مدحت بشاي
الناس اللي بتكلمنا عن ضرورة تصحيح وتعظيم دور " الخطاب الديني" ، ضروري يرجعوا لصورة رجال الدين وعلماء وأئمة ورموز العمل الرعوي والديني .. أرجوكم تتابعوا قراراتهم وفتاواهم وعلاقاتهم بمجتمعاتهم الصغيرة والكبيرة وفقاً لمقاماتهم واتساع دوائر عملهم الجغرافية ، فالجانب الأهم في خطابهم أن يكونوا "الإسوة لحسنة " ليتمثلوا برسل الله العظيم ، فقد كانت حياتهم وممارساتهم الحياتية وسلوكياتهم على الأرض تقدم ــ على الأقل من وجهة نظر أتباع هؤلاء الرسل ــ أروع القيم والفضائل التي تشكل صورة ذهنية للراعي " الأسوة الحسنة "..
ونحن نعيش الأن أزمة الشعب الفلسطيني ، وما يعانون من بطش جنوني من جانب قوى العدو الصهيوني ، أتذكر مقولة الشيخ نبيل نعيم القيادي السابق للجماعات الجهادية " لقد أفتى مفتي حماس بتاريخ 13 يونية 2007 أن من قتل فتحاوياً ( نسبة إلى منظمة فتح ) يدخل الجنة ، فقُتل في ذات نفس اليوم 700 فتخاوياُ،وتم الإلقاء بهم من أعلى العمارات ، وهو عدد لم تحصده قيادات الغدرالإسرائيلة بتلك السرعة في أي عدوان على حماس".. ، وبالطبع لا أذكر تلك المقولة تبريراً لبشاعات عدو مستعمر ، ولكن لأصل لفكرة أنه بفتاوى ينسبها البعض كذباً لتعاليم الدين ، بات أمر بعض من يتعامل الناس معهم على أساس أنهم رموز دينية لايمثلون " القدوة الحسنة " ، بل صار البعض منهم محرضاً على فعل الشر !!!
أرجوكم ، حد يجاوبني على سؤالي " ليه ناجحين قوي في تفعيل الفتاوى المخالفة لصحيح الأديان وتنفيذها والاستجابة ليها ، بينما الفشل كان من نصيب أصحاب الخطاب الديني الصحيح ، بدليل ازدياد مساحات الفساد الإداري والمالي وغير ذلك من الشرور والرذائل والسخائم في المجتمع المصري ، ولم تنجح الكنيسة والجامع في تقليل أو تراجع نسب حدوثها ؟!
إنها " القدوة الحسنة " هي ما نفتقد بشدة في معظم مؤسساتنا للأسف ، ولكن يبقى أمر افتقادها و وجود من يمثلون
" القدوة السيئة" هو الأخطر من أي شطط في متن الخطاب الديني ذاته لأن افتقاد المثل الطيب في رموز الإصلاح يُفقدنا الأمل في وجود جبهة للتصدي لمواقف وسلوكيات وأفعال من يتاجرون بمواقعهم خلف المنابر الدينية ...
في تحقيق هام للكاتب الصحفي الشاب الرائع " روبير الفارس" يتوقف بنا في عدد سابق من مجلتنا روزاليوسف ــ وهي تجدد الأن أدواتها في نوبة صحيان مهنية كإصدار وطني عتيد ــ فيقدم لنا أكثر من نموذج لأساقفة في الكنيسة صدر منهم مايمثل علامات استفهام .. أسقف شهير يقيم تكريماً لذاته حفلاً (سبع نجوم ) بمناسبة اليوبيل الفضي لرسامة نيافته بتكاليف باهظة ( ذكر التحقيق أن البعض قال أنها قد تبلغ 200 الف جنيه !!!) ، وتم دعوة نجوم المجتمع ووجهاء الزمن الغريب .. ياراجل ده حتى نجوم الكورة تم دعوتهم !!
وتعرض الموضوع الصحفي أيضاً لأسقف أخر.. يقول عن حالته " الفارس" .."الحفل الثانى أقامه الأسقف الذى ظهر فى أحد الفيديوهات المنشورة على صفحته، والتى فيها احتفاله بعيد رسامته، وهناك فيديو آخر من الاحتفال بالعيد الأول لرسامة الأسقف والموضوع على موقعه ، يقال فيه شعر تمجيد يبدأ بـ: " يا سيدنا الكلمات اللى هاقولها دلوقت ليك..من يوم ما جيت كنيستنا.. شعبك بيحبك ..إلى اخر ابيات المديح الركيك !! " ، ووصولاً لأبيات في هجاء القساوسة اللي بيعملوا تحت رعاية الأسقف ، ويستمع الأسقف للمديح لنيافته والهجاء لتابعيه دون استشعار بشاعة النفاق والرياء من جانب ، ومن جانب أخر دعوة الشعب لكراهية الكهنة !!!!
لقد أطلق لقب "أسقف" على السيد المسيح نفسه ، وفي ذلك قال القديس بطرس الرسول: "لأنكم كنتم كخراف ضالة، لكنكم رجعتم الآن إلى راعي نفوسكم وأسقفها" (1بط25:2).ويقول من بينها إنه يجب أن يكون "صالحًا للتعليم" "غير حديث الإيمان لئلا يتصلَّف" ".. له شهادة حسنة من الذين هم من خارج" (1تي2:3-7). ويقول عنه في الرسالة إلى تيطس: "ملازمًا للكلمة الصادقة التي بحسب التعليم
لكي يكون قادرًا أن يعظ بالتعليم الصحيح ويوبخ المناقضين" (تي9:1). .. والمعلوم أن الكنيسة قد قررت شرط البتولية للأسقف في القرن الرابع، في المجمع المسكوني الأول المنعقد في نيقية سنة 325م. و يجب ايضا أن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج لئلا يسقط في تعيير و فخ ابليس.. ويقول الكتاب المقدس عن "القدوة الحسنة " ..."فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات (متى 16:5 ).."..
وبمناسبة الحديث عن الرهبان والأديرة ، ياريت حد يرد على سؤالي " هوه ليه بنبني ونفتتح أديرة في بلاد الفرنجة ، ياترى علشان نرهبن أهالينا هناك ؟ .. رهبنة بالفرنساوي ولا الإيطالي ليه ؟ .. ولا نوينا نرهبن أولاد الفرنجة ؟!!
وفي كمان سؤال تاني بيلح على فنان الإيقونات الرائع "عادل نصيف " .. " هوه ليه بنستعين بالأجانب في إبداع الإيقونات لتعلق في كنائسنا بشكل يمثل عدوان على الهوية المصرية للفن المصري ؟ ..
وعلى الجانب الأخر ، مؤخراً تم نشر الخبر التالي في عدد من الصحف "نفذت مصلحة الضرائب، الجمعة، إجراءات الحجز على الأرصدة البنكية للاعب الأهلي والمنتخب المعتزل، محمد أبوتريكة، بعد تهربه من سداد مبلغ 800 ألف جنيه مستحقات ضريبية عليه لم يسددها، حسب مصادر مسؤولة بالمصلحة."..
وقبل أن تبدي دهشتك عزيزي القارئ ، ياريت تقرأ كلام الشيخ خالد عبد المنعم الرفاعي على موقع طريق الإسلام ( وهو الحاصل على ليسانس الشريعة الإسلامية من جامعة الأزهر بالقاهرة.والذي عمل مديرًا لمعهد إعداد الدعاة بالمركز الإسلامي العام لدعاة التوحيد والسنة ،وأستاذًا للفقه المقارن بنفس المعهد ، و مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة ) .. يقول " فإنه لا يجوز للدولة أن تفرض على المواطنين ضرائب سواء كانت على الدخل، أو على الأرباح، أو الدعاية والإعلان، أو العقارات، أو غير ذلك من الضرائب. والأصل أنه لا يجب على المسلم إخراج شيء من ماله سوى للزكاة ". وقد شاركه الرأي م. خالد سعيد ( الدعوة السلفية ) في حديث له مع الإعلامي " طوني خليفة " .. ولا تقدير للأزمة المالية التي نعاني منها ، والتي فكر البعض منا بتوجيه جانب من إيرادات الزكاة لصندوق "تحيا مصر"
إنها "القدوة الحسنة" التي نبحث عنها ، ويقول الكاتب محمد جميل " لقد وردت في القرآن الكريم في ثلاث آيات في سورتين هما الأحزاب والممتحنة٬ ووردت تصاريف القدوة في سورتين هما الأنعام في قوله تعالى "أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده"٬ والجاثية في قوله تعالى "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون"٬ أوضح أن بين الإسوة والقدوة تقارب في المعنى٬ فمادة "القدو" تدل على اقتباس بالشيء ومقادرة وذلك يشير إلى أن هناك أصلا تتم مقادرة فرع به٬ ومؤدى هذا أن الذي يقتدي بأحد يتخذه أصلا ومثالا في أقواله وأفعاله وأحواله٬ أما الإسوة - بكسر الهمزة وضمها - فمعناها الخصلة أو الحالة التي يكون عليها الإنسان٬ فمعنى الإسوة ما يتأسى به فيقتدى به كما قال القرطبي٬ مؤكدا أن هذه المعاني اللغوية للمادتين تلحظ بيسر في موضوع الدرس "القدوة الحسنة" مع إضافة قيد الحسن المضاد للقبح."
medhatbe@gmail.com