محمد حسين يونس
المسافة بين الحديدة وصنعاء حوالي 225 كيلومتر تصعدها في جبل وعر .. وقد تبدأ الرحلة مرتديا قميصا وشورتا و تنتهي لابسا بالطو وبلوفر وايس كاب و تظل تشعر بالبرد .
ارتفاع الجبل الحاد يجعل المسافر يعيش جميع مناخات السنة .. بدا بالصيف ثم الربيع فالخريف فشتاء قارس البرودة .
في زمن حكم إمام اليمن .. كانت كل الطرق مدقات ترابية.. ضيقة و كان التحرك عليها شديد الصعوبة .. حتي بالسيارات .. لذلك قررت الصين القيام بمبادرة رصف الطريق الموصل بين المدينتين.. كان العمل شاقا .. خصوصا مع غياب الامكانيات المحلية تماما بحيث إستورد المقاول الموكل اليه الرصف كل المعدات و المواد .. مع كل اسباب إعاشة العاملين في ظروف مناخية صعبة ..
و لكن كعادة الصينيين قاموا بالعمل طبقا لخطط التزموا بها و انهوه في المدة المقررة بالتعاقد بينهم وبين الامام شخصيا .
بعد ذلك ذهب مدير المشروع يطلب قيمة التعاقد .. فما كان من الامام الا انه هاج و ماج و إتهم الرجل قائلا ((سودت ارض اللة يا كافر )) ثم امر بقطع رقبته. جزاء لكفره .
في منتصف الطريق بين الحديدة وصنعاء تجد نصبا تذكاريا أقيم بعد ثورة السلال ..للمهندس الصيني الذى فصلت راسه عن عنقة كجزاء لتسويدة ارض الله في الجبل الصاعد بين المدينتين.
في البصرة .. و كانت المجارى فيها تتحرك في ترنشات مفتوحة .. تعطي للمدينة رائحة خاصة .. و بيئة غير نظيفة .. وصل الصينيون .. للعمل في إنشاء شبكات صرف صحي تخرج المدينة من كابوس العصور الوسطي ..
كنت مستشارا لشركة إيطالية تقوم بعمل البنية التحتية.. للبصرة الجديدة .. و كنت أزور الموقع مرة كل شهر ..
في زيارة منها وجدت الطائرة من بغداد للبصرة ممتلئة بشابات صينيات .. حزينات .. .. لفت نظرى كثرتهن .. فسألت .. فإذا بهن يحضرن من بلدهن للترفية عن العاملين الذين لم يحتكوا أبدا بالعراقيين إلا من خلال .. الرسميين و أحضروا معهم كل إحتياجاتهم .. بما في ذلك الطعام .. و الخبز ..
كان تقدم المقاول الصيني في أداء العمل يدعوا للإعجاب .. و عندما أعلن العراق (قادسية صدام ) .. و أصبح العمل في البلاد خطرا ..إنسحب معظم الأجانب .. و ظل الصينيون يعملون بنفس المعدلات .. دون توقف .
في مصر قالوا أن قاعة المؤتمرات ستكون هدية من الحكومة الصينية .. كنت أمر عليها يوميا .. في طريق للذهاب و العودة من العمل .. لم نر صينيا وحيدا في الشارع أو خارج الأسوار التي أنشأوها .. و بدون جلبة أو ظيطة أو هوسة أو دعاية .. قام المبني في شهور .. علي أفضل حال .. مثل أخية دار الأوبرا (اليابانية ) .. دون أن يستعينوا بأى جهد محلي .أو يسببوا لجيرانهم إزعاجا .
هؤلاء هم الصينيون .. الذين لم يتوقفوا أبدا عن مساعدة الدول التي تحتاجهم .. دون (من ) أو (أذى ) .
تفتكر الصينيين حينشئوا ترامهم السريع علي (ارض الله ) بالكنانة ولا إتعلموا بعد دعوة مقاطعة بضائعهم .. أنهم سيكونون هدفا سهلا لإرهاب التيارات الراديكالية .