الأقباط متحدون - أنغام وانتقام
أخر تحديث ٠٥:١٦ | الأحد ٢٠ يوليو ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ١٣ | العدد ٣٢٦٥ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أنغام وانتقام


علي سالم
هذه حدوتة من الهند القديمة حولتها السينما الهندية في بداياتها في خمسينات القرن الماضي إلى فيلم غنائي هو «بيجو باورا» بيجو هو اسم البطل، كان مع والده خارج البيت عندما أغارت إحدى العصابات على قريتهم وقتلت عددا من أهلها، قتل أبوه في هذا العدوان فقال لطفله في لحظات احتضاره: عندما تصل لسن الشباب، أريدك أن تنتقم من الأمير حاكم هذه المدينة التي جاءت منها هذه العصابة.

مات الأب ووصل صاحبنا إلى سن الشباب غير أنه كان قد نسي تماما وصية والده. كان يعيش قصة حب مع فتاة جميلة هي باورا. وذات يوم تحدث على القرية هجمة مشابهة فيتذكر على الفور وصية والده ويقرر أن يتخلى عن حبه وأن يتفرغ للانتقام. ينجح في التسلل إلى قصر أمير القرية التي جاءت منها العصابة، اختبأ خلف ستارة ومعه خنجر ينتظر الفرصة للقضاء على ضحيته

الأمير كان من عشاق الموسيقى، وكان في هذه اللحظات يقوم بعمل تقاسيم جميلة مبدعة على آلة السنتور، الأنغام سحرت صاحبنا فأنسته ما جاء من أجله، غاب عن الدنيا فسقط منه الخنجر على الأرض محدثا صوتا عاليا نبه حراس القصر إلى وجوده فقبضوا عليه قال له الأمير: لا تستطيع الانتقام من فنان بقتله، بل بأن تقدم فنا أكثر إبداعا وأهمية مما يقدمه هو.. لو أنك قتلتني لظللت حيا إلى الأبد من خلال أعمالي الموسيقية.. أتريد القضاء علي؟ اذهب لتعلم الموسيقى وتعالى لتصارعني بها.

أطلقوا سراحه فهرع إلى مغارة في الغابة يعيش فيها معلم جليل للموسيقى وطلب منه أن يعلمه الموسيقى، فسأله المعلم عن سبب رغبته في ذلك فرد عليه بأنه سينتقم بها من موسيقي آخر. فضحك المعلم وقال له: من قال لك ذلك كان يسخر منك لسبب بسيط هو أن الموسيقى عندما تدخل قلبا تطهره من كل أنواع الكراهية وكل الرغبات الرديئة ومنها الانتقام بالطبع.

غير أن صاحبنا تركه وخرج يجول في الغابة باحثا عن مصدر لألحانه، قابل حبيبته التي حاولت عبثا أن تثنيه عن عزمه، وفى لحظة يأس قدمت يدها لثعبان فلدغها فماتت، في تلك اللحظة مع إحساسه بالفجيعة بدأت تتفجر الموسيقى بداخله فحملها بين ذراعيه وأخذ يغني وقد تحولت كل أحزانه إلى أنغام حتى وصل بها إلى تمثال حجري يمثل إله الموسيقى الذي اغرورقت عيناه بالدموع، نعم بكى التمثال الحجري لمأساته.

يمشي صاحبنا في قرى الهند ومدنها وهو يغني وخلفه يمشي عدد كبير من المريدين، ورفض صاحبنا أن يدخل في مسابقة مع الأمير الموسيقي وقال: لست أنا الذي أغني، هناك شخص بداخلي هو صاحب كل هذه الألحان لا أستطيع أن أطلب منه أن يغني أو أن يمتنع عن الغناء. أنا فقط سأذكرك بجملة واحدة تدور حولها الحكاية: عندما تدخل الموسيقى قلبا فهي تطهره من الكراهية والرغبة في الانتقام.

هل عرفت الآن لماذا يكره إخوانا البعدا الموسيقى؟ لأنها تبعد الناس عن الشر وتطهر القلوب من الكراهية.
نقلآ عن الشرق الأوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع