الثلاثاء ١ اكتوبر ٢٠١٣ -
٤٦:
٠٦ م +02:00 EET
بقلم : أثناسيوس فهمي جورج
يسوع المسيح نجار الناصرة في سنيّه الأولى؛ كان متخصصًا في صناعة كل من (المحراث والنير)، ولعل تلك الصناعة قد تجسدت في خدمته؛ لأنه كان يلقي بنير الإيمان على المؤمنين به ليحملوا محراث الملكوت ويشهدوا للعالم، وينحنوا لنير الشهادة على رابية الزمان. لذلك صارت الشهادة واقعًا ملموسًا وإكليلاً متحلقًا فوق الرؤوس للذين يقدمونها بجراءة لينالوا الملكوت الموعود.
واليوم في جو مفعم بالاستشهاد وكنيسة محاصرة بالاضطهاد والمضايقات؛ ذهب الأنبا مكاريوس أسقف المنيا في جوله معتادة ضمن افتقادة للمتألمين والحزانى والمنكوبين من جراء الهجمات الإرهابية على رعيتة؛ وهناك عند مدخل إحدى القرى هاجمه القتلة بوابل من الرصاص الغادر في محاولة خسيسة لقتله مع سبق الإصرار والترصد؛ ستمرت لساعات؛ إلا أن الله نجاه وأبقاه من أجل خدمه كنيسته التي قامت بالتدبير الإلهي، ليكون حيًا مشجعًا ومعزيًا ومقويًا شعبه كالأساقفة الأولين؛ الذين سبقوه من أمثال أغناطيوس الأنطاكي وكبريانوس القرطاچي في أزمنه الاضطهاد في القرن الرابع... فمدينة المنيا محسوبة ضمن أشهر الإيبارشيات التي طالتها أيادﻱ الاضطهاد الإرهابي.
وأبونا الأسقف الشهيد الحي قد شارك شعبه وتقدمه في الكدح الروحي طارحًا اليأس خارجًا كمنتصر في حروب الرب، صائرًا ناظرًا لشعبه، يشبه السقف الذﻱ يحفظ ويغطي القاطن تحته، مدافعًا وساترًا لخصوصيات شعبه وحرماتهم، وهو على هدى مبادئ الأولين يحمل المعنى السليم لتقليد الكنيسة في فكرة وسيرة خدمتة لشعبه، على اعتبار أنهم سادته، وفي إجادة أمينة للعمل الأسقفي، موجودًا في نفسية الناس، يجتاز في وسطهم ويجول يصنع خيرًا.. لذا هو يتربع على عرش قلوبهم في حضور روحي ووجداني... يمارس سلطة الحب وغسل الأرجل؛ فتتكاثر خلاياها، مظهرة علامات الرضا والبنيان والتعزية، وبقدر حبه وإدراكه الروحي العالي؛ بقدر ما يستميت في رفع العناء والألم عن شعبه المحمل بالمر واللبان؛ جراء الإعتداءات النفسية والمعنوية والمادية بالتخريب والسلب والهدم والقتل والمحرقة.
ولأن الشيطان واحد منذ البدء؛ فقد حرك أولاده لحرق الكنائس وهدم وسلب ممتلكات المسيحين وصاروا يصيحون بخيال شيطاني (الله أكبر) وكان كل من لا يشارك في هذا التعدﻱ يكون مقصرًا ومجرمًا في حق إلهه... لكن يعظم انتصارنا بالذﻱ أحبنا.
إن الأنبا مكاريوس اليوم متسربلاً بحلة الفداء من أجل البيعة؛ ويضع نفسة مثلاً مستعدًا لهذا وذاك، وقد أبقاه الله لاستكمال دوره في حصاد ثمر الخلاص، فيتعظم بيننا حسب قانوننا بزيادة، مدعمًا بالخيرات الكثيرة وحصاد خلاص النفوس، حتى يصنع الجميع مشيئة الله ويتمموا مقاصد عمله، ويأخذ الحاصد والغارس والساقي أجرتهم للحياه الأبدية؛ وتبقى الكنيسة حية ولا تقويَ عليها بوابات الجحيم.