الأقباط متحدون - داعش الهوى والهوية
أخر تحديث ٠٠:٢٦ | الاربعاء ٦ اغسطس ٢٠١٤ | أبيب ١٧٣٠ ش ٣٠ | العدد ٣٢٨٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

داعش الهوى والهوية

كمال غبريال
كمال غبريال

أما وقد انتهى عصر الاستعمار الأجنبي، فلا يبدو لشعوب الشرق من مهرب، من تذوق مرارة ما تجلبه على نفسها بنفسها. لعل أهم ما تشترك فيه جميع شعوب منطقة الشرق الأوسط أمران. أولهما فساد أنظمة حكمها. والثاني أن نخبها المعارضة باختلاف تصنيفاتها، أكثر سوء وفساداً من الحكام. واضح أيضاً أن دول منطقة الشرق الأوسط، لا يصلح لحكمها غير الاستعمار أو الديكتاتورية.

كان أداء مبارك غبياً بليداً. فثار عليه المهاويس والأفاقون وذئاب الظلام. كان عصر مبارك سيئاً، لكن أشخاص وأفكار ورؤى من قاموا عليه، أسوأ منه بمراحل كثيرة. تجلى هذا بداية في حكم الإخوان، ويتجلى فيمن يسيطرون على حكم البلاد الآن، حيث التخبط والجهل وانعدام الكفاءة إلى حد مذهل ومؤسف، فيما يتعالى الصياح معارضة للوضع الراهن، ممن إذا وصلوا لحكم البلاد، ربما ستكون الطامة أقرب أو حتى أكبر من طامة حكم محمد مرسي وجماعته. حتى الانتخابات النيابية القادمة إن تمت (لا قدر الله)، لن تأتي بنواب من المريخ. ستأتي بأناس ممن تموج بهم الساحة الآن. مختلف صنوف الحثالات السياسية والثقافية!!

لذا فليس من الغريب أن نجد لسان حالنا يقول: لا لازدراء ثورة 25 يناير. نعم لازدراء من تقدموا صفوفها وسيطروا عليها. ونعم لازدراء من يتحدثون باسمها ويرفعون رايتها الآن، الذين ينعقون كالغربان التي تستدعي الخراب. هناك الآن بمصر تيار يدفع للنقمة على فعل "ثورة 25 يناير"، وليس على أسباب ذهابها إلى ما ذهبت إليه من خراب. الفارق كبير بين الأمرين، وبين النتيجة التي ستترتب في كل حالة. في حالة النقمة على فعل الثورة ذاته، سنعود إلى ما كنا عليه من بلاء، وسيظل من تسببوا فيما حدث على حالهم، وأعني تحديداً هؤلاء المتباكين على الثورة الآن، والداعين إلى استمرارها. ستظل الثورة هكذا تعني فوضوية الفوضويين، وممارسة تعاطي المفاهيم البائدة و"شم الكُلَّة"، والهتاف بالشعارات العروبية واليسارية. إذا كنا قد نجحنا حقاً في تنحية وتجنيب طيور الظلام، وفضحنا نوعية ثوريتها، فعلينا الآن أن نجرد العدميين واليسارجية والعروبجية من رايات الثورة، انتظاراً للحظة التي نتطهر فيها من كل صنوف الداعشية، دينية كانت أو علمانية، لتتلقف راية الثورة أياد جديدة، تؤمن بالحضارة المعاصرة والحداثة والسلام.

هي "صدمة الحداثة"، التي دفعت أبناء الشعوب التي تستشعر العجز عن مسايرة التطور العالمي والحضارة المعاصرة، إلى أن ينفجروا، ويحاولوا تحطيم الحضارة على رؤوسهم ورؤوس المتحضرين، بداية باسم العروبة، وتالياً باسم الدين. واضح أن رسل الموت والذبح الداعشيين، على درجة فائقة من المهارة القتالية، علاوة على الاستبسال غير المسبوق في القتال. كأننا نواجه كائنات خرافية، انشق عنها باطن الأرض. الداعشية سبب ونتيجة. هي سبب فشلنا في التقدم والتحضر، وهي كذلك الأشواك التي تنمو في تربة الفشل. هل من سبيل لكسر تلك الدائرة الجهنمية؟. لا أظن مثلاً أن أمريكا وإسرائيل هم من كتبوا الدستور المصري، كما لا أظن أن داعش قد تجاوزت حدود المادتين الأولى والثانية من الدستور المصري الجديد القديم. أظن أيضاً أن داعش لم تفعل غير تطبيق العهدة العمرية على مسيحيي الموصل. داعش هي الطفح الذي يخرج من جوف شعوب الشرق، سواء تبدت في مظهر علماني أو ديني. فداعشية عبد الناصر وصدام والقذافي وعبد الله صالح وبشار الأسد ونوري المالكي، لا تقل أصالة في هويتنا، من داعشية حسن نصر الله وخليفة المسلمين أبو بكر البغدادي!!

أظن أن المسؤولين عن أمن مصر، يأخذون التهديدات القادمة من ليبيا، بالجدية التي تتناسب مع حجم الخطر. حين يواجه أمن مصر تحديات ومخاطر حقيقية، فإن أبشع جرائم من الممكن أن ترتكب، هي التهاون والتدليس ومسك العصا من المنتصف. عليك أن تسارع بمواجهة الخطر، قبل أن تجده ينشب مخالبه في صدرك. قرار ضرب الإرهاب في ليبيا بمعرفة الجيش المصري، هو قرار ذو شقين. شق سياسي، أتعشم أن يكون إيجابياً في صالح القرار. وشق عسكري، هو الذي يحدد إذا كان هذا ممكناً بالفعل أم لا. العقلية الأمريكية، التي نراها في الأفلام، التي تتناول خطراً يهدد أمريكا، لا تنتظر وصول الخطر، لكنها تذهب إليه في منبعه. ولقد رأينا هذا في الواقع بعد 11 سبتمبر 2001، حين ذهبت أمريكا إلى أفغانستان، لضرب مراكز الإرهاب. الأمر هكذا بالنسبة لمصر، إذ يتطلب ضرب الإرهاب في ليبيا. بالطبع مع كامل الاحترام للحسابات العسكرية. أن نحارب داعش في ليبيا، أفضل من أن نقاتلها في شوارع وأزقة وبيوت المدن المصرية. لا ينبغي أن نفعل مثل العراق، التي انتظرت حتى تأتي إليها داعش من سورية. ربما هناك مشاورات جارية الآن بين مصر والاتحاد الأوروبي وأمريكا حول الوضع في ليبيا، تبرز الدور المحوري لمصر في التصدي للإرهاب هناك. أتوقع هذا لأنني أظن في المسؤولين المصريين الفطنة واليقظة، حتى لا نشهد اجتياح داعش ليبيا للمدن المصرية. لو وصلت داعش إلى السلوم ومرسى مطروح، فهل نعرف كم سينضم لها من الأهالي، وكم سينضم لها في الإسكندرية؟!!

kghobrial@yahoo.com

نقلا عن إيلاف


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع