الأقباط متحدون - أقباط الصعيد‏...‏ محنة وطن
أخر تحديث ٠٤:٢٦ | الاثنين ١٢ اغسطس ٢٠١٣ | ٦ مسري ١٧٢٩ ش | العدد ٣٢١٦ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

أقباط الصعيد‏...‏ محنة وطن

أقباط الصعيد ضحايا عنف طائفي بمصر
أقباط الصعيد ضحايا عنف طائفي بمصر
منذ أن دشن الرئيس الأسبق انور السادات انطلاق مسيرة الخلايا الراديكالية الإسلامية السياسية‏,‏ عقب توليه منصب الرئاسة‏,1971,‏ وهي لم تتوقف لحيظة عن ترجمة حلمها الأثير بإحكام قبضتها علي مفاصل الدولة والمجتمع‏
 
بعد كبوتها في محاولاتها الأولي عقب ثورة52, عندما اصطدمت مع عبد الناصر الذي غل يدها عن التدخل في قراراته وإخضاعها لمنهجهم ورؤيتهم, بحسب طلبهم إنشاء هيئة فقهية تراجع القوانين قبل إصدارها, وفرض أنفسهم أوصياء فعليين علي الثورة آنذاك, فبادروا بمحاولة اغتياله في ميدان المنشية بالإسكندرية1954, فيبادر باستهدافهم في معركة ممتدة حتي رحيله.
 
كانت لحظة مجئ السادات فارقة, وطن يئن من صدمة هزيمة ساحقة مروعة يونيو67, وأحلام تتكسر علي صخرة واقع هش وتحالفات دولية متربصة وعتية, وغياب مفاجئ لزعيم سيطر علي المشهد بجملته, وقادم يبحث لقدمه عن موقع فلا يجد, فكان أن قرأ المشهد بعناية وحنكة جمعت خبرة السياسي والفلاح وعضو الجمعيات السرية, فكان الحل أن يزيح ايديولوجية مسيطرة بأخري تدغدغ انكسارات الشارع وتحيلها إلي الغيبيات, وتطلق حملة تبث فرية أن الهزيمة والإنكسار والفشل مرده البعد عن الله, فلنسارع الي العودة إلي الإيمان, ويقدم نفسه عبر ماكينة الإعلام رئيسا مؤمنا لدولة العلم والإيمان التي تقوم علي أخلاق القرية.
 
ويطلق يد الجماعات الإسلامية المتطرفة والمتعطشة لإبتعاث ما فاتها بامكانات جديدة ومتطورة ودعم رئاسي, كانت انطلاقة هذه الجماعات من قلب الصعيد علي مرحلتين ـ الوفاق والصدام مع السادات ـ واستهدفت منذ اللحظة الأولي الأقباط, سعيا لخلق مجتمع أحادي الثقافة وعمودها الفقري الدين, وعلي جانب أخر لكونهم مصدر تمويل ابتزازا وترويعا, وفي المقابل تراخ مؤسسي ورسمي في تعقب الجناة وإعمال القانون, بل ابتدع النظام في مرحلتيه الساداتية والمباركية نسق الجلسات العرفية, في ردة عن دولة القانون لحساب العرف وفي تأكيد علي الردة الحضارية التي تدعم توجه الإرهابيين, وأطلق علي الأعمال الإجرامية المستهدفة للأقباط ممتلكات وأرواح, مسمي مخاتل ومراوغ الفتنة الطائفية, ولم يتراجع استهداف الأقباط مع مجئ مبارك بل ازداد تغولا وعنفا, ليصل الي إحدي ذراه في احداث كنيسة القديسين بالإسكندرية مع ميلاد السنة الجديدة2011,.
 
وعندما اجتاحت مصر رياح الانتفاضة الثورية25 يناير لاحت في الأفق عودة الروح المصرية العريقة وقد اغتسلت روحها بموروثها الحضاري التراكمي, وانبهر العالم بالمشهد الحضاري وهو يتابع مشاهد الإندماج الوطني التلقائي في ميادين التحرير, الأمر الذي كبر علي القوي الإرهابية فهمه وقبوله فسرعان ما روعوا الأقباط مجددا بالأعمال الإجرامية بقرية صول بأطفيح ـ الجيزة فوصلوا ما انقطع في مسلسل الإرهاب, وجاء الحل يحمل اشارات مريبة لم يلتفت اليها غالبية المتابعين, فقد قاد ما سمي المصالحة رموز من التيارات المتشددة بعد ان توفر لهم مكانا بجوار القيادة الحاكمة, في تكريس جديد للحلول العرفية المعطلة للقانون والمهدرة للحقوق, وتمتد سلسلة الإستهداف بالتتابع.
 
وعندما وضع الإخوان ايديهم علي مقاليد الحكم, لم يتوقف المد عن استهداف الأقباط بل يشهد إضافات أخري تمثلت في حملة التحقير الممنهجة للعقائد المسيحية عبر فضائيات التيار نفسه ومن يواليه وحرق للإنجيل, وتعقب العديد من المسيحيين بتهمة صارت غذاء الإعلام والمحاكم اليومي إزدراء الأديان, واستمر مسلسل الهدم والتضييق علي الكنائس, لتصل إلي الاعتداء علي الكاتدرائة والهجوم عليها, وخطف رجال الأعمال والشباب وابتزاز ذويهم بالأتاوات والاستيلاء علي الأراضي والممتلكات خاصة في محافظات ومدن الصعيد, في مسلسل غامض وغياب تام للدولة والسلطة. فيما يؤكد المباركة بالصمت وعدم الإدانة في حدها الأدني.
وفي موجة ثانية يأتي الخروج الكبير في30 يونيو, يرفض فيه الجسد المصري عملية زرع التنظيم الإخواني المغاير لجيناته وانسجته, ويتنفس الشارع المصري مجددا نسيم الحرية, ويسعي لترتيب اوراقه ويعيد طرح خارطة طريقه وفق مطالب الثوار الصحيحة والتي تبدأ بوضع دستور يحقق التكامل والتوافق الوطني, خلوا من مثالب وعيوب دستور2012 المختطف, والذي كتب بليل.
ومجددا ينتفض التنظيم بعد عزل الرئيس وتسليم السلطة الي قيادة مدنية وفق الترتيب الصحيح, الذي غاب عن الانتفاضة الأولي, وقد راع التنظيم الإخواني انهيار حلم الخلافة الذي أسس له وسعي وأرهب لما يقرب من الـ90 عاما, فيرتد إلي ادواته العتيقة حين كان يعمل تحت الأرض وتنتعش حاسته الإرهابية التي اشتهر بها تنظيمه الخاص الدموي, فيحرك البسطاء ليحتلوا ميداني رابعة والنهضة, بعد أن ادخل في روعهم أن سقوط الإخوان هو سقوط الإسلام ـ هكذا ـ ولم ينس العداء الموغل في صدر التنظيم منه نحو الأقباط فيحرك ميليشياته ليروعهم خاصة في محافظات الصعيد; المنيا واسيوط وسوهاج فضلا عن سيناء, يهدمون كنائس وبيوت الأقباط ويرفعون علم القاعدة علي المطرانية, قبل أيام, وسواء كان الهدف خلخلة امن الوطن توطئة لرجوع متوهم, أو لتحسين شروط التفاوض لخروج آمن أو عودة للمشاركة في المشهد السياسي بمراوغة يجيدونها, وبضغوط دوليه تري فيهم ضمانة المصالح التاريخية للقوي الدولية, أيا ما كان الأمر فإن اللافت الصمت الإعلامي غير المبرر عن فضح هذه الممارسات الإجرامية وصمت الحكومة عن تعقب الجناة وكأن الشأن القبطي خارج الهم والاهتمام الوطني المصري.
الأقباط هم وفق معطيات التاريخ في مقدمة صفوف الزود عن الوطن مع اخوتهم المسلمين وأول من يدفع الثمن, لذلك فتصحيح ادارة ملف حماية حقوق ووجود وأمن الأقباط لا يمكن اعتباره مطلبا طائفيا بل هو مدخلنا لإنقاذ الوطن من مخطط التفكيك والانهيار.. فهل نجد من له آذان للسمع... ويسمع؟.

نقلا عن الأهرام
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع