الأقباط متحدون - سنة حلوة
أخر تحديث ٠٢:٠٧ | الخميس ٢ يناير ٢٠١٤ | كيهك ١٧٣٠ ش ٢٤ | العدد ٣٠٥٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

سنة حلوة

الكاتبة فوزية سلامة
الكاتبة فوزية سلامة

 لماذا يفرح الناس في نهاية عام وبداية آخر؟ لماذا يغنون ويرقصون ويتقاسمون الطعام ويقبل بعضهم بعضا؟

 
هل يحتفلون بالخلاص من آلام وأوجاع وأحزان خلفها العام المنتهي؟ هل كان العام المنتهي جملة طويلة معقدة لم نستطع أن نفك ألغازها أو نلم بمعانيها؟ فالأفضل إذن أن نضع بعدها نقطة ونبدأ من أول السطر.
 
الصديق يسأل الصديق، ما هي أمانيك في العام الجديد؟ وما هو القرار الذي اتخذته ولن تحيد عنه هذا العام؟
 
الأماني تختلف من شخص إلى آخر. كل شخص ينشغل بأمنية ثم يضعها جانبا ويجرفه إيقاع الأيام فتبدأ الجملة حرفا بعد حرف، فهذا هو طعام الإفطار يعقبه استعداد للخروج إلى العمل. أحدهم قد يحيّي زميلا فيتجاهله. يشعر بغضبة أو بغصة ويقرر أن يرد الصاع صاعين. في زحمة المرور بعد الدوام يشعر بالأسف لأنه لا يمتلك ثمن سيارة توفر عليه هذا العناء. تستقبله زوجته بالشكوى من عطل الهاتف وشقاوة العيال. يتمنى أن تسكت ولكنها لا تسكت. قبل أن ينام يتذكر أنه لم يصلِّ ويحاصره شيطانه بأنه تعبان وأن الله لا ينتظر منه صلاة ولا يكلفه أكثر من طاقته. وفي الفراش يشعر بألم في الصدر ويقرر أن يستشير الطبيب. وهكذا يتحول العام الجديد إلى جملة طويلة معقدة إلى أن يأتي عام آخر مثل تعاقب الليل والنهار.
 
من أشهر أقوال ألبرت آينشتاين أنه قال: الجنون هو أن تكرر الفعل مرات ومرات وتتوقع أن تحصل على نتائج مختلفة.
 
من أقواله أيضا أننا يجب أن لا نكف عن طرح الأسئلة.
 
أردت أن أطرح أسئلتي وأن أفكر في الأجوبة من دون أن تشغلني جلبة الاحتفالات، فجلست وحدي وقبل أن تدق ساعة منتصف الليل تسلل إلى وجداني سؤال: لو كانت لديك فرصة لدعوة أشخاص من الماضي أو الحاضر ومن الذكور أو الإناث للاحتفال معك بالعام الجديد فمن تختارين؟
 
أسقط في يدي وتتابعت الصور في الخيال وتعددت الأسباب وأصابني ما يشبه انقطاع التيار الكهربائي بحيث انعدمت الرؤية. وحين تعودت عين الخيال على الظلام بدأت الاقتراحات على استحياء.
 
بدأت بآينشتاين لما له من أثر علمي كبير. ثم أطل عليّ وجه نيلسون مانديلا الذي قلص الفجوة بين المستحيل والممكن بعزيمة من فولاذ. وبما أن اختيار المدعوين تُرك لي قررت أن أدعو ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع لعله يحرك عصا سحرية فيشهد العام الجديد إعادة فرز للعلاقات بين المجتمعات والعلاقات بين الأفراد ويشهد اقتصادا جديدا وإعادة فرز للنظريات السياسية والتجارية. وإن استطعت أن أتفاهم مع بيتهوفن بالألمانية لدعوتُه لكي أسأله كيف استطاع أن يخرج للعالم السيمفونية التاسعة بعد أن فقد حاسة السمع أو كاد. وحين وصل تفكيري للغة الألمانية قررت أن أدعو هتلر إلى مائدتي ربما لأسأله كيف ولماذا؟ ولم يكن اختياري له عشوائيا، فقد سمعت اسمه مرارا بعد انتهاء الحرب بعشر سنوات على الأقل. كانت أمي، رحمها الله، تدعوني للهدوء وإلا تجسد لي هتلر. ولم أكن أعرف من هو هتلر. أما هي فكانت تشفع تحذيرها بأنها سمعت بأنه لم يمت بل هو هارب ويمكن أن يظهر في أي وقت.
 
وقبل أن تتراجع صورة هتلر أطل عليّ وجه محمد علي الذي حكم مصر ولم يجد ضرورة لتعلم اللغة التي ينطق بها رعاياه، ومع ذلك تحسب له الكثير من الإصلاحات التي بنيت عليها مصر الحديثة قبل أن تتحالف عليه القوى الكبرى فمسه الجنون ومات مهزوما. تصورت جمال عبد الناصر متوسطا مائدتي وإلى جواره أنور السادات وبينهما جدل محموم.
 
وما دام أمر الدعوات متروكا لي وبما أنه افتراض من الخيال تمنيت أن أدعو أحد الملائكة إن لم يكن لإشباع فضولي للتعرف على صفات الملائكة فلكي أقول له كم هو محظوظ لأنه يفعل ما يؤمر به بلا معاناة؛ فلا شيطان يحاصره ولا إرادة تحول بينه وبين مقصده، ولا شيخوخة تمسه ولا موت يتوعده.
 
لا أعلم على وجه التحديد متى غلبني النوم، ولكن حين فتحت عيني كانت شمس العام الجديد سطعت، وكان حلم ليلة الأمس تراجع وتجدد الفرح بيوم جديد.
نقلأ عن الشرق الأوسط

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع