بقلم : مدحت بشاي
رؤية
عزيزي قارئ جريدتنا المحترم.. سطوري التالية تشكلها حروف المقال الأول بعد 200 مقالة كتبتها لجريدتنا الغراء «الوفد» تحت عنوان عام «رؤية»، وأشهد بأنه لم يحدث أي رفض أو حتى حوار حول فقرة أو عموم مادة لمقال قدمته عبر سنين الكتابة من جانب الجريدة، رغم أن أحوال البلاد والعباد على أرض المحروسة كانت تتبدل وتشهد مراحل هبوط وصعود، وهدم ومحاولات بناء، وتغير وجوه وارتداء أقنعة التماهي مع كل مرحلة، وهروب البعض من الساحة، وتعالي وتيرة مشاهد جرائم الإرهاب التي ارتكبها بجنون من أقسموا «لا يحكمونا يا يموتونا»، وظهور فارس نبيل من صفوف جيشنا العظيم ليضع حروف البداية بتأييد شعبي رائع.. متغيرات كثيرة وحادة يتم الاختلاف على تقييمها والتعامل إعلامياً وسياسياً معها، وعليه فلجريدتنا والمشرف على صفحة الرأي خالص التقدير والامتنان للمهنية والتعامل الحريف مع كتاب الكلمة.
ولأننا شركاء جميعاً في كتابة حروف البداية، فمن المهم إعلان ما يشغلنا ويؤرقنا أحياناً ويمثل علامات استفهام، قد نجد الإجابة عن بعضها عند مسئول أو مؤسسة أو أحزاب، أو قد تشكل أي صدى إيجابي لدى المهموم بأي علامة منهم فيبادر بتوسيع دوائر الحوار حولها بطرح المزيد من الرؤى والقناعات، وهو ما نحتاجه في مراحل البناء واستلهام أفكار جديدة نأملها غير تقليدية وغير نمطية لأن حلم التطوير يحتاج قفزات على الأرض، وليست قفزات بهلوانية استعراضية خادعة في الهواء.
نتابع الآن عبر أحداث «محاكمة القرن» عرض مجموعة هائلة من أشرطة الفيديو الموثقة لجرائم وكوارث عصر الإرهاب الدموي اللي عشناه السنين الأخيرة، وكمان عندنا حصيلة هايلة من تسجيلات الأهالي والشئون المعنوية بالقوات المسلحة والعلاقات العامة بوزارة الداخلية، وحصاد الفضائيات الحكومية والخاصة المصرية وأيضاً العربية، وشهادات الشهود.. والسؤال.. هوه الوقت مش مناسب جداً لعقد مؤتمر دولي عظيم الشأن والتجهيز لمناهضة الإرهاب تحضره كل المؤسسات العالمية المعنية بحقوق الإنسان ومناهضة الإرهاب؟.. هوه الوقت مش مناسب بعد أن تراجع الكثيرون في الشمال والجنوب عن حكاية « الانقلاب» دي، وعليه هيكون مفهوم إنه المؤتمر مش بهدف استعطاف العالم لتغيير وجهة نظره، ولكن لأن مصر دولة كبيرة في المنطقة، وراغبة في إرسال رسالة للعالم أن احذروا غباوات ديناصور الإرهاب وتعالوا معاً لوقفة عظيمة لاقتلاع جذوره في العالم.. مش دي رسالة حضارية ياحكومة العواجيز التقليدية مع رئيس أفكاره وخططه لبكره جريئة وغير تقليدية؟!!
هوه يعني إيه وجود مئات الجمعيات الثقافية والتنويرية وفي مجالات الفنون الشعبية والتشكيلية والموسيقية والمسرحية والحفاظ على الآثار والتراث والتاريخ تكون تابعة ومتابعة من وزارة الشئون الاجتماعية أو التضامن أو أي اسم يتعلق بأحوال الغلابة وأصحاب الحاجة والمساكين!!.. مش دي نكتة رذيلة لا مؤاخذة؟!!.. وإذا كانت هناك تشريعات وموارد مالية وإشرافية موجودة بتباتة وبواخة مش يصح نغيرها بعد ثورة وراها ثورة، ونسند أمر متابعتها لوزارة الثقافة تنسق بين الجمعيات والمراكز الثقافية وتدعمها بالخبرات وبالتعاون مع بيوت الثقافة في كل المحروسة بعرض إبداعات تابعيها.. مش عيب والله إخصائي اجتماعي أو إداري (مع كل الاحترام بس مش شغلته ولا تخصصه) يتابع ويقيم ويمنح دعماً مادياً لتشجيع إبداعات حاجات مالوش فيها؟!!
يعني إيه أجهزة الطب البيطري تكون تابعة لوزارة الزراعة ؟، والزراعي يكون رئيس البيطري؟، وهو لم يدرس إلا القشور في مجال علوم تطبيب الحيوان، ونحبط الطبيب البيطري وإداراته ليه ونحط من شأنه وهو التخصص الأكثر صعوبة والأهم في بلد يعاني من نقص هائل في مجال الثروة الحيوانية، مش مهم يكون للبيطريين وزارة مستقلة لأن على رأي المثل الغتيت «المشرحة مش ناقصة قتلى»، ولكن مؤسساتهم يديرها أهل المهنة باستقلال تام، ولا إيه ياحكومة «محلب»؟!!
هوه ليه لما مؤسسة أو أي تجمع مدني ناجح وله رسالة لا يعمل وكأنه حزب اجتماعي وسياسي، ومش مهم الوصول للسلطة في المراحل الأولى، ولكن يكون مشغول بإعداد كوادر عبر الممارسة والعمل الجاد وإتاحة مساحات جريئة لتقديم أفكار جديدة لمجتمع يخترق مساحات الحصار الغبية لدنيا جديدة، فمثلاً في مجال تحفيز المرأة والأقباط للمشاركة السياسية أرى أن مؤسسة «أقباط متحدون» وموقعها الالكتروني الناجح ممكن يكون حزب سياسي بالمفهوم ده ولا إيه؟!!!
medhatbe@gmail.com