الأقباط متحدون - «القصاص» ودموع الرئيس
أخر تحديث ١٩:٣٠ | السبت ٧ يونيو ٢٠١٤ | بشنس ١٧٣٠ ش٣٠ | العدد ٣٢١٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

«القصاص» ودموع الرئيس

مدحت بشاي
مدحت بشاي

بقلم: مدحت بشاي

رؤية
في مشهد ينتسب درامياً - من حيث الأداء والشكل - إلى دراما الكوميديا السوداء، عندما جمع الكادر الشهير بين المرشد العام لعصابة الخونة والمعزول «مرسي» وهو يرتجل واحداً من خطاباته الرذيلة الطويلة غير المفهومة التي لا تحمل في النهاية رؤية رجل في موقع المسئولية، بينما يهمس له مرشده وسيده و«تاج

راسه» اللي جابه بصفة احتياطية (إستبن) فلبسنا في الحيط 365 نهاراً وليلة من أسود الليالي وأبشع النهارات.. لقد ظل المرشد يهمس في أذنه «القصاص.. القصاص» ويعيدها مرات حتى خلت الرجل سيلتقط منه الميكروفون ليقولها هو، لبلادة حس مندوب الإخوان في قصر السلطان، فهو لا يدرك أهمية إعلانه حرص الدولة على القصاص لدم الشهداء، رغم أنه وعشيرته يدرون أن لهم النصيب الأوفر في جرائم سقوطهم بالتحريض، وعبر توفير غطاء التدين الشكلي المغلوط والمتطرف، وبالاستعانة ببلطجية جماعات المكفراتية بعد أن أطلق سراحهم من سجون العقاب، وفي أحيان كثيرة تلوثت أياديهم بشكل مباشر بالدماء عبر أكثر من 80 سنة، نتمنى أن نطوي صفحاتها الإجرامية إلى غير رجعة بمراراتها ومرجعياتها السوداء.

تذكرت المشهد الهزلي ده، وأنا أتابع القاضي الجليل الرئيس السابق عدلي منصور وهو في كادر مقابل ينتسب بحق إلى دراما تراجيدية شكلاً بحكم عرضها في مناسبة الوداع وما ترقرق في عيون الرجل من دموع عندما تطرق للحديث عن الشهداء (بعكس بلادة الحس والمشاعر الإخوانية التي قال عنها «المعزول»: «جلدنا تخين» أي يشكل عازلاً ضد الإحساس بالألم أو حتى الفرح)، إلا أن بلاغة اللغة التي تحدث بها المستشار المنصور وطلاوة المعاني ومتواليات إيقاعها وروعة جرسها فور وصولها لآذان المتلقي تشي بحالة من النشوة والفرح والفخار برئيس مصري جاء به القدر اللطيف بنا ليمحو إلى الأبد جريمة أن سمحنا بأن يجلس على كرسي عرش مصر ذلك «المرسي» الذي شوه صورة الوطن، ولطخ بغباوة جداريات الحضارة المصرية بسلوكيات وأقوال ومواقف يندى لها جبين أي مصري حر، بداية من رسالته لرئيس الكيان الإسرائيلي الحنينة الودودة المحبة، ووصولاً لإعلان التنازل عن أراض مصرية للغير في خيانة للقسم الذي يلزم كل مسئول بالحفاظ على الأراضي المصرية!

واستأذن القارئ العزيز لعرض بعض ما قال الرئيس عدلي منصور بشأن شهداء مصر الأبرار، وأعرضها مزودة بالتشكيل، حيث حرص الرجل على الإلقاء بصحيح تشكيل الحروف دون تسكين للهروب من الوقوع في خطأ إعرابي.. قال: «بِكُلِّ الْإِجْلَالِ والتَّقدِيرِ.. أَنْعِي أَروَاحَ شُهَدائِنَا الْأَبرارِ.. الَّذِينَ جَادُوا بِأَروَاحِهِمْ رَخِيصةً.. مِنْ أَجلِ أنْ يَحيَا الْوَطنُ.. كُلَّ الشُّهَداءِ.. شُهَداءُ ثَورَتَي 25 يَناير و30 يُونية.. وشُهَداءُ قُوَّاتِنَا الْمُسلَّحَةِ وجِهازِ الشُّرطَةِ.. شُهَداءُ مِصرَ. واسْمَحُوا لِي أنْ أُشَارِكَكُمْ أَصْعَبَ مَا وَاجَهْتُ فِي هَذَا الْعَامِ الَّذِي مَضَى.. ومَنَعَتْـنِي ضَوَابِطُ الْمَنصبِ الرِّئاسِي مِنَ الْحَدِيثِ عَنْهُ فِي حِينِهِ.. فَلا أُخْفِيكُمْ.. أَنَّ تَكرِيمَ أَروَاحِ شُهدَاءِ الْقُوَّاتِ الْمُسَلَّحَةِ والشُّرطَةِ.. وتَسلِيمَ ذَوِيهِمْ الْأَنوَاطَ والْأَوسِمَةَ.. كَانَ مِنْ أَصْعَبِ الْمَواقِفِ الْإِنسَانِيَّةِ الَّتِي عَايَشْتُهَا فِي حَياتِي.. فَقَدْ تَنَازَعَتْنِي مَشَاعِرُ قَويَّةٌ.. وخَوَاطِرُ مُتدَفِّقَةٌ.. طَالَمَا جَاهَدْتُهَا لِأَتَمَاسَكَ.. فَمَاذَا عَسَاي أَنْ أَقُولَ.. لِأُمٍ ثَكْلَى.. أو لِزَوجَةٍ مُترَمِّلَةٍ.. أو لاِبنٍ أو اِبنَةٍ.. فَقَدَا الْأَبَ الْعَائِلَ.. مَصْدَرَ الْحِمايَةِ والسَّنَدِ.. هَلْ سَتُعَوِّضُ كَلِمَاتُ الْعَزاءِ والْمَواسَاةِ.. أو أيُّ تَكرِيمٍ مَادِيٍّ أو مَعنَوِيٍّ.. لَحظَةً وَاحِدَةً لِتَواجُدِ أيٍّ مِنْ هَؤلَاءِ الشُّهَداءِ بَينِ مُحبِّيهِ وذَوِيهِ.. رَاعِياً لِأُسرَتِهِ وحَاضِنَاً لِأَبنَائِهِ.. فَمَنْ أَحَبَّ وأَوْفَى.. لا يَنسَى ولا يُنسَى.. إنَّهُ فِرَاقٌ ألِيمٌ.. وحِرمَانٌ أَبَدِيٌّ.. أَدعُو اللهَ لَهُمْ دَائِماً.. وأَدعُو مِصرَ دَولةً وشَعباً أنْ تَجتَهِدَ فِي أنْ تُعَوِّضَ مَا لا يُعوَّضُ دَعمَاً ومُسانَدةً.. تَقدِيراً وعِرفَاناً لِتَضحِيَاتِ أَعزِّ الرِّجَال».

نحن يا سادة لسنا بصدد خطاب سياسي لرئيس جمهورية وحاكم رشيد فحسب، ولكننا أمام كلام يُعد بمثابة معزوفات رومانسية صادقة كان لرشاقة التعبير فيها الفضل في التأثير البالغ على وجدان الناس ومشاعرهم، ويا ليت وزارة التربية والتعليم الاستعانة بفقراتها في كتب المطالعة والمحفوظات والنحو، فهي أفضل كثيراً من بعض النصوص المختارة بعشوائية، التي جعلت بين فلذات أكبادنا واللغة العربية عداوة وكراهية، ولعل في حالة الرئيس المعزول المثال الأوضح لتلك الكراهية التي لازمته حتى بعد حصوله على الدكتوراه، فبالإضافة لحالة التوهان العامة لرجل في موقع المسئولية، كان للرجل لغته الخاصة جداً، مين فينا ينسى تلك المقولات الخالدة في سفر الهزل والعبث.. واللي من بينها: «أمد إيدى هنا ألاقى تعابين أمد إيدى هنا ألاقى عقارب، تحياتى للمرأة بجميع أنواعها، يأتيك من حيث تترفع أنت أن تتداخل معه، أنا عارف مين بيقول إيه وفين وعشان إيه، الجسد المصرى ضخم وفيه إمكانيات كبيرة، القمح مش محتاج صوامع لكن القمح محتاج صوامع، الواد شعبان بتاع سكينة الكهربا أبو20 جنيه، مصر غير قابلة للانضغاط، نحن الآن على منحدر الصعود، إحنا جلدنا تخين أوى.. إحنا بنمص الصدمة، أنا شايف صبعين تلاتة بيلعبوا فى مصر، الحارة المزنوقة والـ 4 3 7 6 5، أهل بورسعيد كسيبة، فى يوم اليتيم شعرت أنهم أيتام، والجاز والكيروسين دونت ميكس (ده إنجليزي يا مرسي؟)».

وكما أن جميعنا في انتظار حكم القضاء العادل على «المعزول»، إحنا كمان في انتظار تقليد الرئيس منصور قلادة النيل باعتبارها الوسام الأعظم قدراً يمنحه شعبنا بكل حب وتقدير له.

MEDHATBE@GMAIL.COM


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع