أذكرك أن العمل المسرحي الذي اتفقت أن أكتبه لموسم شتاء 1971 كان «الأرملة الطروب»، وفي جلستنا الأولى بحضور الأستاذ مصطفى بركة وقعت العقد بأكبر مبلغ حصلت عليه في حياتي وهو 750 جنيها قبضت منها القسط الأول، وهو مائة وخمسون جنيها. غير أن سمير طلب مني أن أكتب «مدرسة المشاغبين» عن الأصل الفرنسي خوفا من أن يتركه عادل إمام وسعيد صالح ليعملا في أية فرقة أخرى من فرق الصيف الكثيرة التي تظهر عادة صيفا وتختفي شتاء. وسألني سمير: تاخد كام؟
فأجبت: 300 جنيه (ثلاث مائة جنيها).
سألني مصطفى: اشمعنى دي بتُلتُمِيّة.. و«الأرملة الطروب» بسبعمية وخمسين؟ أجبته: الأرملة الطروب أستطيع كتابة الفصل الثاني والثالث في عشرة أيام.. وأقدر لكتابة «المشاغبين» عشرين يوما.. يعني سأعمل لمدة شهر وأحصل على ألف وخمسين جنيها.. لو طلبت أكتر من كده أبقى راجل حرامي.
عدد من الأشخاص أعدوا هذه المسرحية عن الأصل الفرنسي وهو «ج 3» للكاتب روجيه فرديناند. منهم ماهر ميلاد وهو مؤلف مسرحي ظهر فجأة واختفى فجأة وقدم السيد راضي مسرحيته في مدينة المنصورة. كما قدمتها السينما المصرية قبل عرض مسرحيتنا بعام تقريبا باسم مدرستي الحسناء ولم يلفت الفيلم نظر أحد، كما أعد الممثل عبد الله فرغلي الفصل الأول منها غير أن فرقة ثلاثي أضواء المسرح لم يجدوها مناسبة لهم كما لم تكن فرقة المتحدين متحمسة لها بعد أن بدأوا بالفعل التدريبات على الفصل الأول. قلت لسمير: شرطي الوحيد هو أن تعطيني الترجمة كاملة.. لا شأن لي بنص الفصل الأول الذي كنتم تعملون عليه.
في اليوم التالي جاءني بترجمة باللغة العامية للمسرحية، كان المترجم هو عبد الفتاح السيد، بعدها بأيام جاءني سمير بترجمة أخرى باللغة العربية الفصحى، كانت الترجمة جميلة وراقية، بعد أن قرأتها قلت لسمير: سأعتمد على هذه الترجمة في عملي. المدهش أنني حتى الآن لا أعرف اسم صاحب هذه الترجمة الممتازة. ترى ما هو المكان الذي يحتله هذا الكاتب الذي كلفه سمير خفاجة بكتابة هذا العمل في أبريل (نيسان) 1971؟
ظهرت أولى مسرحياتي «ولا العفاريت الزرق» على المسرح الكوميدي من إخراج جلال الشرقاوي 1965، وفي موسم 1966 ظهرت مسرحيتي «الرجل اللي ضحك ع الملايكة» من إخراج نجيب سرور. في هذا العرض حدث أول صدام عنيف بيني وبين الرقابة على المصنفات الفنية انتهى بأن قدمت المسرحية باسم «الراجل اللي ضحك ع الأبالسة» وفي موسم 1967 قدم المسرح الحديث عرضا مسرحيا من فصلين «أغنية على الممر» التي قدمتها السينما المصرية بعد ذلك و«بير القمح» من إخراج أنور رستم. في نفس الموسم قدمت نفس العرض من إخراجي في أسوان ثم «حدث في عزبة الورد» من إخراج عبد المنعم مدبولي و«طبيخ الملايكة» للثلاثي من إخراج حسن عبد السلام موسم 68/ 69 و«إنت اللي قتلت الوحش» من إخراج جلال الشرقاوي على مسرح الحكيم موسم 1970. كما ترى، كنت فتوة مسرح في ذلك الوقت.
أعود لـ«مدرسة المشاغبين».. أخ.. آسف.. لقد تجاوزت المساحة المخصصة لي.. قابلني بعد غد.
نقلا عن الشرق الاوسط