محمد حسين يونس
نحن أسرى للمرابين و بنوك الاقراض العالمية .. وأسرى لتجار دين متخلفين يتكسبون الملايين من إشاعة تخلفهم .. و جهاز بيروقراطي فاسد .. حتي بين الضباط سنجد الذين لا يتورعون عن إغتيال زميلهم ما دام يقف عقبة أمام مكاسبهم الحرام .. و قيادة ترى أنها ملهمة ..وأن التوفيق يسير في ركابها بس الناس مستعجلة علي النتائج
خلال السنوات الخمس الماضية لم أصل أبدا إلي هذه الدرجة من اليأس .. حتي عندما كان أنطاع الاخوان يحتلون حديقة منزلي برابعة .
و لكن للامانة لم أصل أيضا منذ ستينيات القرن الماضي إلي مستوى الامل في التغيير والعودة إلي درب المعاصرة المفقود .. لقد كان شعارنا دائما((علي حسب الريح م يودى الريح وياه أنا ماشي ماشي و لا مهدى)) .. حتي لو قاد الريح .. للجوار والتعامل مع ضوارى بشرية لا هم لها إلا تخريب هذا الوطن .. فقد كنا نصبر و نرجو لجار السوء ((أن يرحل أو تجيله مصيبة تاخذه )).
بالامس ..كتبت كل ما كنت أستطيع كتابته .. وكأنني أكتب علي سطح الماء .. وزعقت بأعلي صوت..أن إحذروا .. و لكن كنت كصارخ البرية .
اليوم أرى أنه لا أمل .. وأن علينا أن نبدأ الرحلة الصعبة من جديد. ..رحلة الغضب بعد الوعي بالهزيمة ..رحلة قاسية ذقنا مرارتها مرات و مرات ،عندما وعينا أن الوحدة مع سوريا كانت فعلا غير متأنيا .. وأن حرب اليمن كانت فعلا طائشا .. وأن إغلاق مضيق تيران كان إنتحارا .. و أن إنتصار إكتوبر كان نصرا علي ورق الصحافة و أثير أجهزة الاعلام .. وأن الانفتاح الاقتصادى كان فتحا للابواب لتدخل عصابة الاربعين حرامي .. و أن الاستقرار المباركي كان البيئة المناسبة لتوالد حشرات الاخوان و السلفية .. وأن 25 يناير كانت هوجة تم قمعها بهدوء و ثقة رعاة البقر المدربين علي قيادة القطعان الهائجة .
لقد عدنا إلي نقطة ما قبل الصفر إلي مرحلة التأمل و التألم .. ومحاولات الافلات من المتاهه التي لازلنا ندور فيها منذ أن قرر البكباشية أنهم الاقدر علي قيادة مصر .. فقهروها .. و مسخوها .. و جعلوا منها ..وطنا طاردا للخير.. بعد أن كان في يوم ما نقطة الجذب لكل ما هو سام و راق و متقدم .
فليتوقف هذا القلم ياسا .. عن الكتابة .. و ليسكن هذا القلب المسن عن الانفعال والدق ..و ليصمت نعيب الغربان الصادر من صفحتي .. و لنقل وداعا للاصدقاء .. سأغلق هذه النافذة حتي تتوقف الرياح الخماسينية الشرقية المحملة بالتراب و العقارب .. و أمراض التنفس .