CET 00:00:00 - 20/02/2010

حوارات وتحقيقات

* د.جابر عصفور: الفكر المتشدد يزرع الكراهية ولا يقبل الآخر.
* جمال البنا: أفكار السلف لا تصلح للوقت الحالب.. لا بد من التجديد.
* د. سيد القمني: أطالب عبيد الموتى بالتخلب عن التطرف لأنه مثل السرطان ينهش الجسد.
* د. صلاح قنصوة: مصر لها خصوصية ولا يصلح الفكر المستورد للتطبيق فيها.
تحقيق: محمد زيان – خاص الأقباط متحدونالفكر السلفي.. سوس ينخر في عظام المواطنة

فرض الفكر السلفي وبشدة نفسه على الساحة الفكرية في الآونة الأخيرة بما جاءت معه الريح بما لا تشتهيه سفن الاستقرار، فمنذ عقود كثيرة مضت والتشدد لا يزال هو المتربع على الساحة، هدّد الوحدة وفرّق المواطنين وساهم بقدر كبير في توسيع الفجوة بين أبناء الوطن الواحد، بشكل جعل من الأهمية بمكان على المفكرين والعقلاء أن يعيدوا القراءة الحقيقية لمفردات الواقع المصري، خاصة بعد تفجر الكثير من الحوادث الطائفية التي نتجت جراء الاعتماد على الفكر السلفي المتشدد واتخاذه منهجًا في الفكر والتعامل، فبات الشارع المصري بين سندان الإرهاب ومطرقة القتل المتنقل بين محافظاتها محمولاً على أعناق الفتاوى الإجرامية التي كفّرت المخالف وأباحت قتل غير الموافق وأجبرت على الاعتناق من لا يعتقد، بل وأججت النيران بين أهل الأديان المختلفة..
حول خطورة الفكر السلفي على المجتمع المصرى وأهمية التنوير في الاستقرار والتنمية تبحث السطور التالية هذه المسألة...

يهدد
الدكتور جابر عصفور "رئيس المجلس الأعلى للثقافة" يؤكد على خطورة الفكر السلفي المتشدد الذى يسيطر على عقول الأئمة والخطباء وبالتالي انتقاله إلى الشارع المصري وتفشيه في عقول الشباب الصغير، الأمر الذي يهدد استقرار المجتمع ووحدته الثقافية ويؤثر بالتالي على قبول الآخر والاعتراف بالتنوع الديني في مصر وبالتالي تدمير الوحدة الوطنية عبر انتقال الفكر السلفي المتشدد إلى العديد من الشباب وتغذية مشاعر العداء تجاه الآخرين الذين يخالفونهم في اللفكر والاعتقاد.
ويشير إلى أن الأفكار المتشددة التى تسيطر الآن على عقول المصريين ويبذرها المشايخ المتطرفون من فوق المنابر جاءت مع عودة المصريين من الخليج في أوائل الثمانينيات والتسعينيات، وهي الأفكار التي ساهمت بدور أو بآخر في تغذية مشاعر العداء تجاه الآخرين والإحساس الدائم بأنه فوقهم ويجب فرض أفكاره الخاصة عليهم.
ويؤكد عصفور أن الحل للخروج من هذا النفق المظلم في مصر الذي يكرس لمزيد من الكراهية والعنف المبني على المخالفة في الاعتقاد أن يساهم المثقفون والمفكرون في مصر من خلال الدوائر المتاحة لهم في تثقيف وتنوير المجتمع وتقديم خدمة فكرية حقيقية وغير متطرفة للناس.

خطورة
* جمال البنا: أفكار السلف لا تصلح للوقت الحالب.. لا بد من التجديد.ويؤكد المفكر الكبير "جمال البنا" على خطورة التشدد بالفكر السلفي في الوقت الحالي، مطالبًا بضرورة التجديد لعدم ملائمة المطروح من هذه الأفكار لمتطلبات العصر الحديث، هذا بالإضافة إلى أن القراءة في هذه الأفكار تؤكد بالدليل القاطع على مخالفتها للواقع ومناقضتها لضرورات الحوار والتوافق والقبول، بعيدًا عن دعاوى الصدام والاختلاف والرفض التي أصبحت هي المسيطرة على الساحة الفكرية في مصر بفضل التشدق بأفكار السلف القديم التي لم تعد لها أية قيمة الآن وتحتاج لغربلة حقيقية لتنقية التراث من الأمور المثيرة للجدل والداعية للكراهية والإقصاء.
ويرى البنا حتمية مواجهة الفكر السلفي بمشروع حقيقي يهدف إلى توضيح صحيح الإسلام بعيدًا عن التشدد والتشدق بأفكار لم يعد لها وجود في العصر الحالي نتيجة لفقدانها قيمتها وعدم صلاحيتها للتطبيق العملي في عصرنا هذا، مشيرًا إلى أهمية إعمال العقل في مواجهة خرافات الفكر السلفي والرجوع إلى الحكمة في الدعوة إلى تنقية التراث من الأمور الغير واقعية والمبالغ فيها والتي لم تعد صالحة للتطبيق في هذا العصر.
ويرى البنا أن انتشار الفكر السلفي المتشدد وراء عدد من الأحداث الطائفية التي تمر بها مصر في الفترات الأخيرة، خصوصا مع دعاوى التعصب والكراهية التي أصبحت متجذرة في المجتمع المصري كنتيجة حتمية من نتائج التسليم بهذ الفكر، الأمر الذي يتطلب ضرورة تضافر المفكرين وتفاعلهم مع الواقع لإنتاج نماذج فكرية صالحة للتطبيق في الوقت الحالي.

حتمية
ويذهب المفكر الكبير الدكتور "سيد القمني" إلى حتمية القضاء على الأفكار السلفية المتحجرة التي تحارب الإبداع وتتهمه بالكفر والزندقة والخروج على الدين* د. سيد القمني: أطالب عبيد الموتى بالتخلب عن التطرف لأنه مثل السرطان ينهش الجسد. في الوقت الذي تخالف هذه الأفكار في مضمونها صحيح الدين، من خلال الحرص على الارتباط الدائم بأفكار الأولين والموتى بوصفها مسلمات، بينما يدعو الدين في مواضع عديدة منه إلى التجديد والابتكار وإعمال العقل والخروج من دائرة الجمود الذي يعطل التنمية والرقي.
ويرى القمني أن سيطرة الفكر المتحجر وفرضه يحقق مصالح لفئة من الناس استقرت مصالحهم بحكم الارتباط الطبيعي بينهم وبين هذا النوع من الفكر، لا سيما وأنه يخدم مشاريع سياسية كالفكر الوهابي السلفي المتحجر الذي يكره الآخرين ولا يرى إلا نفسه فقط، بينما من الضروري أن يتم تطوير هذه الأفكار لمواجهة التحديات المعاصرة.
ويبقى سبب التخلف الذي تعانيه الأمة العربية -من وجهة نظر القمني- هو الاعتماد على فكر الموتى، لدرجة أن علماء العصر أصبحوا عبيدًا للموتى وهو الأمر الذي ساهم بقدر كاف في تراجع الأمة وتضاءلها وتخلفها على مدار القرون الماضية، بينما علت الأمم التي جددت واهتمت بالتطوير الفكري بما أظهر حضارتها على الشكل الأمثل.
ويصف القمني الفكر السلفي الوهابى بأنه مثل السوس أو السرطان الذي ينخر في الجسد ويفتك بأحد أعضائه، متنقلاً بين هذه الأعضاء ليقضي على الجسد كله بما يجب محاربته ومقاومته.

خصوصية
أما الدكتور صلاح قنصوة "مقرر لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة والأستاذ بأكاديمية الفنون" فيشير إلى أن السبب في انتشار الفكر السلفي والوهابي المتشدد هو المدرسين المصريين الذين عملوا في الخليج وعادوا محملين بالفكر المتطرف، والذين ذهبوا إلى أفغانستان وتفاعلوا مع المنظومة الفكرية المسيطرة هناك والتي لم تعد تصلح للتطبيق في مصر لأن مصر دولة ذات خصوصية فكرية ولا يمكن للفكرالمستورد أن يُطبق فيها، فهي دائمًا ما تنتج فكرها الخاص بها.
ويشير قنصوة إلى أن زيادة عدد المشايخ المتشبعين بالفكر الوهابي والتطرف والسلفي المتحجر الذين اعتلوا المنابر ونشروه كان من بين العوامل التي عجّلت بعمل غسيل مخ للبسطاء الذين يستمدون منظومة فكرهم من الشيخ والإمام والخطيب، وهو الأمر الذي ساهم بدوره في إيجاد حالة فشل عام وعجز تام عن التجديد والمواجهة مع هذا الكفر حال اقتناع الأغلبية به وإيمانها الشديد بأنه هو الصواب.
ويرى قنصوة أن هناك حاجة ماسة إلى انتاج مشاريع فكرية تنويرية تتصدى للفكر المتحجر الذي يدمر اليابس والأخضر.

شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٧ تعليق