الأقباط متحدون - إدارة المؤسسات وجودة الحياة
أخر تحديث ٠٦:٥٧ | الأحد ٩ مارس ٢٠١٤ | أمشير ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣١٢٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

إدارة المؤسسات و"جودة الحياة"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بقلم مدحت بشاي
" الرداءة " من الردئ بمعنى الفاسد هو بالتأكيد ما أقصد ، وفي معنى أخر يُقال الرداءة أو النقيصة التي يخلو منها الخلق السليم أو الصنع السليم ، وهو أيضاً ما قد أقصده في جوانب أخرى من بعض ملامح الواقع السلبية الذي نعيشه للأسف ، ولأن "الرداءة" بملامحها السلبية تتجنبها كل المؤسسات والأنظمة التي يشغلها حلم تحقيق "الجودة " ، ولعل انشغال علماء الاجتماع بمختلف تخصصات العلم ومعهم علماء الاقتصاد والإدارة بما أطلقوا عليه "جودة الحياة" أمر هام وحيوي في مجال التطوير والإصلاح ..

نعم ، إنها "جودة الحياة" التي ما فكرت حكوماتنا المصرية على مدى ربع قرن حكموا فيها البلاد والعباد أن يبحثوا عن أليات تحقيقها عبر "دراسة حالة" لمؤشرات جودة الحياة التي يمكن وضعها وفق نوعيات المؤسسة والأهداف المنوط تحقيقها على مستوى الفرد والجماعة ،  فحكاية الحد الأدنى والأقصى وتسعيرة تأشيرية ومثل تلك القرارات إن خدمت قطاعات محدودة في بلد بضخامة "مصر" هي أمثلة للرداءة في مجال نظم الإدارة والاقتصاد.

فضلاً عن القرارات التي لم يتم اتخاذها في التوقيت المطلوب بداية من قرار فض اعتصام رابعة ، ووصولاً لقرار اعتبار جماعة الشر جماعة إرهابية ، وتبعات التأخير البشعة ، فضلاً عن إصرار عدم دخول الشرطة الجامعات حتى بعد وقوع تلك الضحايا ، وخسائر المنشأت وترويع الطلاب وهم يؤدون امتحاناتهم تحت وقع الممارسات الإرهابية !!

وبمناسبة الإرهاب ينبغي تحية قرارالمملكة السعودية باعتبار جماعة الإخوان وجماعات أخرى باعتبارها جماعات إرهابية ، ورغم أهمية القرار ومن قبله قرار قطع العلاقات مع قطر ، إلا أنه يكشف عن حالة حكومات مصرية ضعيفة متتابعة تعتريها مشاعر الخوف والليونة والميوعة 

حاجة تكسف وأمر محرج لأن باقي تلك الجماعات لم تعلن حكومة الببلاوي أنها جماعات إرهابية ، ولا حكومة محلب الحكاية على بالها رغم أننا من نعاني من إرهابهم في المقام الأول ، إن إعلان السعودية أنها المعنية بأمر الأمن القومي العربي على هذا النحو واحنا بنتفرج ، أمرما كنا نتمنى أن يمتد بنا العمر لنعيش حدوثه ، ويبقى السؤال : إمتى نتجاوز تلك المساحات من تسيد ملامح الرداءة على واقعنا المصري ؟!

وعلى صعيد أخر نقترب فيه من مؤسساتنا الدينية ... نتذكر أنه ، وفي حفل مهيب رائع لن ينساه المصريون رفع القائمقام الأنبا باخوميوس يده بورقة بيضاء مكتوب عليها اسم الأنبا تواضروس الثاني معلناً قداسته البطريرك 118 ، ومُنهياً فترة انتقالية لم يتصور أكثرنا تفاؤلاً مجرد اجتيازها ، فإذا بالكنيسة المصرية ووفق إدارة عبقرية من جانب القائمقام يضرب المثال الرائع في كيفية إدارة المراحل الانتقالية ، وكيف يصنع من مساحات الاختلاف بداية لإثراء ودعم الوئام ، ومن التحديات فرصاً للنجاح ، وكيف كان يُعلي بالفعل القيم والمفاهيم الروحية لإشاعة روح السلام .. صفق أهالينا في كل المحروسة أنئذ فرحاً وتقديراً للنجاح ، وأعربوا عن أمانيهم الوطنية أن يجتاز الوطن الفترة الانتقالية على هذا النحو من النجاح..

أما المواطن المسيحي ، فقد غادر مساحات التشاؤم حزناً على رحيل البطريرك 117 البابا شنودة الثالث الذي ملك القلوب والعقول بحكمة وثقافة ووطنية ووعي وكاريزما غير مسبوقة على مدى 40 سنة من الإنجازات العبقرية للكنيسة المصرية في عهده ، وممازاد من مساحات التفاؤل علمه بأن الفائز بالكرسي تتلمذ في مدرسة القائمقام في مطرانية البحيرة ، وأن له خبرات ودراسات وممارسات في مجال تفعيل نظم الإدارة الحديثة ، وزادت الفرحة بإعلان قداسته أن لديه تصورات ورؤى محددة للبداية لعل أهمها الذهاب فوراً لترتيب في الداخل ، وكمان التعليم الكنسي ..

وبالفعل كانت هناك تدابير كنسية في تغيير شخوص وأشكال إدارية عبر تعيين مسئول إعلامي وسلسلة قرارات سمحت بالتواصل مع كل أصحاب الرؤى المفيدة للتطوير ، ومن بينها ولأول مرة إتاحة مساحات للالتقاء بأعضاء التيار العلماني ، وبالفعل قدم مجموعة الباحثين بالتيار أوراق جميعها تتعلق بالتدابير الكنسية ونظم الإدارة وتطوير التعليم ، وتم قبولها بتقدير واهتمام لأول مرة ..ثم ، وبمجرد إعلان الكنيسة عزم راعيها الأكبر تعديل لائحة انتخاب البطريرك أعاد التيار العلماني تقديم رؤية باحثيه حول التعديلات المقترحة

وكان صباح وكان مساء ، وفجأة كان الانتهاء من إعداد اللائحة ، وعليه قررت أسرة إعداد برنامج "نظرة" التليفزيوني الشهير والناجح مناقشة أعضاء التيار العلماني الذي كان قد أعلن في بيان له دهشته من التعجل وتجاوز الكنيسة لفكرة التحاور حول بنود اللائحة ، ورغم تأكيد الإعلامي البارز حمدي رزق أنه قد
قام بتوجيه الدعوة لرموز الاكليروس لكنهم رفضوا ، والحقيقة تم إدارة الحلقة بروعة ، عرض الضيوف رؤيتهم بشكل علمي طيب وبكل احترام للكنيسة

وأكدوا أن ملاحظاتهم تتعلق بجوانب إدارية ، وأنا هنا لست بصدد مناقشة ماجاء في اللائحة (سلباً / إيجاباً) ، ولكن أتحدث عن صدمتي إزاء حالة الغضب البشعة من جانب بعض أصحاب المداخلات ، والتي تمثل هي الأخرى مساحات للرداءة ينبغي للمؤسسات الدينية التركيزعبر أليات التعليم والتوجيه والدروس الروحية لتجاوزها ، وتطوير مفاهيمهم نحو الفصل بين ماهو إداري وماهو روحي 

لقد تحدث البعض للبرنامج منزعجاً وبشكل غير لائق أحياناً حول حرمانية الحديث للإعلام بدون الاستئذان من قداسة البابا ، وبعضهم أضفى قداسة على أمر اللائحة حتى تصورتها واحدة من الأسرار الكنسية ، ولايرون في تلك اللائحة الطبقية الاستعلائية المتجاوزة لحقوق المرأة والبسطاء في اختيار راعيهم مشكلة ، أوأن في أمر العجلة وتقديمها للرئيس أمر تجاوز ضرورة مجالسة الناس في إبراشياتهم حول بنودها أي غضاضة .. أما كان ينبغي بعد خروج الأقباط لبراح الوطن تفهم أن أمر إدارة المؤسسات الدينية ما ينفعش قصر أمورها على اكليروس الكنيسة عند مناقشة أمور تهم العلمانيين مثل اختيار راعيهم الأكبر ، وفق مفهوم               " الشعب يختار راعيه " .. حزنت جداً لرداءة تصور الناس لمدى حقوقهم وهذه الحدة في مواجهة أي رأي مخالف !!!... الأمر للعرض على قداسة البابا تواضروس الراعي بحب وتفهم ورؤية جديدة لكنيستنا العديدة..     
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter