العراقي، جنبا لجنب مع القوات الإيرانية، وما حصل من تقتيل الجنود العراقيين، باسم المعارضة الوطنية. علما بأنه كان يمكن مواصلة المعارضة بأساليب أخرى في الخارج والداخل معا، لاسيما وأن إيران تتحمل مسئولية استمرار الحرب ست سنوات، مثلما كان صدام مسئولا عن إشعالها، ولحد خروج القوات العراقية من جميع الأراضي الإيرانية. عن الصواريخ والتفجيرات الإيرانية لم تكن سلاما وبركة على جيشنا ومدننا، ولذا فإذا كانت إيران تطالب بالتعويضات، فإن حق العراق أيضا أن يطالبها بتعويضات ست سنوات من الحرب.

قيل بمناسبة الحملة المالكية الوحشية على المعسكر إنه كان بؤرة إرهابية للصداميين والقاعدة. والسؤال، هو كيف لم تلتفت القوات الأميركية لذلك؟ وهل يعقل أنها  كانت تدرك ذلك ثم تترك الإرهابيين يخرجون من المعسكر لقتل جنودهم والعراقيين؟؟
لم تقدم الحكومة العراقية أية حجة للهجوم، سوى أنها أرادت فرض النظام، ولو كان المعسكر، [هو في الحقيقة سجن كبير]، مركزا إرهابيا لبررت الحكومة عمليتها بذلك، مع تقديم البراهين والأدلة الدامغة لتنوير الرأي العام الداخلي والدولي.
إن دفاع هذا النائب أو ذاك عن منظمة "مجاهدي خلق" تجاه الحملة، قد يكون لمجرد الكيد للحكومة، وغمز موالاتها لإيران، التي تثير أيضا أوساطا عربية تبدي القلق من النفوذ الإيراني في العراق والمنطقة، ولكن أي دفاع عن المنظمة لاعتبارات غير موضوعية لا يجب أن يدفع بعض الكتاب الوطنيين لتبرير وتأييد حملة كانت في منتهى الوحشية، سحقت خلالها المصفحات جثث ناس غير مسلحين، ومتمتعين بحماية القوانين والمواثيق الدولية؛ حملة دموية قتل خلالها 12 وجرح  حوالي 500 امرأة ورجل. الحكومة أنكرت في البداية الإصابات، ثم اعترفت بمقتل سبعة، أما مزاعم مقتل شرطة، فلا تبدو من الأخبار أنها دقيقة.
 
معلوم أن الاتحاد الأوروبي كان قد رفع اسم المنظمة من القائمة الإرهابية، ولم تفعل واشنطن ذلك كبادرة أخرى لجر إيران للحوار وعدم استفزازها، ولو كانت تعتبرها إرهابية حقا، لما تكفلت بحماية المعسكر وأخذ التعهدات من المالكي بعدم التعرض للسكان هناك.
إن محاصرة أناس غير مسلحين، معسكر هو في الحقيقة سجن، كما يقول إياد جمال الدين،  بحيث لا يجوز لأحد من سكنته الخروج ولا لأحد من الخارج الدخول، [ أي خلافا لإدعاء أنه مقر لتحركات القاعديين والصداميين، ذاهبين عائدين]، وإن قطع المعونات الطبية والغذائية عنهم ، هي ممارسات وحشية، وتفتقر للحد الأدنى من الإنسانية.
إن غزوة المالكي ضد المعسكر ليست، ومهما قيل، سوى تلبية لطلب إيراني يتكرر باستمرار، وإن أي تبرير للوحشية التي استخدمت أو التلطيف منها، لا ينسجم مع القيم والمبادئ الإنسانية التي يؤمن بها الوطنيون التقدميون. وقد أحسن الدكتور عبد الخالق حسين، في مقاله الأخير الموسوم (حول اقتحام معسكر أشرف ) عن الموضوع،  بتوضيح معظم الجوانب، ووضع النقاط على الحروف.
31 تموز 2009
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مقال ذو علاقة بالموضوع:
عبدالخالق حسين: حول اقتحام معسكر أشرف
http://www.abdulkhaliqhussein.com/?news=303

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق