الأقباط متحدون - النخبة «الإسلامية».. أحلام دولة الإمارة
أخر تحديث ٠٤:٥١ | الاربعاء ٣ ابريل ٢٠١٣ | ٢٥برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٨٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

النخبة «الإسلامية».. أحلام دولة الإمارة

محمد إلهامى
محمد إلهامى

من خلال أسماء شابة، لها مرجعية إسلامية، تتراوح انتماءاتها ما بين العضوية الواضحة لتنظيم الإخوان المسلمين، أو التعاطف معها، ولها تأثير على الرأى العام لجمهور يشاركه نفس المرجعية، سواء بتشكيل هذا الرأى، أوتعبيرا عنه، ترصد «المصرى اليوم» كيف تفكر تلك الأسماء، وكيف تصل إلى جمهورها، مع الوضع فى الاعتبار أن الأفكار التى ترددها تختلف فى درجات من الإقناع إلى السذاجة، إلا أنها تظل معبرة عن تفكير قطاع من المجتمع بعضها يبرر الآن ما كان يرفضه أمس فى نظام «مبارك» الاستبدادى.

بعد ثلاثة أيام من تنحى محمد حسنى مبارك عن السلطة قرر أنس حسن، مؤسس شبكة رصد الإخبارية، الذى لم يتخط ٢٢ عاما وقتها أن يدلى للمرة الأولى باسمه الحقيقى: أنس فوزى محمد، الذى أخفاه فى عهد النظام البائد، والذى اضطرنا للعمل تحت جنح الظلام، وتحت أسماء حركية.

بعد عامين من الثورة، لا يزال الاسم الذى يعرف به هو أنس حسن، لا فوزى، ربما لاشتهار الاسم، يمكن أن تلاحظ بسهولة شعبية حسابه على مواقع التواصل الاجتماعى، فعلى فيس بوك يصل متابعوه إلى ٦٠ ألف فولورز، ويتخطى حاجز الثمانين ألفا على تويتر، فضلا عن المشاهدات العالية لمحاضراته على يوتيوب، بعضها من مكتبة الإسكندرية يتحدث فيها عن «تكوين الرأى العام»، و«تضليل الإعلام» و«إعلام الثورات».

رغم جمهوره الكبير على مواقع التواصل الاجتماعى وخارجها، إلا أن أنس يعتقد أن الأنبياء ما كانوا فلاسفة ولا فنانين، بل كانوا أميين من عوام الناس، فهم جماهيريون لا نخبويون، لكن لديهم نباهة ووعى، من أجل هذا شرعوا مسيرة التاريخ وحركوه فصنعوا حضارة أفضل من أى مفكر، وأن هذه «المعرفة النبوية قد يملكها الفرد الأمى». الجملة فى الأساس لملهم الثورة الإسلامية فى إيران المفكر الشيعى على شريعتى.

بهذا المنطق يرى أنس أن النخبة عليها أن تقدم مشروع إصلاح اجتماعى بخطابات غير معقدة تشتبك مع احتياجات الناس، تلك الفكرة هى وقود مشروعه، وتحركاته.

كان أنس وقتها عقب الثورة يعتقد -وفقا لحوار أجرته معه شبكة رصد- أن انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين هو آخر محطاته، فقد كان أنس الذى ولد فى الأردن، ثم انتقل مع عائلته المتدينة إلى قطر، وفى الصف الثالث الإعدادى تجاذبته التيارات الدينية، وأولها التبليغ والدعوة، ثم مع أحداث ١١ سبتمبر تتبع الفكر الجهادى الأفغانى، ثم راجع نفسه فكريا فانتقل إلى السلفية الدعوية، لكن السلبية الموجودة فى الدعوة السلفية، واصطدامه بالواقع بعد انتقاله إلى مصر، وعن طريقة قراءته كتابات يوسف القرضاوى، تحول ليصبح إخوانيا، بحثا عن رؤية تتبنى التغيير الاجتماعى فى إطار الطرح الإسلامى.

ترك أنس هندسة المنصورة ليبدأ دراسة الإعلام الآن فى الإسكندرية فى إبريل الماضى. كان قد ترك الإخوان أيضا، يقول عن ذلك «أنا إسلامى، قبل كل شىء، ولم أر فى أى لحظة أن الإخوان يمثلون الإسلام، وانضمامى إليهم كان محاولة لخدمة أفكارى».

