CET 00:00:00 - 11/04/2010

مساحة رأي

بقلم : محمود الزهيري
مرض من جملة أمراض أصابت الحياة السياسية في مصر يمكن أن نتعارف علي مسماه بوجازة شديدة بأنه يقع تحت مسمي الهروب من المسؤلية , وهذا المرض يصاحبه أعراض مرض آخر يمكن توصيفه بأنه مرض توهم البحث عن أدوار تخدم علي هذا الهروب .

ماحدث يوم 6 أبريل 2010 في مصر يمثل حالة من حالات الرهاب السلطوي , لأن إستخدام هذه القوة المفرطة في العنف واستخدام فرق الكاراتيه والصاعقة ليس بجديد علي كافة أنظمة الطغيان , والجديد في مصر وجود الشرطة النسائية بكثافة في شوارع القاهرة في هذا اليوم , وكان الغرض منه ضرب وسحل الفتيات والشابات والنساء ليس بأيدي الشرطة النسائية المدربة , ولكن كان بأيدي رجال الشرطة بمزاملة نساء الشرطة في آن واحد .
ماحدث في هذا اليوم من إعتداءات علي المواطنين المصريين من الشباب والشابات , في إفراط متعمد ومقصود بدلالته يمثل حالة من حالات ضعف النظام المصري الذي لايمتلك إلا القوة العارية بتعبير أمين المهدي , والمتمثلة في جنود الشرطة وفرق الكاراتيه أو ماتم التعارف عليه شرطياً تحت مسمي القوات الخاصة , والتي تتعامل مع المجتمع المصري علي أنه يمثل مجموعات إجتماعية من المجرمين الإرهابيين , وغض النظر عن الإجرام والإرهاب الفعلي الذي هو من صنيعة النظام ذاته .

غابت عن المشهد السياسي يوم 6 أبريل 2010 كثافة الأعداد , وتعاظمت الكثافة الأمنية , فكان المشهد الأمني هوسيد الموقف بتداعيات الخوف والرهاب من المجتمع ومن قواه السياسية والإجتماعية المنهكة , والهارب بعضها من المسؤلية بأنواعها , سواء علي المعني السياسي أو بمعناها الإجتماعي  , فغابت كثافة أعداد حركة كفاية , وغابت مطامح الجمعية الوطنية للتغيير , وحضر ثلة من الشباب المحمولة أعصابهم علي عصا الأمن في تحديهم لتلك القوات الأمنية , وتناحرت الأحزاب وتسارعت لمد يد العون للنظام الحاكم مقابل مصالح مهدورة من حق المجتمع ومضافة لجيوب نفر من رؤساء الأحزاب وأعضاء هيئاتها العليا وفقط  , وغاب الإخوان المسلمين , والأقباط  , حتي الدكتور البرادعي ورفاقه غابوا عن هذا المشهد سواء كان هذا الغياب بقصد التريث حيث مدلوله منعدم القيمة , أو كان هذا الغياب بقصد محمول معناه في صورة زهنية متخيلة في روؤس الجمعية الوطنية للتغيير ولا يعلمها إلاهم وحدهم وفقط  , فلم تحرك الجمعية ساكناً تجاه المحتجزين بنقابة المحامين من الشباب النابهين الذين لم تحركهم كفاية أو الجمعية الوطنية للتغيير أو الأحزاب السياسية , أو جماعة من الجماعات الدينية , ولكن مشهد الهروب من المسؤلية تجاه هؤلاء الشباب كان هو الفارض ذاته .

في القليوبية أشيع خبر مشاركة الدكتور عبد الحليم قنديل للمشاركة في تظاهرة كبري حافلة وحاشدة ومحمولة بجملة مطالب غطت في عناوينها محافظة القليوبية ومصر بكاملها وتعدت الحدود القطرية إلي حدود الأمة العربية ومعها الأمة الإسلامية ذاهبة لفلسطين و للقدس وتحريرهما , وإلي أمريكا وتدميرها , ومنددة بالإمبريالية والصهيونية , إلا أنه وبالرغم من الإشاعة والإعلان عن حضورالدكتور عبد الحليم قنديل لهذه التظاهرة بمدينة بنها بالقليوبية , وبالرغم من ذلك كان الحضور كان متهافتاً للغاية ولم يتعد 6 أشخاص في يوم 6 أبريل حسب تعبير اليوم السابع والذي لم يستمر لمدة 10 دقائق فقط وتم الإنصراف بسلام وأمان وكأن شيئاً لم يكن, وكان الأجدي والأجدر عدم الحضور منعاً من وضع كل القوي السياسية والإجتماعية في مأزق وإظهار حالة الضعف والوهن لحالة حركة كفاية بالقليوبية ومعها شباب 6 أبريل وغيرهم ومعهم لجنة التنسيق بين الأحزاب والنقابات والقوي السياسية .

حين النزول من علي منصة سلم كرسي الزعامة تبقي الصورة أبهي وأجمل , أما الإصرار علي صعود سلم كرسي المنصة , تتحول الصورة لمنظر القماءة والكلاحة , وهذا لون من ألوان التوهم في البحث عن دور يخدم علي إيديولوجيا تمجد وتقدس فقط القائد الزعيم العلامة أو النباهة الفهامة الملهم الموهوب أو المبدع العملاق .

تحول الإجتماع التأسيسي لتدشين الجمعية الوطنية للتغيير بالقليوبية إلي مشهد رائع حيث كان الحضور في اليوم السابع من أبريل 2010 بمقر حزب الوفد بمدينة بنها والذي لايبتعد مكانياً عن ميدان سعد زغلول مكان المظاهرة إلا  خطوات معدودة في المكان , ولا يبتعد عن تاريخ 6 أبريل إلا ساعات معدودة في الزمان , والذي تمايزت اعداده من أماكن عديدة بالمحافظة , بخلاف الأشخاص الستة الحضور بالمظاهرة يوم 6 , ولكن تغيرت الوجوه , وتحددت المطالب ببساطة , ولم تكن هناك منصة فالجميع حولوا المطالب إلي منصة , وحولوها إلي منسق وزعيم ورئيس , فكان السعي لتحقيق المطالب هي المنصة وهي المهمة وهي المنسق وهي الزعيم الوحيد , ومن هنا يبدو الفارق في البحث عن مطالب محددة بطموح مأمول في تحقيقه حسب القدرة والطاقة والمقدرة , أظن قد وصلنا إلي التفرقة بين المسؤلية , وتوهم تحمل المسؤلية , ومن هذه التفرقة يمكن أن يتحول الرهاب من السلطة إلي السلطة ذاتها ليصبح المجتمع قد وضع أولي خطواته علي سلم الحريات الفردية والحريات الإجتماعية التي تؤسس للديمقراطية وحقوق الإنسان وصولاً لإبداع مفقود هو إبداع تأسيس دولة المواطنة !!

mahmoudelzohery@yahoo.com

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
شارك بآرائك وتعليقاتك ومناقشاتك في جروبنا على الفيس بوك أنقر هنا
أعرف مزيد من الأخبار فور حدوثها واشترك معانا في تويتر أنقر هنا
  قيم الموضوع:          
 

تقييم الموضوع: الأصوات المشاركة فى التقييم: ٠ صوت عدد التعليقات: ٠ تعليق