الأقباط متحدون - محكمة الإستئناف الإكليركية
أخر تحديث ٢٠:٥٤ | الاثنين ١٢ اغسطس ٢٠١٣ | ٦ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢١٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

محكمة الإستئناف الإكليركية


بقلم : أولفر  
 
 
هذا المقال للإجابة علي سؤال مباشر بمنتهي الوضوح: هل يصح تعيين الأنبا بولا عضواً نائباً عن الكنيسة الأرثوذكسية في الجمعية التأسيسية للدستور للمرة الثانية؟
من الواضح أن السؤال ليس له علاقة بأي موضوع روحي أو ديني أو كتابي أو طقسي.إذن لا نتكلم هنا عن أسقفاً بل عن شخصية أرتأت الكنيسة صلاحيتها لتمثيل مطالبها من الدستور.فالحديث هنا عن عمل وطني قانوني بحت.ليس فيه ما يمس الإنجيل و التعليم و الروحانيات.إذن نحن أحرار في النقد و التقييم و إذا لزم الأمر نحن أحرار في الإعتراض الذي نحسبه سيكون إعتراضاً ليس علي كونه أسقفاً بل علي مدي صلاحيته للعمل المطلوب إنجازه.
الأنبا بولا مؤهله العلمي هو بكالوريوس علوم قسم جيولوجيا و ليس في سيرته الذاتية ما يشير إلي كونه درس أي شيء بخلاف علوم الجيولوجيا.و قد كان أسقفاً للقري قبل أن يتم تخصيصه أسقفاً لطنطا و توابعها.
 
و قد تم إسناد رئاسة المجلس الإكليريكي بالإنابة إليه منذ عام 1989 و ليس في مؤهلاته ما يشير كونه درس أي علم مختص بالعمل القانوني حيث أن المجلس الإكليريكي هو مجلس قانوني مختص بشئون الأحوال الشخصية أي مجال الزواج و الطلاق و بطلان الزواج و ما يستلزم ذلك من معرفة قانونية ليس فقط عند التنفيذ بل أيضاً عند طلب تعديلات للتشريعات المعمول بها و فهم الفقه الذي رتب هذه التشريعات ليتم وضعها في إطارها الصحيح كما قصدها المشرع.
 
لا يعني هذا أن نيافة الأنبا بولا ليست لديه معرفة قانونية لكن معني هذا أنها معرفة أتت بالممارسة و ليس بالتخصص.و لا يخفي علينا أن جزءاً من التشريع يأتي بسلطان الكهنوت فمن فم الكاهن تطلب الشريعة.لكنها الشريعة المتعلقة بالحياة الأبدية.بما في ذلك شريعة ما يحل لي و ما لا يحل لي في شئون الزواج أو الطلاق . و لا يعني أن من فم الكاهن تطلب الشريعة إلا كونه مسئولاً عن نشر الشريعة السماوية أي ما يرضي الله وما شرعه للبشر لكي تكون إطاراً عاماً يشمل جميع علاقاتهم ليس فقط الزواج و الطلاق بل كل ما يندرج تحت عنوان علاقة الإنسان بالله تبارك أسمه.
 
إذن لا تعني عبارة من فم الكاهن تطلب الشريعة أنه مؤهلاً للتشريع الأرضي القانوني لأن الشريعة التي تطلب من فم الكاهن هي شريعة الله السماوي و كلمته الأزلية التي لا تتبدل عبر كل زمان و لا تحتاج إلي تعديل أو تطوير أو تغيير.لذا نحن لا نخلط بين الشريعة الإلهية التي نتلقاها من فم الكاهن كصوت الله في حياتنا و بين الشريعة الأرضية التي تخضع للتغيير في كل زمان و حسب تغير موازيين القوي و التفاعلات المجتمعية.نحن الآن نتحدث عن الشريعة الأرضية لا السماوية.
 
هل نجح نيافة الأنبا بولا في تمثيل الكنيسة في دستور 2012 المشئوم؟
الإجابة بكل الحق لا.لم ينجح لا الأنبا بولا و لا غيره من ممثلي المجتمع المستنيرين.كل الفئات لم تنجح في فرض رؤاها علي هذا الدستور ما عدا التيار الإسلامي المتشدد الذي أخذ بفكر المغالبة لا المشاركة.أي كيف نغلبهم في مواد الدستور و نفرض أفكارنا علي الجميع  و لم يكن التوجه في اللجنة التأسيسية العار برئاسة الغرياني نحو كيف أن للجميع  الحق في إدراج رؤاهم في الدستور بعدالة و نزاهة.
 
لم يكن العيب في كون الأنبا بولا ممثلاً للكنيسة.كان العيب في كون الغرياني ممثلاً لمصالح ضيقة أطاحت بكل المستقبل الذي كان الجميع يأمله في الدستور الجديد.
لم يكن دستوراً حقيقياً بل لعبة من ألاعيب السياسة القذرة التي مارسها الإخوان في جميع المجالات السياسية و القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية في مدة حكمهم الجائرة التي نرجو الله ألا يكون لها رجعة حتي نهاية الأزمنة.
ما مهمة لجنة تعديل الدستور؟
مهمتها بوضوح هي وضع دستور جديد تماماً لمصر.أما تسميتها بلجنة تعديل الدستور و كأن الدستور القديم سيبق مع بعض التعديلات فهذا الإعلان يتم لأغراض سياسية حتي لا يحتسب المجتمع الدولي الثورة التي حدثت إنقلاباً و تعطيلاً للدستور القائم.فالتسمية هنا فرضتها الظروف الدولية التي كان من مصلحتها بقاء الجماعة الإسلامية أداة لهم في تنفيذ مخططات لإضعاف مصر و تركيعها .
و الدولة إذ رأت أن إلغاء دستور 2012 سيقوي من إدعاءات الإخوان علي الثورة أنها إنقلاب لذلك قبلت بتسميتها لجنة تعديل الدستور مع أنها ستضع كل المواد تحت طاولة البحث و التغيير لذلك سيصدر دستوراً جديداً ليس له علاقة بدستور الغرياني .
ما مهمة الأنبا بولا في لجنة تعديل الدستور؟
مهمته تمثيل الكنيسة الأرثوذكسية.و تمثيل الكنيسة شيء و التشريع شيء آخر.فالأنبا بولا مجردناقل لرؤية الكنيسة من المواد المطروحة و المقترحة.أنا أتصور أنه لابد من وجود لجنة داخلية في الكنيسة تضم فقهاء الدستور و القانون و هؤلاء هم الباحثون في دهاليز القوانين و العارفون ببواطن و أعماق التشريعات و هم الذين يقررون ما موقف الكنيسة من كل مادة مقترحة و بعدها يبدأ دور نيافة الأنبا بولا في إعلان موقف الكنيسة من المواد المقترحة أي أنه ليس الشخص الذي يحدد و يفرض فكره بل هو اللسان الناطق برؤية المختصين من الفقهاء الذين يملأون كنيستنا و نفخر بهم.هذه هي مهمته .و لكونه كان المتحدث الرسمي للكنيسة خلال فترة القائمقام الأنبا باخوميوس و خلال مراحل إنتخاب البابا توضروس الثاني فهذا أكسبه حساسية التعامل مع الإعلام مما يؤهله لهذا الدور أيضاً في اللجنة التأسيسية للدستور.
إذن ما سر الإعتراض علي الأنبا بولا ؟
سر الإعتراض أن بعض تصريحاته لم تكن موفقة.و هذه كبوات إعلامية ينبغي أخذها في الحسبان و أن لا تتكرر.علي أن بعض الإعتراضات لم تكن نزيهة لأنها صادرة من بعض الأشخاص الذين يتحاملون علي الكنيسة عامة و علي الأنبا بولا خاصة لكونهم خصوماً للمجلس الإكليريكي و لم تعجبهم بعض قراراته.و بهذه المناسبة أقدم إقتراحاً أرجو أن يحظي بالبحث لدراسة مدي ملائمته لإحتياج شعب الكنيسة.
 
إقتراح محكمة الإستئناف الإكليريكية 
 
أرجو من الله أن يرشد المجمع المقدس لأن يبحث عن صيغة لتكويين مجلس لإستئناف قرارات المجلس الإكليريكي يتكون من القانونيين وحدهم لبحث هل صدر قرار المجلس الإكليركي صحيحاً و موافقاً لمغزي تشريعات قانون الأحوال الشخصية أم شابه أي عيب من عيوب الإحالة أو التطبيق أو التنفيذ في الإجراءات أو في موضوع القرار نفسه.هذا المجلس الإستئنافي سيضع حداً للجميع الخصوم و أيضاً القائمون بالتنفيذ ليتحركوا في إطاره  و سيكون بمثابة مجلس رقابي علي المجلس الإكليركي. علي أن يكون هذا المجلس مستقلاً تماماً عن المجلس الإكليركي و ليس لأحد سلطة عليه سوي المجمع المقدس بكامل هيئته و هو(أي المجمع المقدس) في سلطته أعلي من سلطة البابا.
و المجلس المقترح ههنا الحق وحده دون غيره في تقرير قبول دعوي الإستئناف أو رفضها و له الحق في كتابة التقارير و تقديمها للمجمع المقدس .و تشمل التقارير مدي كفاءة الأحكام التي صدرت من المجلس الإكليركي .كما يحق لهذا المجلس طلب إستبعاد من يراهم  غير ملائمين لدور المجلس الإكليركي  أو تكرر في قراراتهم شبهة التحيز أو المغالطة أو المجاملة.
هذا المجلس سيريح قلب كثيرين ممن يظنون أن المجلس الإكليركي قد تعنت في حقهم.كما سيريح قلب أعضاء المجلس الإكليركي كلما رأوا أن قراراتهم لم تخالف القانون في جميع مراحل بحث القضايا الخاصة بالأحوال الشخصية.
الخلاصة هل تؤيد تمثيل الأنبا بولا للكنيسة في لجنة تعديل الدستور ؟
الإجابة نعم أؤيد  بشرط أن يكون تمثيله للكنيسة هو إقرار لما ينتهي إليه الفقهاء الدستوريين في الكنيسة بشأن ما يجب أن يكون عليه موقف الكنيسة في مواد الدستور.في هذه الحالة لا توجد مشكلة في أن يمثل الكنيسة شخصية كنسية حتي و لم يكن متخصصاً في الدستور و القانون.
و هذا هو نفس موقف فئات كثيرة في المجتمع لديها دوائر داخلية تبحث الأمر و تقرره ثم يأتي دور ممثلها في لجنة تعديل الدستور لإعلان ما إنتهي إليه البحث.لذا فإختيار نيافة الأنبا بولا ليس بدعة.فقط نضع له المحاذير أن لا يسبق اللجنة المشكلة لبحث المواد و ألا يصرح دون الرجوع إليها أولاً .و أن ينتبه إلي ألاعيب السياسة في أروقة اللجنة التأسيسية.و أن ينقل كافة ما يراه و يسمعه و يلمحه للجنة الدستورية الداخلية للكنيسة لكي تحتاط علماً بما يجري من توجهات و تعطي توصياتها للأسقف لكي يتحرك في دعم التوجهات التي تراها الكنيسة في صالح مصر و صالحها.
 
.
يوم الرب
اليوم يومك يا رب.مثل كل الأيام التي وضعتها لكي نفرح بها.يومك أنت لأنك صانع الأحداث التي فيه.
يومك لأنك عليه تتسلط.لم تدعنا تحت سلطان جائر بل أعلنت بذراعك كيف تشتت المستكبرين بفكر قلوبهم.لقد نقلت إلينا نفس خبرة العذراء في تسبحتها.لذلك نفتخر بيومك الذي صنعت.
يدك معلنة أمام الكل.ليس أحد ينسب لنفسه الفضل في شيء.أنت حررت شعبك.أنت كسرت قيودهم.أنت أعلنت سلطانك و ليس سواك.
ما فضل العصفور حين ينكسر الفخ و ينجو.هل تفتخر العصافير؟بل تطير و تعلن مجدك في كل الأجواء.تسبحك علي الرغم من ضآلتها.و أنت بعظمتك تحب تسبيح العصافير .واحدة منها لا تنساها.ما أجملك حين يتبارك أسمك.به يتبارك يومنا.به يتكرس العمر.به يتقدس كل أحد.هذا اليوم يومك. إفعل بنا فيه ما تشاء.فالوقوع في يدك رحمة.و الوقوع في يد إنسان غضب لا نقدر عليه.
لعل هذا اليوم تتجلي فيه عظمتك في الأقطار التي قاومت إسمك طويلاً.إعطها اليوم راحة فتتذوق نعمتك.هذه البلدان من الغرب إلي الشرق تحتاج إلي معرفتك المخلصة.هذه البلدان يموت الشيخ فيها دون أن يعرف ما هي النعمة.لأجلها نصلي.لأجلها تنكسر نفوسنا أمامك.إعطها مذاقة الملكوت.يومها لن تبرح دار النعمة.بل تبقي هناك في المربض تستمتع بالمراع الخضر مراع الحياة الأبدية.
يومك اليوم.لكي تتكلم في أسماع لم تسمعك من قبل.لكي يبصرك من لم يبصرك من قبل.لكي يعرفك من قالوا في جهلهم ليس إله.اليوم يومك لتصالح و تداوي و تحيي.النفوس بالملايين مقبورة.تعلن عن موتها مبكراً.إعلن أنت عن حياتك فيها سريعاً فيكون بالحقيقة يومك يا رب.يومك حين تعود إليك الشعوب و القبائل و الألسنة.يومك حين يستمتع المحرومون من منازلهم في بيت أبيك.حين تعود أسماء الذين حسبوا غير مستحقين للمائدة المعدة و نقرأهم في سفر الحياة.هذا يومك لكي يعلن إنتصار اللاهوت علي ضعفات الناس.إنتصار مراحم المسيح له المجد علي كل خطية في حياة البشر.اليوم نتلمس كثرة مراحمك علي الذين هم أكثر حاجة إليها مثلي أنا.اليوم يومك و بنعمتك نملأه تسبيحاً و حباً و تسامحاً .اليوم متي صار يومك فإنه يحتسب من أيام الأبدية.يومك لن ينته أبداً هو موجود علي الدوام.يومك هو العمر كله.هو الرجاء كله.هو الأبدية.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع