محمد حسين يونس
عام 1950 حصلت علي الإبتدائية (القديمة ) و إلتحقت بمدرسة فاروق الأول الثانوية .. طفل تخطي العاشرة بشهور قليلة ...و مع ذلك كان بإمكاني إدراك ما يحدث حولي .. بل و المشاركة فيه .
ففي ذلك الزمن .. كان الشارع المصرى ينتفض ضد الإستعمار و أعوانه خصوصا الملك فاروق .. و كان حزب الأغلبية الشعبية ( الوفد ) قد أعاد ترتيب أولوياته وصفوفه و طعم قيادته بشباب الوفد المتحمسين ..
وكان قد ظهر علي السطح طالب كلية الهندسة ( مصطفي موسي )رئيسا للجنة العمال و الطلبة الوفديين علي مستوى الجمهورية .. يحرك الجماهير بإقتدار .. في مواجهة الأمن و الإنجليز و الإخوان المسلمين و القلم المخصوص ( جهاز قمعي أنشأة الإنجليز تحت إشرافهم في وزارة الداخلية بعد إغتيال بطرس غالي رئيس الوزراء .. لتعقب الحركات الثورية).
كان يكفي أن يقف الزعيم الشاب في هندسة القاهرة أو في حرم الجامعة و يهتف (( اليوم حرام فيه العلم )) حتي تنتشر صيحته في طول القاهرة و عرضها .. و يخرج طلبة مدرسة فؤاد الأول (بحينا) حاملين أعلام مدرستهم .. ليحرضوا طلاب فاروق الأول .. و خليل أغا .. و الحسينية .. و العباسية .. فتخرج الجموع المؤيدة بواسطة سكان الحي متجهه إلي قصر عابدين تهتف ضد الإحتلال و الملك .. تطاردها قوات الشرطة والهجانه بجمالها و خيولها .و يتعقبهم رجال القلم المخصوص ليقبضوا علي الزعماء .
مصطفي موسي هذا أصبح بعد ذلك قائدا للطليعة الوفدية التي كانت تضم العديد من الشباب ذوى الميول اليسارية .
وفي هذا العام (1950 ) قرر شباب الطليعه الوفديه خوض انتخابات البرلمان.. واكتسحوها بعد أن نالوا ثقة و حماس الناخبين من خلال العمل الميداني المكثف.. و التعبير عن إرادة الجماهير
شباب اليسار الذى أصبح بعض منهم نواب و أعضاء في البرلمان نجحوا في قياده الوفد وتوجيه سياساته في اتجاه دعم الفقراء و فرض الضرائب التصاعديه علي كبار ملاك الاراضي الزراعيه فتضاعفت الحصيله التي قاموا بتخصيصها لدعم التعليم ....وهم الذين جاءوا بالدكتور طه حسين وزيرا للمعارف(ولم يكن وفديا) رافعا شعار التعليم كالماء والهواء
شباب الخمسينيات بما في ذلك (الضباط الأحرار).. كان مؤثرا لانه كان له أحلام .. و خطط إرتبطت بحركة سياسية شعبية ذات توجهات يسارية .. و أهداف تحررية ...و هو الامر الذى إفتقدته كل الحركات التالية بما في ذلك هبات الشعب في ..18و 19 يناير 1977 ..و في 25 يناير 2011 ... التي جاءت كرد فعل معبر عن السخط علي الأوضاع في المجتمع .. دون خطط لتغييرها .. فزادت الأمر ترديا.
لازلنا في حاجة إلي الشباب وحماس وروح مصطفي موسي وأصحابه.. و مرونه حزب الوفد .. و خطط طموحة ..مرتبطة بأحلام الجماهير .. قبل أن تهتف... ((اليوم حرام فيه العلم )). .. و نرفع الأعلام .. في مواجهة مع قوات الهجانة والبوليس السياسي و رجال القلم المخصوص.