بقلم كريمة كمال | الأحد ١ يونيو ٢٠١٤ -
١٥:
٠٦ م +02:00 EET
«صفاء» هى مراسلة برنامج هنا العاصمة على قناة cbc خرجت علينا أثناء بدء عمليات الفرز فى اليوم الثالث للانتخابات، لتؤكد ضرورة الاقتصاص لكل من سولت له نفسه عدم الخروج للإدلاء بصوته وضرورة معاقبته بأقسى العقوبات، ولم يكن باقيا سوى أن تطلب وضع السيخ المحمى فى صرصور ودنه.. لو استمعت لهذه المراسلة التى تخطو خطواتها الأولى فى عالم الإعلام، لتصورت للحظة أن البلد بلدها، والانتخابات انتخاباتها، وهذا الشعب الذى كان مطلوبا منه دور معين لكى يلعبه لم يلبِّ الأمر الذى صدر له، لذا وجب عقابه.. «صفاء» كانت سعيدة فى النهاية بعد الوصول لنسبة «مرضية» من الإقبال.. مرضية لمن؟ مرضية لهم بوصفهم هم الإعلام الذى كتب السيناريو، وبدأ تنفيذه، ولم يكن مطلوبا من الشعب سوى أن يؤدى الدور المرسوم له، وعندما لم يحدث هذا انطلقوا يجلدونه.. تصرف الإعلام بمنطق أن الفرح فرحه، والشعب المصرى الذى هو «المعازيم» خذله، ولم يأتِ ليشارك فى الفرحة، وهنا بدأت وصلة الندب، ثم وصلة التقريع إلى أن دخلنا على وصلة التهديد من منطلق أن «ده شعب يخاف ما يختشيش».
السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو ما موقع الإعلام هنا؟ هل هم أصحاب الفرح، بمعنى أن البلد بلدهم، وما يحدث يخصهم وحدهم، وعندما لا يأتى على هواهم يفقدون القدرة على التحكم فى أنفسهم، بل فى رسالتهم الحقيقية ودورهم المفترض لينطلقوا يعبرون عن حقيقة دورهم؟.. هل هناك إعلام فى العالم كله يحبط من نسب المشاركة، ويعلن إحباطه على الهواء، أم أن المطلوب منه هو أن يستدعى المتخصصين ليدلوا بتحليلاتهم، ويعددوا الأسباب، بدلا من أن ينطلقوا هم فى التعديد والندب؟ هل هناك فى أى إعلام فى العالم من يخرج على المواطنين من الشاشات مرة ليهددهم بالغرامة، وهم فقراء ومرة ليهددهم بالتحويل إلى النائب العام، لأنهم قرروا ألا يذهبوا بكامل إرادتهم ليدلوا بصوتهم؟.. هل هؤلاء إعلاميون بحق، أم سوط فى يد سلطة لم تتشكل بعد؟.
هذه اللحظة دالة بحق حول حقيقة الإعلام فى هذه المرحلة.. لحظة أن بدأت وصلات الندب واللطم بدا واضحا - بما لا يدع مجالا لأى شك- أن هذا الإعلام يلعب للسلطة، ولا يلعب للشعب، واللافت أن الأداء الأوفر كان للإعلام الخاص، ولا أدرى هل الأمور تدار بناء على مصالح الملاك، أم أن المذيعين الذين تحولوا إلى زعماء يتم استخدامهم، أم أن الاختيار يتم أصلا من الملاك لهؤلاء بالذات.. بصرف النظر عن كيفية إدارة الأمور فإن النتيجة تبدو واضحة، ولم تكن أكثر وضوحا، بقدر ما كانت لحظة القلق على معدل المشاركة.. فجأة بدا الدور مكشوفا إلى حد الفجاجة.. تماما كما بدا بعد إغلاق الصناديق إلى الحد الذى دفع أحدهم للرقص فى الاستديو مع بقية العاملين.. السؤال الذى يشغلنى حقا: «هو إحنا حنكمل كده؟».. هل ستدار الدولة فى المستقبل من خلال إعلاميى الزفة والندب، أم أن ما جرى يكشف أنه لم يعد ممكنا إدارة كل المصريين لا بالزفة ولا بالندب، ولكن بإعلام مستقل يقدم المعلومة والتحليل، ويبقى على مسافة، كى تكون له المصداقية.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع