الأقباط متحدون - الدين أسمى من الصبينه
أخر تحديث ١٩:٥٤ | الثلاثاء ١ اكتوبر ٢٠١٣ | توت ١٧٣٠ ش ٢١ | العدد ٣٢٦٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

الدين أسمى من الصبينه

حنا حنا المحامى  

 
فى القرون الوسطى كان الدين يستعمل للحصول على أكبر الغنائم الماديه والسلطه الاداريه.  وتحت سلطة الدين عانت الدول الاوروبيه معاناه طاحنه إلى أن قامت الثوره الفرنسيه وغيرت المفاهيم تغييرا جذريا فطبقت الديمقراطيه تطبيقا أمينا دلك أن الشعب والقاده كانوا أمناء مع أنفسهم وأدركوا أن هذه الدول لن تحقق أى تقدم طالما سيطر عليها الصراع الدينى.  ولا شك أن الصراع سيستمر بل ويدوم طالما تدخل الدين فى نصوص السياسه.  وبالاصرار والصدق مع الذات حققت الدول الاوروبيه التقدم المنشود بل والرقى.  رقى فى الفكر, رقى فى العلم, رقى فى السلوك,رقى فى الاقتصاد بل ورقى فى الحكم.
 
أما فى الدول العربيه وعلى رأسها مصر فالصوره مختلغه اختلافا جوهريا, وكأن الشعب ينفخ فى واد تارة بسبب التعصب الذى لا يلين ولا يؤمن بالحريه أوبالعلمانيه إللهم إلا للتشدق قولا لا عملا.
 
وأقرب دليل على ذلك ما نشاهده فى مصر فى غضون الشهور المنصرمه. 
 
كما نعلم استولى الاخوان المسلمون على الحكم وقضت مصر أسوأ أيام قضاها الشعب المصرى سواء من الناتحيه الامنيه أو الاخلاقيه أو السياسيه أو الاقتصاديه.  وللأسف كان ذلك بمباركة بل وإعداد الدول الكبرى.  ما معنى ذلك؟ وما الغرض منه؟
 
لن يختلف إثنان مهما كانت درجة ذكائهم محدوده أن الدول الكبرى هى التى سعت إلى زج الاخوان فى الحكم.  والغرض من ذلك هو تفتيت مصر حتى تكون دوله ضعيفه مفككه لا ولن ترفع رأسها على مر التاريخ.  وفكرة التفتيب لا شك أنها ولدت بعد دراسة فتبين أن الاخوان ليس لهم أى انتماء وطنى, كما أنه يمكن فى ظل حكم الاخوان غير الوطنى اقتناص شطر ليس باليسير من سيناء, ومتى تم ذلك أصبحت مصر فى حالة احتضار كامله معدومة القوه والكيان والشخصيه الاعتباريه ومن ثم يمكن لشراذم الاخوان أن يقتسموها كغنيمه.  فيتحكموا فيها وفى شعبها كيفما شاءوا.
 
ولكن قدر الله كان أسرع وأقوى وأصوب وتهاوى الحلم الشرير على يد الشعب العظيم بمساندة القائد العظيم الفريق السيسى.
 
حينما تهاوى الحلم صدمت الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا.  وشرعت تلك الدول  تنادى وتدعى أن ما حدث كان انقلابا على ما أسموه "الشرعيه" وبدأوا يدعوا –على خلاف الحقيقه التى يعلموها تمام العلم- أن ما حدث كان انقلابا على تلك الشرعيه.  وكانوا يؤكذوا على أن شرعيه مرسى المنتخب انتخابا حرا سليما بأغلبية الشعب المصرى وأن هذا الانقلاب كان من الجيش الذى اعتدى على تلك الشرعيه.  طبعا كانوا يرون فى الصور الفضائيه ان ملايين الشعب هو الذى تحرك وهو الذى ثار.  ولكن تلك الدول كانت تغالط نفسها وكأنها تناقش شعبا يتسم بالجهل المطبق والسذاجه الفجه.  ولكن مع الوقت استسلمت تلك الدول للحقيقه مرغما لا بطل.
 
ولما تحققت تلك الدول أنه لا بد مما ليس منه بد فقد ابتدأوا فى ممالأة الواقع كما هو ولكن بالطبع مع الامل فى استرجاع ما فقدوه مع الوقت.  بالطبع هذه الدول أى أمريكا ودول أوروبا واسرائيل ومعهم الاخوان لن تيأس بل سوف تعمل على استرجاع ما فقدوه سواء فى السر أو فى العلن.  وإنى أجزم أن هذه الدول تعمل حاليا فى الظلام على تحقيق الامل الشرير الذى كان يراودهم.
 
وذلك للاسباب الآتيه:  أن استسلام هذه الدول لم يكن طواعية بل إجبارا دون أدنى إختيار. ولما كان ذلك الاستسلام إجبارا فلا يمكن أن نتخيل أنه سيدوم ولكن ينتج على ذلك إحد أمرين:  إما أن تترقب الدول الكبرى أن تنهار مصر من الداخل مرة أخرى ولا شك أن تلك الدول تعمل فى صمت وخفية مع الاخوان على استرداد ما فقدوه.  وفى سبيل ذلك سوف تحاك المؤامرات واستخدام الخونه وتمويل ضعاف النفوس, وما إلى ذلك من وسائل.  إما أن يستعيد للاخوان سلطتهم وموقفهم بواسطة نشاطهم فى الداخل  والخارج ونحن نرى كل يوم الجرائم التى يرتكبها الساده الاخوان الذين يسمون أنفسهم المسلمين بينما الاسلام منهم براء.
 
وإنى أقطع بأن التظاهر لدول أوروبا بأنهم لم يكونوا على علم بالاعتداءات الشريره على الاقباط فى مصر كانت تمثيليه لتبرير موقفها الذى انحاز لامريكا.   ذلك أن دول أوروبا كانت موجوده على الكره الارضيه وقت الاعتداءات التى تهدف إلى فناء الاقباط فى مصر. والاعمال الغير إنسانيه التى كانت ترتكبها ضد الاقباط كانت بعلم ورضا أمريكا وسكوت الدول الاوروبيه التى كانت لها عينان وأذنان وعقل يفهم ويعى كما كان لها دبلوماسيون أحياء لهم آذان وعيون وأيضا كان التصوير من الاقمار الصناعيه ظاهرا لكل من له عين أو عقل.  وإننا نعلم أن "دبة النمله تدرى بها أوروبا وأمريكا".  فهجوم الدول الاوروبيه على مصر بدعوى أنها لم تكن على علم بالاعمال الاجراميه التى كان الغرض منها فناء الاقباط بل وغير الاخوان من المسلمين هجوم يفترض فينا السذاجه.  كما أن هذا الفهم الذى لا ينتمى إلى الحقيقه بصله يعبر عن نوايا أوروبا التى لا تختلف عن نوايا أمريكا.
 
خلاصة القول أن الازمه لم تنته ولن تنتهى فى القريب العاجل أو الغير عاجل.  ولذلك يجب أن نكون على أهبة الاستعداد واليقظه التامه لأى تحرك أو أى تطور أيا كان.
 
ولما كان هذا الخطر الداهم والمتربص والحال لابد أن نكون له على أهبة الاستعداد.  فمقتضى هذا أن نتخلى عن المشيخه والفقهنه ونكون عمليين لمصلحة مصر ووحدة مصر.  إنى لا أفهم معنى للفقهنه السلفيه أو الغير سلفيه, كيف أنهم يرون الخطر الداهم على مصر ثم يثيرون الصراعات والمنازعات والمشاكل لا لشى إلا ليثبتوا وجودهم محاولين أن يثبتوا أنهم أكثر تدينا من باقى عباد الله.  وذلك لانهم لم يتعلموا أن الدين علاقه بين الانسان وخالقه فقط وليس الدين جلابيه وزبيبه ومظهريه كاذبه أو سعيا إلى نفع مادى.
 
يا حضرات الساده:  إن مصر أصبحت مطمعا لكل من هب ودب, ولابد لنا أن نكون على يقظه تامه.  وطبعا الاخوان المسلمون معروف أمرهم فى مسألة الوطنيه فهم يعتبرون أن مصر ليست وطنا.  وإنى أعتقد أيضا أن السلفيين ينحوا نحوهم.  وإذا كان الامر كذلك فكيف نرعى رغبتهم وننكسر لتلك الرغبه رغم أنها ليست فى صالح مصر الوطن؟
 
أما فيما يتعلق بشراذم الاخوان المسلمين فإنهم لن يسكتوا من تلقاء أنفسهم إطلاقا, ذلك أنهم يتلقون الدعم المادى والسياسى من الخارج والداخل من أجل تحقيق وتغذية القلاقل والمشاكل.  ولذلك سبق أن اقترحت بوجوب تثقيفهم وطنيا حتى يصبحوا مواطنين صالحين فيتعين محو الافكار الهدامه التى سبق أن تلقوها فى ظل الادعاء بالدين والتدين.
 
إن الظاهر سواء من الدول الاوروبيه أو الامريكيه  باعتباره قبولا للوضع الراهن صوره يتعين ألا نستسلم لها فقد كان هناك قريبا جدا اجتماع بين أمريكا وانجلترا وفرنسا وألمانيا وإسرائيل والاخوان ودول أخرى فى ألمانيا لبحث هذا الامر.فالخطر لا يزال محدقا جدا بمصر, بل هو على الابواب.
 
إنى لا أعتقد أن الدكتور الببلاوى والسيد\رئيس الجمهوريه المؤقت يسلكون من واقع خوفهما من الاخوان مثلا, كما أنى لا أعتقد إطلاقا أنهما ينصاعان للماده الثانيه من واقع إيمانهم بوجوب وجودها.  وطبعا إنى إتزههما عن مثل هذا الفكر لانهما على مستوى رفيع من الفكر والوطنيه وليس العلم فقط.
 
إنى أعتقد أن الدكتور رئيس الوزراء والسيد رئيس الجمهوريه وضعا هذه الماده فى مشروع الدستور من مبدأ أن يتركا القرار لاصحاب القرار النهائى ألا وهو الشعب.
كما أن الشباب أصحاب الثوره الحقيقيه لن يقبلوا هذه الماده لانها تعمل على التفرقه التى ثار بسببها الشباب.
 
خلاصة القول أنه يتعين أن نغض الطرف عن الماده الثانيه خاصة فى هذه المرحله لانه يتعين أن نتفرغ للعدو الحقيقى لمصر والذى يتربص بنا من على الابواب.
 
إن عملية التشبث بالماده الثانيه لا أجد أى حرج فى أن أشبهها بأنها مسأله صبيانيه فمن يتمسكون بها ليس ذلك من باب الوطنيه لانها تتعارض مع الوطنيه, كما انهم لا يتمسكون بها بسبب الدين ذلك أننا بصدد دستور وضعى يمكن أن يتغير بين حين وآخر, بينما النصوص الدينيه ثابته لا تتغير.  كذلك ينص الدستور على عدم التمييز بسبب الدين مما يتعارض مع نص الماده الثانيه, إذن التمسك بالماده الثانيه ليس إلا مسأله صبيانيه من باب "وانا مالى هه".
 
لذلك أرجو رجاء حارا وخالصا ووطنيا ألا تتركوا للعدو بابا لينقض منه على الوحده الوطنيه, كما أرجو ألا تتركوا للمتطرفين بابا يدخلون منه لتفتيت الوحده الوطنيه.
 
فالدين أسمى كثيرا من الصبينه.
 
 

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter