الأقباط متحدون - العبادةَ لا تحتاج هذا الكَم من المساجدِ والكنائس
أخر تحديث ٠٠:٤٦ | الاثنين ٢٣ سبتمبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ١٣ | العدد ٣٢٦٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

العبادةَ لا تحتاج هذا الكَم من المساجدِ والكنائس

بقلم: الشيخ د. مصطفى راشد
لفتَ نظرى هذا الكم الهائل من دور العبادة فى بلادنا التى تصل لحوالى 250 ألف دار عبادة  بمصر  ،  مابين مسجد وكنيسة ودير وغيرها من الأماكن المخصصة للعبادة ، وهى نسبة عالية جداً ، مقارنةً بغيرنا من البلاد المتقدمة علمياً وسلوكياً ، وبإحصائية حسابية لهذه المبانى ، وجدنا أن أرض ومبانى هذا الكم من دور العبادة، يقدر بحوالى 850 مليار جنيه  ، وأن مصاريف تشغيل هذه الدور من مرتبات ومياه ونور وفرش وغيرها  تقدر بحوالى 585 مليار جنيه ، فيكون المجموع 1435 مليار جنيه، ولأنى أستاذ للشريعة ودارس لمقارنة الأديان ( الديانات ) أعرف أن الله سواء فى الإسلام أو المسيحية، لم يشترط  للعبادة مبنى أو شكل معين ، بل قد أعلى من شأن العبادة الخالية.
 
فهذا هو رسول الإسلام (ع )  يقول على لسان أبى هريرة (ض) فى حديث (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) الذى رواه الشيخان البخارى ومسلم  حيث يذكر النوع السابع الذى سوف يظله الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله  بقوله (ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه )، كما أن جميع الأرض جُعَلت للمسلمين مسجداً وطهوراً .
 
كما ورد فى  البخارى حديث جابر بن عبد الله --عن الرسول (ع) قال (أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً فإيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد من قبلي، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة ، وبعثت إلى الناس عامة.)  متفق عليه  .
 
وايضا قوله تعالى فى سورة الإسراء آية 110 (  قُل أدعُوا الله أو أدعُوا الرَحَمنَ أياً مَاَ تَدعوا فَلَهُ الأسمَاءُ الحُسنَى وَلا تَجهَر بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِت بِهَا وابتَغِ بَينَ ذَلكَ سَبيلاً  ) .
 
كما أن الكتاب المقدس فى العهد الجديد ( الإنجيل ) يقول فى إنجيل متى آية 6:5   (وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ )! 
 وايضاقوله فى إنجيل متى آية 6:6 (وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً  ) .
 
وايضا فى إنجيل لوقا آية 22 : 41  قال  (وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى ) 
ورغم هذه الآيات الواضحة الجلية فى الإنجيل والقرآن، التى تدلل على تعظيم الصلاة الخالية، لبعدها عن المظهرية والرياء ، إلا أن الرياسات الأرضية البشرية  من رجال الدين فى الجانبين، قد وجدوا فى هذه المبانى تكبير لزواتهم ، وتثبيت لرياساتهم  ، والتحكم فى شعبهم وأتباعهم ، فجعلو التركيز فى إنشاء دور العبادة  دون المدارس والمصانع والمستشفيات ودور الأيتام  ، رغم أن هذه المبانى   تقدم أعلى صور للعبادة، وهى العبادة العملية وماتحمله من مقاصد السماء من التكافل والعدالة الإجتماعية ، والتراحم بين العباد وحماية كرامتهم ، لأن المؤمن القوى خيرً من المؤمن الضعيف ، فالمؤمن المتعلم  الذى يكسب من عمل يديه  وصحته جيدة ، أفضل من المؤمن الجاهل الذى يتسول حاجته  ويعانى من الأمراض ، لذا أتخيل لو أن 1435 مليارقد صُرِفَ منها 435 مليار على دور العبادة  ، و1000 مليار على مدارس ومصانع ومستشفيات ودور للأيتام  .
 
فما هو الحال الذى كنا عليه الآن -----، لذا نحن نطالب  الحكومة بالإكتفاء بدور العبادة الموجودة حالياً ، وإصدار قرار فورى شجاع، مدرك لمقاصد السماء ، تصديقاً لقوله تعالى  (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) التوبة  آية 105 ، وقوله تعالى فى إنجبل متى آية 5 : 19  (وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. ) بأن تصدر الحكومة قرار ، بتحويل أى طلبات لإنشاء دور عبادة إلى مدارس أو مصانع أو مستشفيات أودور للأيتام  ، حِسبةً لله تعالى  ، وإعلاءً لمقاصد السماء التى تهدف إلى العدالة والتكافل الإجتماعى ، لأن الله غيرُ محتاج والعبد محتاج .
 
فهل من سبيل لإعلاء وتطبيق  مقاصد السماء  الصحيحة  ، والبعد عن الشكل والإهتمام بالجوهر ، لأن الإهتمام بالشكل والبعد عن الجوهر  ، أعطانا مجتمع ملىء  بالسلوكيات الرديئة  والأفكار الهدامة التى تنتِج متعصب ومتطرف وإرهابى ، بعد أن حرمناهم من التعليم الصحيح ، والحق فى العمل والعلاج ، وتقديم الكفاءة على الأهل والعشيرة ، كى نرى مصر  تتقدم فى المسيرة .  
وعلى الله قصد السبيل وإبتغاء رضاه   
الشيخ د\ مصطفى راشد   عالم أزهرى وأستاذ للشريعة الإسلامية 
رئيس جمعية الضمير العالمى لحقوق الإنسان وعضو
إتحاد الكتاب الأفريقى الأسيوى ونقابة المحامين المصرية والدولية
والمنظمة العربية لحقوق الإنسان    
E -  rashed_orbit@yahoo.com
http:||www.ahewar.org|m.asp?i=3699  

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter