الأقباط متحدون - النموذج التربوي والمعلم العصري
  • ١٩:٣٢
  • السبت , ١١ اغسطس ٢٠١٨
English version

النموذج التربوي والمعلم العصري

مدحت بشاي

بشائيات

٠٢: ٠٦ م +02:00 EET

السبت ١١ اغسطس ٢٠١٨

 النموذج التربوي والمعلم العصري
النموذج التربوي والمعلم العصري
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
لا ريب أن التربية أمر معني بالتهذيب والتنشئة الأخلاقية للمتعلم لاكتمال أساس تنشئة اجتماعية صحيحة وسليمة. و تساهم التربية أيضا في الحفاظ على قيم المجتمع وعاداته وتقاليده، وتسعى جادة لتكوين المواطن الصالح، و تهدف كذلك إلى تغيير المجتمع والدفع به نحو طريق التقدم .. 
 
وتسعى التربية جادة إلى إدماج الفرد في المجتمع تكيفًا وتأقلمًا وتصالحًا وتغييرًا، كما تسعى إلى الإنماء الكامل لشخصية الإنسان وتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية ..ودعم الأجيال القادمة إعداد بشر قادر على تحقيق الاستقلال الفكري والأخلاقي واحترامهم لذلك الاستقلال لدى الآخرين..
 
التربية في النهاية وسيلتنا لتحقيق الإبداع والابتكار و طريقة في الاستكشاف والتأويل والبحث ودمقرطة المجتمع، وترتكز على الحرية والمبادرة الفردية وسيادة النقاش الهادف والنقد البناء والحوار السليم لبناء مجتمع متقدم واع يساهم في الذهاب نحو الحداثة ..
 
تابعنا بكل تعاطفٍ وامتنان المشهد الرائع لتلك الجنازة الحاشدة لوداع معلم مثالى نبيل من جانب طلابه وأولياء الأمور والزملاء، بل أهل المنطقة التى عاش فيها، وقد تكرر ذلك المشهد المؤثر فى وداع أكثر من معلم، وكتبت مندهشًا حزينًا لعدم مشاركة وزير التربية والتعليم والمحافظ وغيرهما من القيادات فى مثل تلك المناسبات ليعربوا عن تقدير مؤسساتهم لأصحاب تلك النماذج القدوة.
 
فى زمن افتقاد القدوة والمثل الطيب بالقدر والشكل المأمول، نأمل أن يؤكد أهل القرار والمسئولية على كل ما من شأنه إعلاء القيم الإيجابية وأصحابها، وأن يتنبه الإعلام لدوره المهم فى إلقاء الضوء، بل تنوير وجوه أصحاب مبادرات العمل الوطنى والإنسانى المتميز والرائد.. لماذا لا تكون أسماء الفصول فى كل مدارسنا بأسماء أبطالنا عبر التاريخ (الأحياء والأموات والشهداء) والعلماء والمخترعين البارزين والسياسيين النبلاء أصحاب الأدوار التاريخية ونجوم الفن والرياضة وغيرهم فى كل المجالات؟.. نختار منهم من يمثل القدوة الصالحة.
 
وأتساءل: هل تنبه أحد للأرقام التالية التى خرج بها أحد مراكز الأبحاث فى مجال تطوير التعليم، مثل أن نسبة ١٠٪ من الطلاب الذين أشاروا إلى أن المعلمين يتناقشون معهم أثناء الحصص الدراسية، ٤٠٪ أفادوا مطالبتهم بحفظ المقررات الدراسية، كما وقف المسح على مشاكل فى البنية الأساسية فى المدارس، حيث جاءت نسبة ٤١٪ من مدارس الريف بها مشاكل فى الفصول، سواء فى تحطم مقاعد الطلبة أو النوافذ أو الأبواب، أما فى العشوائيات فنسبة ٣٥٪ من فصول المدارس تفتقد الإضاءة والتهوية؟!.
 
وبمناسبة البحوث العلمية وأهميتها، أكاد أتخيل أن الناس فى كل الدنيا تسعدهم مخرجات الأبحاث العلمية والتكنولوجيا المعاصرة وتسهم فى رقيهم وتقدمهم، إلا فى عالمنا النامى، فالتكنولوجيا المعاصرة التى نكتفى باستخدامها كمستهلكين قد تتسبب فى تراجع حضارى وقيمى فى بعض الأحيان.. فالهاتف المحمول على سبيل المثال أسهم بشكل ما فى تيسير سبل التواصل والإنجاز وامتصاص قدرٍ ما من حجم البطالة، ولكن تعال عزيزى القارئ نرصد هذا الكم الهائل من السلبيات نتيجة سوء التعامل مع ذلك الاختراع العبقرى.. انتشار استخدامه فى الغش فى الامتحانات، استخدامه فى دوائر التفجيرات الإرهابية، فضلًا عن استخدام هواتف غير معلوم أصحابها فى ارتكاب جرائم، وكيف باتت تلك الأجهزة وسائل تنبيه سريعة فى دوائر أهل الشر للإفلات من كمائن الشرطة ومتابعاتها؟، وكيف صار الحال على الطرق السريعة وارتفاع نسب الحوادث ونزيف الأسفلت بسبب الانشغال بمكالمات تذهب بأصحابها إلى فعل كوارث بشعة؟.. كل ذلك وغيره الكثير على الجانب المادى، أما على الجانب الإنسانى والنفسى والمجتمعى فالأمر بات فى منتهى الخطورة.. حالات تفسخ أسرى، وتزايد حالات فسخ الخطوبة، وارتفاع نسب الطلاق، وفلتان عيار البنات والشباب، وسلم لى على أى محاولات للرقابة والتتبع يا بابا كولمبو ويا ماما أجاثا كريستى.
 
أخيرًا، أتفق مع رؤية الخبراء  فى توصيفهم لمشكلة التعليم فى مصر على أنها تنتج عن تأثير خمسة عوامل تبرز فى: دور إدارة الوزارة لمنظومة التعليم، وتكوين المدرس وعلاقته بالمنهج، وثقافة المجتمع والمهارات الحياتية ومن ضمنها الأخلاقيات التى نشأ وتربى عليها المجتمع، والمواطنة، ودور مجانية التعليم فى مشكلة التعليم، وعلاقة التعليم بالمجتمع. عندما ننظر لإدارة الوزارة منظومة التعليم نجدها تتدخل فى إدارة المنظومة التعليمية فى كل مصر، وتقوم بالثلاث مسئوليات أساس المنظومة، والمتمثلة فى المسئولية الاستراتيجية، كما تتولى مهمة وضع المنهج وتأليف الكتب، بالإضافة للمسئولية التنفيذية، وتتولى من خلالها تعيين ورفت المدرسين والإداريين، وتقوم أيضًا بمسئولية التقييم، حيث ينوط بها وضع الامتحانات وتقييم الطلبة، بحيث لا تكتفى بالمركزية، بل تجمع بين كل السلطات، حيث تقوم بدور المدعى العام والمحامى والقاضى فى الوقت ذاته، ونتج عن ذلك أن الوزارة تُهدر مجهودها فى المسئولية التنفيذية، الأمر الذى يؤثر سلبًا فى مجهود المسئولية الاستراتيجية والتقييمية، وهذا أدى لوجود خلل فى المنظومة ككل لعدم مقدرتها على القيام بالثلاث مسئوليات " الاستراتيجية والتقييمية والتنفيذية " ..