الأقباط متحدون - خطأ غير مقصود أو زلة لسان بلا وعي
أخر تحديث ٠٣:٠١ | الاثنين ٢٣ يونيو ٢٠١٤ | بؤونة ١٧٣٠ ش ١٦ | العدد ٣٢٢٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

خطأ غير مقصود أو زلة لسان بلا وعي

فاروق عطية
عدلي منصور ذلك الرجل الطيب المثقف المحترم الذي تولي رياسة الجمهورية في فترة عصيبة من تاريخها كرئيس مؤقت لها, والذى سار بالبلاد قرابة العام غي طريق مليئ بالأشواك حني أوصلها لبر الأمان. كلفته القوات المسلحة المصرية بصفته رئيس المحكمة الدستورية العليا بالإشراف على إدارة شؤون البلاد رئيسا مؤقتا في المرحلة الانتقالية بعدما عزلت الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013. ولد عدلي منصور في 23 ديسمبر 1945.

حصل على ليسانس حقوق من جامعة القاهرة عام 1967 ودبلوميْ القانون العام والعلوم الإدارية من الجامعة نفسها عامي 1969 و1970 على التوالي. أوفد إلى العاصمة الفرنسية باريس في منحة دراسية بمعهد الإدارة العامة في الفترة من سبتمبر 1975 إلى يناير 1977. وعيّن مستشارا بمجلس الدولة عام 1984، وفي العام 1992 عيّن نائبا لرئيس مجلس الدولة. كما أعير منصور إلى المملكة العربية السعودية مستشارا قانونيا لوزارة التجارة في الفترة من 1983 إلى 1990.

انتدب مستشارا بالأمانة العامة لمجلس الوزراء "الأمانة التشريعية" في غير أوقات العمل الرسمية عام 1990 وحتى العام 1992، ثم عين نائبا لرئيس المحكمة الدستورية العليا في نهاية 1992 واستمر بها حتى أصبح النائب الأول لرئيس المحكمة بالأقدمية وتولى مهامه رسميا رئيسا للمحكمة في الأول من يوليو 2013 خلفا للمستشار ماهر البحيري. وهو متزوج ولديه ابن وبنتان، شارك في إصدار عدة أحكام مهمة ولديه العديد من المؤلفات والأبحاث القانونية.

تولي منصب رياسة الجمهورية كرئيس مؤقت في القترة من 4 فبؤاير 21013 حتي 8 يونيو 2014
   وفي بوم الأربعاء 4 يونيو ألقي عدلي منصور خطاب الوداع للشعب المصري. خطاب بليغ مؤثر مليئ بالحكم والحقائق. بث فيه حزنه وقلقه علي الانفلات الأخلاقي والقيمي المخالفة لتعاليم الأديان السماوبة السمحة, داعيا لتجديد الخطاب الديني علي أن يكون جزءا من حركة تنوير شاملة لنشر معاني الرحمة والإنسانية ومكارم الأخلاق. وخص مسيحي مصر بفقرة هامة من خطابه جاء فيها أن مصر القبطية جزء لا يتجزأ من نسيج هذا البلد الطيب المبارك, وأن أقباط مصر قد أسهموا في بناء الوطن واختلطت دماؤهم بدماء المسلمين في كل المعارك, وذكر أسماء العديد من الأقياط الذين ساهموا في رفعة الوطن وكتابة تاريخه وعلي رأسهم قداسة البابا الراحل شنودة الثالث, مكرم عبيد, فؤاد عزيز غالي, كمال الملاخ, لويس عوض, يونان لبيب رزق, مجدي يعقوب

\وغيرهم كثيرين. وتحدث عن تعرض البلاد لمحاولات الإرهاب الآثمة لنشر الفتنة وزعزعة الأمن والاستقرار ويث الفرقة بين أبنائه وأن يد الإرهاب التي طالت أقباطها أدمت قلوبنا جميعا وآلمت الوطن. وقال: أخاطبكم اليوم بروح الإسلام الحقيقية التي تجلّت في العهدة العُمرية بقيمها الظاهرة  التي قطعها الخليفة عمر بن الخطاب لمسيحي القدس عند فتحها 638 م, العهدة التي أمنت المسيحيين علي كنائسهم وصلبلنهم  ودينهم وممتلكاتهم وأموالهم, ...الخ

لذلك آثرت أن ألقي بقعة من الضوء علي تاريخ العرب في حروبهم منذ الجاهلية حتي عصر الخلافة والفتوحات, مع توضبح فحوي العهدة العُمرية, والتغريق بينها وبين الشروط العمرية.

   كان العرب قبيل ظهور الإسلام بدو أجلاف لا يجيدون غير السطو والإغارة. القبيلة التي تري في رجالها القوة والفتوة تُغير علي القبائل المجاورة ليلا وهم نيام لتحرق خيامهم وتسبي نسائهم وتقتل رجالهم وتستولي علي متاعهم وأطفالهم. النساء للمتعة الجنسية وتجارة الرقيق والأطفال للاستغلال البدني والجنسي أيضا ويعاملون معاملة العبيد. وفي النهاية يقرضون الشعر ويتفاخرون بما أنجزوا من نصر في الحروب. ورغم اعتزازهم بأنفسهم وادعاء النخوة والرجولة فقد كانت لهم عادات لا يمكن وصفها إلا بالديوثة حيث كان الرجل يرسل زوجته لتحمل من محاربين أشداء أو أشخاص معروفين بقوتهم وذلك لتنجب له ولد قوي البنية ومحارب قوي ويسمون ذلك زواج المباضعة. وحين جاء الإسلام هذب قليلا من عاداتهم وإن كان الطبع في الغالب يغلب التطبع, فظلوا كما هم في حروبهم يقتلون ويحرقون ويستعبدون بلا رحمة حتي في حروبهم في عهد الرسول (ص), أما في زمن الخلافة فحدث ولا حرج.

   وحين تولي عُمر بن الخطاب الخلافة كثاني الخلفاء الراشدين وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًا. تولّى الخلافة بعد وفاة أبي بكر الصديق في الثاني والعشرين من جمادي الثاني سنة 13 هـ. كان قاضيًا خبيرًا اشتهر بعدله وإنصافه الناس من قومه وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل. في عهده توسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الامبراطورية البيزنطية.

   تولي عمرو بن العاص غزو فلسطين ففتح نابلس وعمواس وبيت جبرين ورفح[] وعسقلان، ثم توجَّه  بجيشه أخيراً إلى القدس، ومكث يحاصرها طويلاً، حتي كاد ييأس من فتحها نظراً لحصانتها الشديدة، فاستدعى أبا عبيدة بن الجراح، فجاءه ومعه المدد، ثم انضمَّ إليهما شرحبيل بن حسنة من الأردن، وأخيراً جاء خالد بن الوليد من قنسرين لينضمَّ إلى الحصار[1 وطال الحصار لستة شهور تقريبا دون جدوى، حتى قرَّر واليها البطريرك صفرونيوس الاستسلام أخيراً، لكنه طلب أن يأتي الخليفة عمر بن الخطاب بنفسه إلى المدينة ليتسلمها.  فكتب أبو عبيدة إلى عمر يخبره بذلك الشرط،, فاستشار عُمر كبار الصحابة، غير أنهم اختلفوا، وانقسموا إلى فريقين، واحد على رأسه عثمان بن عفان يرى عدم الاستجابة وحصار المدينة حتى استسلامها، والثاني وعلى رأسه علي بن أبي طالب يرى أنه ما من ضير في القبول: وانحياز عُمر إلى رأي عليٍّ والقبول بالعرض. [وعقبَ وصوله إلى المدينة تسلَّم مفاتيحها، ودخلها فاتحاً، فعقد مع أهلها الصلح وأعطاهم الأمان، وكان ذلك في سنة 15 هـ. 

  عهد الأمان الذى كتبه الخليفة عمر بن الخطاب، لمسيحيى القدس التى كانت تسمى «إيلياء» فى ذلك الزمان عند الاتفاق على فتحها صلحاً وتسلّم مفاتيحها بنفسه، وسميت بالعهدة العمرية ونصها هو: «هذا ما أعطى عبدالله، عمر، أمير المؤمنين، أهل إيلياء من الأمان.. أعطاهم أماناً لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها.. أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم، ولا يُنقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شىء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضارّ أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود، وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطى أهل المدائن، وعليهم أن يُخرجوا منها الروم واللصوص، فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمنهم، ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلى بِيَعهم وصلبهم، فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بِيَعهم وصلبهم حتى يبلغوا أمنهم، فمن شاء منهم قعد وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية، ومن شاء سار مع الروم، ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم. »

   وهذه العهدة التي تعهد بها عُمر بن الخطاب لأهل إيلياء تختلف كليا عن الشروط العمرية التي أعطبت لأهل الشام التي افتتحت عنوة بالقتال وليس صلحا فأملي الغزاة يشروطهم المجحفة علي أهلها وهي كلآتي: »ألا يحدثوا فى مدينتهم ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلاية ولا صومعة راهب، ولا يجدِّدوا ما خُرِّب، ولا يمنعوا كنائسهم من أن ينزلها أحدٌ من المسلمين ثلاث ليالٍ يطعمونهم، ولا يؤووا جاسوساً، ولا يكتموا غشاً للمسلمين، ولا يعلّموا أولادهم القرآن، ولا يُظهِروا شِركاً، ولا يمنعوا ذوى قرابتهم من الإسلام إن أرادوا، وأن يوقّروا المسلمين، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس، ولا يتشبّهوا بالمسلمين فى شىء من لباسهم

ولا يتكنّوا بكناهم، ولا يركبوا سرجاً، ولا يتقلّدوا سيفاً، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزّوا مقبل رؤوسهم، وأن يلزموا زيّهم حيثما كانوا، وأن يشدّوا الزنانير على أوساطهم، ولا يُظهروا صليباً ولا شيئاً من كتبهم فى شىء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفيفاً، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءة فى كنائسهم فى شىء من حضرة المسلمين، ولا يخرجوا شعانين، ولا يرفعوا أصواتهم مع موتاهم، ولا يظهروا النيران معهم، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين. فإن خالفوا شيئاً مما شرطوه فلا ذمّة لهم، وقد حلّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق. »

   ذكر العهدة العُمرية في خطاب الوداع لعدلي منصور أثار كثير من الحساسية والسخط لدي الكثير من ألأقباط المسيحيين متسائلين أبعد كل ما قدمناه من تضحيات في هذا الزمن الذي أصبح العالم قيه مفتوحا ومع وثيقة حقوق الإنسان التي وقعتها مصر, مصر التي كانت سبّاقة في تفعيل المواطنة منذ نهضة محمد علي ياشا يعود بنا منصور 1400 سنة للوراء ويعطي المتطرفين الحجة والمبرر لما يرتكبون؟!  لاحظت أنه قد أكد في خطابه بحسم علي المواطنة أكثر من مرة, لكن ذكره للعهدة العمرية إن كان قد وضعها في خطابه عن طريق الخطأ أو إرضاء للمتأسلمين أري أنه قد وقع في خطأ فادح ما كان عليه أن يفعله.

كما أوضحت سابقا أن العهدة العمرية تنطبق علي البلدان التي فتحت صلحا والشروط العمرية تنطبق علي البلدان التي فتحت حربا وعنوة وهذا ما يتمسك به السلفييون الإرهابيون ليطبقوه في مصر لأنها فتحت بحد السيف. والعهدة العُمرية بما فيها من بعض السماحة تتناقض مع ما في الشروط العُمرية من عنصرية طائفية وإجحاف وإذلال, وكلاهما غير مرغوب فيه ويتناقض مع الدستور الذي يؤكد علي المواطنة الكاملة وتساوي المصريين جميعا في الحقوق والواجبات. والتساؤل الملح الآن

وبعد التأييد المطلق من المسيحيين للسيسي: كيف سيتم التعامل مع الأقباط المسيحيون هل ستتعامل معهم السلطة بمفاهيم الجماعات السلفية التى تتعامل مع حقوق النصارى الذميون على أنها منحة من أعلى وأن الكراهية فى القلب وأن التهنئة بأعيادهم حرام وعدم توليهم المناصب واجب وعليهم دفع الجزية وهم صاغرون حسب الشرع, أم أنها ستتعامل معهم كمواطنين مصريين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات كما ينص الدستور؟! وإن غدا لناظره قريب.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter