شن يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الواجهة الرسمية لحركة الإخوان المسلمين، هجوما على مؤتمر أهل السنة الذي انعقد في الشيشان بمشاركة واسعة من رجال الدين والمفكرين، وذلك خوفا من نجاح المؤتمر في كسر احتكار الاتحاد لتمثيل أهل السنة.
ووفقا للعرب اللندنية، سعى المؤتمر الذي انعقد في العاصمة الشيشانية غروزني، من 25 إلى 27 أغسطس الماضي بمشاركة شيخ الأزهر أحمد الطيب، إلى تقديم صورة مغايرة عن الإسلام الذي طبعته الأفكار المتشددة والتوظيف السياسي بطابع العنف والتطرف.
وذكرت توصيات المؤتمر الذي انعقد تحت عنوان “من هم أهل السنة والجماعة” أن “أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي”.
ولم يخف القرضاوي انزعاجه من “المؤتمر بأهدافه وطبيعة المدعوين إليه والمشاركين فيه” واصفا إياه بـ”مؤتمر ضرار”.
ويبدو أن السبب الأبرز لهذا الانزعاج هو طبيعة المؤتمر والأفكار التي دافع عنها والأشخاص الذين حضروه، والذين يمكن أن يمثلوا بديلا يكسر احتكار القرضاوي والاتحاد الذي يرأسه لتفسير الإسلام وتوظيفه في خدمة القضايا السياسية.
وقال خبراء في جماعات الإسلام السياسي إن غضب القرضاوي مفهوم، فهو يقدم نفسه ناطقا رسميا باسم أهل السنة والجماعة، رغم أن الإخوان أقلية سياسية وليست دينية داخلهم، ووجود هيئة علمية بديلة تعيد التعاطي مع الإسلام إلى مقاصده من شأنها أن تسحب من الزعيم الإخواني البساط وتبعد عنه الأضواء.
والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو واجهة لجماعة الإخوان المسلمين وظفتها في صراعها مع دول مثل مصر وسوريا، وفي ابتزازها لدول الخليج التي تنظر إلى الجماعة بعين الريبة، وبعضها صنفها كمنظمة إرهابية مثل السعودية والإمارات.
ودأب الاتحاد الإخواني على مديح الدول التي تموله وتحتضن اجتماعاته، وتستقبل أعضاءه الهاربين من أحكام قضائية في بلدانهم الأصلية. وخلال السنوات الماضية كان اتحاد القرضاوي واجهة لسياسات قطرية وتركية.
ووجد القرضاوي الفرصة مواتية للتقرب من السعودية وهيئاتها العلمية التي سبق أن منعت تدريس كتبه في البرامج الدراسية، فضلا عن تصنيفها الإخوان جماعة إرهابية، وذلك باتهام المؤتمر بالصمت على ما تقوم به إيران، رغم أن الإخوان تواطأوا مع طهران ضد السعودية ودول الخليج.
وتساءل القرضاوي عن عدم اعتراض أي “ممن نصبوا أنفسهم ممثلين لأهل السنة والجماعة حول ما تقوم به إيران وأذنابها، من ميليشيات حزب الله في سوريا، والحوثيين في اليمن من قتل واستباحة وتدمير، وبعث الدعاة في أفريقيا وآسيا لتضليل أهل السنة، ولا كلمة إنكار لما تقوم به روسيا، ومن يدور في فلكها، ولا عجب”.
وسعى الزعيم الإخواني إلى استثمار الغضب السعودي من المؤتمر خاصة بعد أن استثنى الوهابية والسلفية من الفرق المكونة لأهل السنة متهما إياهما باختطاف هذا المصطلح.
ولم يصنف المؤتمر المؤسسات العلمية السعودية كمؤسسات علمية عريقة مثل “الأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت”.
وأشار البيان الختامي لمؤتمر الشيشان إلى أن انعقاده سيكون “نقطة تحول مباركة لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طال مفهوم أهل السنة والجماعة إثر محاولات اختطاف المتطرفين له.
واعتبر علي الجفري، الداعية السعودي المشارك في المؤتمر، أنه يمثل بداية لاستعادة مصطلح أهل السنة.
وقال خبراء في جماعات الإسلام السياسي إنه وبقطع النظر عن الجهات التي تقف وراء المؤتمر فإنه يأتي في سياق رغبة دول عربية وأجنبية لبحث استراتيجيات مواجهة الأفكار المتشددة التي قادت تنظيمات مثل القاعدة وداعش إلى توظيف الخطاب الديني لتبرير عمليات القتل الطائفي والتفجيرات الانتحارية واستهداف المدنيين.
وحذر بيان لهيئة كبار العلماء في السعودية من “النفخ في ما يشتت الأمة ولا يجمعها، وعلى كل من ينتسب إلى العلم والدعوة مسؤولية أمانة الكلمة، ووحدة الصف، بخلاف أهل الأهواء الذين يريدون في الأمة اختلافا وتنافرا وتنابذا وتنابزا، تؤدي إلى تفرق في دينها شيعا ومذاهب وأحزابا”.