كان أنس قد انتقل من رتبة المحب إلى رتبة المريد، وتركهم قبل «البيعة»، أو رتبة «المتابع المبايع»، لذا لا يعتبر نفسه إخوانياً بل إسلامى أرى أن الوحى هو الأساس واليقين، وكل ما عدا القرآن والسنة اجتهاد بشرى يأخذ من الشريعة.

أنس الذى ترك الإخوان لا يزال يؤيدهم مقارنة بانتقاده المعارضة، وانتقاداته للإخوان مبنية على أنهم لم يغيروا طريقة أدائهم، فهم «لا يزالون يتصرفون على أنهم ليسوا فى مواقع السلطة»، وإذا أرادوا الاستمرار عليهم أن يغيروا طريقة تفكيرهم، مؤمنا بالمعارضة من داخل المؤسسات.

رغم عدم اقتناع أنس الكامل بأداء الإخوان، إلا أنه يختار الآن بين السيئ والأسوأ، فهو يرى أن المعركة الآن بين نظام جديد متمثل فى الإخوان ونظام قديم متمثل فى الفلول.

يوضح أنس فكرته فى الأساس من خلال الإعلام، فالثوار الذين ارتكبوا أخطاء ساذجة منصاتهم الحقيقية هى القنوات الإعلامية، التى لو فتشت عن أصحابها ستجدهم من الفلول، فماذا لو تصالح الفلول والإخوان ستنقلب تلك القنوات على الثوار فورا، وقد استطاع الإخوان بالفعل استغلال النظام القديم فى فترات كثيرة.

أفكار كتضليل إعلام الفلول عند أنس ذى المرجعية الإسلامية، يتخذها جمهوره على أنها موجهة ضد القنوات، التى تهاجم التيار الإسلامى، لا القنوات الدينية وقناة مصر ٢٥ التابعة للإخوان المسلمين وشبكة رصد، التى قد تصل فى تشويهها الخصوم إلى وقوعها فى نفس ما تتهم به القنوات المعارضة، تعزز تلك الفكرة أسماء مالكى القنوات المعارضة، التى يكتبها على صفحته لتدعيم فكرة إعلام الفلول، واعتقاده أن تحويلها للتحقيق بسبب مخالفات مالية هو بداية الضرب فى المكان الصحيح، رغم ذلك يؤكد أنس أن فكرته عن تضليل الإعلام تشمل الجميع، ولا تستثنى الإعلام المحسوب على التيار الإسلامى، وأن الكل موجه يحركه «رأس المال والمصالح» تعتمد على أفكار تشبه وزير الدعاية النازى «جوزيف جوبلز».

الكل باطل، من وجهة نظر أنس، حتى لو لم يظهر ذلك لجمهوره، الذى لا يعقب أنس على تعليقاته فى حال استخدام آرائه للتأكيد على فكرة أن الإعلام يتآمر مع الإخوان.

كان أنس فى خندق واحد أثناء الثورة مع نشطاء محسوبين على التيار المدنى قبل أن تفرقهم المسارات التى تلت الثورة، واتضاح تباعدهم فكريا كأسماء محفوظ. أنس ترك شبكة رصد، ويعمل حاليا مديراً إعلامياً لجمعية حماة المستقبل، ومسؤول التثقيف السياسى بها، التى تقدم وفقا لتعريفها لنفسها على صفحتها على فيس بوك الدروس الأسبوعية والشهرية للمتخصصين فى مجالات التنمية البشرية والإعلام الإسلامى، والتنمية بالإيمان والعلوم والتكنولوجيا، ومجالس فقه القرآن، فهى جمعية تنموية خيرية تهدف إلى نشر الإيجابية، وتحرص على تربية جيل جديد من الشباب الإيجابى، يحمى مستقبله بأيديه، ويعمل من أجل بلده ومجتمعه.

يعتقد أنس أن كثيرا من أفكاره قد يفهم خطأ، كرأيه عن قضية التحرش، الذى يحدث نتيجة عدم تفاعل المصريين مع العولمة، يشرح أنس أن عملية العولمة أخذت من الحضارة الغربية، التى لا تخاصمها قشرتها، كالأفلام الإباحية والأفلام الأجنبية بما تحمله من قيم لا تناسبنا.

المرجعية الأساسية لدى أنس تتمثل فى أفكار مفكرين إسلاميين كسيد قطب وعبدالوهاب المسيرى، وعلى عزت بوجيفتش عن الوجود المتمايز لأمة إسلامية فى مواجهة الغزو الثقافى للغرب، وأن الإسلام قادر على خلق خطاب محلى موجه ومواجه. المرجعية نفسها تحرك من يمكن وصفهم بالنخب الشابة، التى تحمل مرجعية إسلامية رغم أن المقارنة بين أداء أنس وأداء محمد إلهامى الذى يعرف نفسه بصفة مؤرخ، ويتابع صفحته على فيس بوك ١٤ ألف شخص تبدو ظالمة لأنس.

يستخدم إلهامى، الذى يعتقد أن البلوك من وسائل النهى عن المنكر، الصبغة الإسلامية فى تفسير التاريخ، ويدور انتقاده الأساسى لمحمد مرسى حول ضعف انتقامه ممن حوله، فهو يشبهه بالخليفة العثمانى السلطان عبدالحميد، الذى انتهت دولته بالنفى، فمرسى صالح من داخله، ورث دولة متآكلة يتوسل إليه الإسلاميون الثائرون أن يكون أقوى، وأن يضرب بقوة، يحاولون ابتلاع أخطائه، ويكبرون أى فعل طيب منه، ولا يرضون بهزيمته، ويدعون له. لا يتمنى إلهامى أن يكون مصير مرسى كمصير السلطان عبدالحميد، الذى انتهت خلافته بالعزل والنفى، لائما على الإخوان أنهم لن ينجروا إلى معركة، وتمسكوا بضبط النفس، مستخدما خطابا تراثيا فى وصف محمد مرسى بأمير المؤمنين، «إن التقى الضعيف تقواه لنفسه وضعفه للمسلمين».

ترك إلهامى الإخوان منذ سبع سنوات، وظل مؤرخاً إسلامياً، يحيى الإخوان على ضربهم أحمد دومة فى المقطم دفاعا عن أنفسهم، ويصف من انتخبوا نقيب الصحفيين: «انتخاب الصحفيين كائنا عسكريا دليل على مستوى التخلف العقلى أو الانحطاط النفسى لمن يمسكون بأبواق تشكيل الرأى العام»، وكان من قبل يلوم مرسى فى منع حبس صحفى «حرض عليه، ودفع الثمن من هيبته ودماء أنصاره واستقرار حكمه».

أما النخبة العلمانية فيرى أن هؤلاء من وصفهم الله فى سورة البقرة «قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون»، مفسرا إياها بأنها موجهة لهؤلاء النخبويين، واصفا إياهم بأعداء الإسلام، معتبرا تلك القراءة «فيض نور ألقاه الله فى خاطره»، وأن المخالفين لإلهامى «منافقون وعميان»، والدليل من وجهة نظره خفوت أسماء تلك النخب كـ«لويس عوض وغالى شكرى»، وأنهم يسيرون إلى المنحدر فى مواجهة من سماهم رواد الصحوة الإسلامية «محمد عبده وسيد قطب والقرضاوى وفهمى هويدى»، يصف إلهامى معارضيه بأنهم سليطو اللسان، أو حاقدون، ويصف الوسطيين بأنهم «أعزة على المؤمنين، وأذلة على الكافرين» فهم لا يتخذون موقفاً بين الحق والباطل.

إلهامى له عدة كتب منشورة آخرها كتاب بعنوان «التأمل.. كيف تصل إلى اليقين».

اليقين، الذى يميز أبناء تلك النخبة هو ما يراه الباحث عمرو عبدالرحمن علامة أفول لا حراك على مستوى النخبة الإسلامية، التى ظهرت عقب الثورة، فهى أفكار لا تراجع نفسها نتيجة هذا اليقين. اليقين فى رأى عمرو فى كتابات تلك النخبة زائف، فهو يحاول دائما إثبات أن الفكرة تتميز بالأصالة والجدة، فيميل إلى تعقيد طرحه لها، لإضفاء تلك الأصالة المتوهمة على أفكار حداثية فى جوهرها، ويخشى أن يضبط متلبساً بتأثره بالغرب، فعلى عكس ما يُروج، يرى عبدالرحمن أن فكرة المشروع الإسلامى التى بدأها البنا، ونظر لها سيد قطب هى فكرة نخبوية متأثرة بالفكر الغربى الحداثى، وتحمل داخلها معطيات بالغة التعقيد، لكنها استطاعت أن تجذب لها «وكلاء» قادرين على طرحها بطريقة واضحة عكس التيار العلمانى، الذى لم يستطع أن يوضح خطابه المعقد.

لكن هذا الوضوح بدأ يفقد معناه منذ وصول المشروع الإسلامى إلى الحكم، فبدأت أفكارهم تميل إلى تلغيز الجمل البسيطة، للهرب من شبهة التأثر بالغرب.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.