بقلم: عادل يوسف – أستاذ بولاية كاليفورنيا الأمريكية
بين فساد الاعلام الغربي وتكاسُل الاعلام الشرقي
يوم الاثنين الماضي في مارثون السبق الصحفي سارع الاعلام الليبرالي الأمريكي والغربي، ومعهما ناقلي الأخبار دون تدقيق، أو حتى فهم لخلفيات الأمور في شرقنا الأوسط، سارعوا بنشر خبر اختيار المجمع الانتخابي الأمريكي لجو بايدن للرئاسة ولم تذكر لنا تلك الأبواق الغربية، ومن نقل عنها الأخبار في عالمنا، أن مجرد تصويت المجمع الانتخابي لا يعني شيئاً دون اجتماع الكونجرس الأمريكي بمجلسيه في السادس من يناير القادم لعد تلك الأصوات وربما الاعتراض عليها ثم التصويت لاعتمادها من عدمه، أو حتى تعديلها.
ينص الدستور الأمريكي في مادته الثانية، القسم الأول على أن يصوت كل عضو بالمجمع الانتخابي من خلال بطاقة تصويت، ويتم ارسال البطاقات بمظاريف مغلقة الي نائب الرئيس الأمريكي (نائب الرئيس ترامب حالياً)، حيث أن الدستور يعتبره أيضاً رئيساً لمجلس الشيوخ، لفتحها خلال تلك الجلسة ومعرفة لمن صوت المجمع الانتخابي، ومناقشتها، كما أسلفتُ.
حتى الأن لم يصبح أحداً من المرشحين رئيساً ولا حتى رئيساً منتخباً بشكل رسمي! فلابد من اعتماد الكونجرس للنتيجة أولاً ثم يتم التنصيب في العشرين من يناير. خلال هذه الفترة، ما بين الان واجتماع الكونجرس، يمكن أن يحدث الكثير، وبالفعل سيحدث الكثير جداً خلال الأيام القليلة المقبلة.
سبق أن أكدت مراراً من خلال مقالات سابقة أن "ترامب سينتصر، وكثيرون سيحلون ضيوفاً على السجون..."، بحسب عنوان احدى مقالاتي في ١٦ نوفمبر ٢٠٢٠. أعتقد أن كلامي هذا الأن يُعتبر غريبا بل وشاذاً جداً وسط اعتراف كل العالم تقريباً، بساسته واعلامه، بأن بايدن قد أصبح بالفعل الرئيس المنتخب. رئيسي المكسيك والبرازيل كانا الوحيدان اللذان لم يعترفا بذلك بعد حتى يوم الثلاثاء الماضي.
الاعلام قام، ومازال يقوم، بالتعتيم على أخبار قد تأكدت في نفس يوم اجتماع المجمع الانتخابي، بعد أن كان قد صدر أمراً قضائياً قبلها بحوالي عشرة أيام بفحص ماكينات التصويت (٢٢ ماكينة) بمقاطعة (يسيطر عليها الديموقراطيون من حزب بايدن) بولاية مشيجان، بعد فحوصات فنية متخصصة تأكد أن برنامج ماكينات عد الأصوات كانت مبرمجة بشكل متعمد لرفض ٦٨,٥٪ من بطاقات التصويت التي يتم إدخالها بالماكينات لعدها على أن بها أخطاء ويجب عدها يدويا، مما كان يعطي الديموقراطيين الفرصة لعد واحتساب أغلبها لاحقاً لصالح بايدن، حسب خطتهم!
يوم الثلاثاء أعلن الرئيس ترامب أن ماكينات الانتخابات تم وضعها تحت حراسة مشددة لفحصها، وحذر الجميع من إمكانية دخول السجون إذا ما قاموا بالعبث بها، وهو ما كانت بعض ولايات الديموقراطيين قد فعلته بالمخالفة للقانون منذ اليوم التالي للانتخابات لإخفاء ادلة اتهامهم بالتزوير، والاعلام تجاهل ذلك أيضاً. الاعلام الليبرالي المناوئ للرئيس ترامب لا ينشر أياً من تلك الأخبار. فقط مواقع محافظة محدودة تفعل ذلك. الاعلام الليبرالي ادَّعى ويدَّعي أن الرئيس ترامب ليس لديه أدلة على تزوير الانتخابات وانه خسر العشرات من القضايا لهذا السبب. الحقيقة هي أن معظم القضايا المذكورة لم يرفعها ترامب نفسه بل مواطنون حريصون على نزاهة الانتخابات، وكان رفض القضايا لأسباب أغلبها فني وليس لعدم وجود أدلة، وفي بعض الحالات كان بسبب تهديدات جادة بالقتل لقضاة ومحامين وحتي لأُسرهم وأطفالهم مما جعل قاضٍ في ولاية جورجيا، مثلاً، يتراجع بعد ثلث ساعة فقط عن قرارٍ كان قد اتخذه في قضية لصالح مؤيدي ترامب!
لحسن الحظ ان الله أعمى قلوب أغلب اليساريين عن ادراك سبب اقالة الرئيس ترامب لوزير دفاعه عقب الانتخابات بأيام، وأيضا ما قام به مؤخراً من تغييرات كثيرة في أعضاء مجلس الدفاع الوطني. هذا لأن ترامب ربما يحتاج الجيش قريبا لتأمين البلاد ضد العنف الداخلي المتوقع ولأسباب أخرى ترتبط بالحاجة، ربما، لردع الصين وإيران...
أتوقع حدوث تطورات سريعة ومفاجئة قريباً جداً فيما يتعلق بتداعيات الانتخابات الأخيرة والتحقيقات الجارية الأن بشأنها، وأتوقع أيضاً أن ترامب سيضطر لاتخاذ إجراءات وقرارات خاصة وقوية.
الحديث الأن، وهو ما يتجاهله معظم الاعلام الأمريكي، يدور حول تدخُّلات خارجية وقعت خلال تلك الانتخابات، ومن شبه المؤكد أن للصين ودولاً أخرى مثل إيران وفنزويلا وغيرهما علاقة بتلك القضية، والمؤكد أنه توجد فيديوهات تُظهر تهريب أعداد مهولة من بطاقات التصويت عبر الحدود مع المكسيك (ولكن ليس لدولة المكسيك نفسها علاقة بها) الى داخل الولايات المتحدة، ويعتقد ان تلك البطاقات طُبعت وأُعدت داخل الصين خصيصا لمساعدة بايدن، ويُعتقد أيضا أن عد الأصوات الانتخابية تم ادارتها من خلال أجهزة داخل دول أجنبية مثل ألمانيا وإسبانيا وصربيا والصين وهونج كونج، وذلك بحسب المحامية الكبيرة "سيدني بأول". والأخطر من هذا كله أنه ربما يكون لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية "سي أي إيه" علاقة بمحاولة التخلص من ترامب عن طريق التلاعب والتحكم عن بُعد ببرنامج ماكينات عد الأصوات لصالح بايدن.
الاعلام المضلل الأن لا يتحدث عما هو في صالح الرئيس ترامب والمحافظين، ولا يرغب في أن يقدم أي صورة مُشوِّهة للطرف الاخر حتى ولو كانت الحقيقة. فهو من قام قبل الانتخابات بالتغطية على قضايا فساد مالية خاصة بابن وأخو بايدن، وبعلاقة بايدن نفسه بتلك الفضيحة، وحتى الأن مازال الاعلام يتجاهل تلك القضية حتى بعد اعتراف "هانتر" ابن بايدن منذ أيام بأنه يخضع للتحقيق فعلاً! هو ذاك الاعلام الذي يتجاهل حالياً فضيحة عضو بالكونجرس أُكتشف أنه كان على علاقة غير أخلاقية بجاسوسة صينية، فقط لأنه ديموقراطي، رغم انه عضو بلجنة الاستخبارات بالكونجرس! وهو ذات الاعلام أيضاً الذي في عام ٢٠٠٠ ظل يعلن للعالم لمدة ٣٧ يوماً بعد الانتخابات الأمريكية أن "آل جور" الديموقراطي كان الرئيس المنتخب إلى أن حكمت المحكمة لصالح جورج بوش الجمهوري!
نفس ذلك الاعلام وجهابذة استطلاعات الرأي فيه هم من أَسالوا الكثير من الحبر على صفحات الجرائد في عام ٢٠١٦ مؤكدين أن هيلاري ستصبح الرئيس... ألم يحمل هذا الاعلام بوقاً، نهاراً وليلاً على مدى ثلاثة أعوام، صدَّع به أدمغتنا مؤكداً وجود أدلة دامغة تثبت تواطؤ ترامب مع روسيا لمساعدته في كسب تلك الانتخابات؟ لم تظهر أي من أدلتهم تلك في نهاية المطاف، مبرهنين على أنهم أبواق غير أمينة لا تحمل إلا كُرهاً وسواداً بغيضاً يدفعهم للتشهير والتنكيل بكل من لا يتوافق مع اجنداتهم واجندات من يمولونهم من عديمي الشرف أمثالهم، وبعد كل شيء لم يقدموا حتى اعتذراً عن تضليلهم للعالم بعد افتضاح كذبهم في تلك المناسبة وفي الكثير غيرها أيضاً.
إنها الآلة الإعلامية الجهنمية، يا سادة، التي دمرت وتدمر حياة أفراد وشعوب... يتفننون في صنع التضليل وصياغة الأكاذيب ويعملون بكل جد وتفانٍ فقط للشر ولمحاولة حجب نور شمس الحقيقة إنْ وكلما أمكنهم ذلك. يصورون الباطل على أنه حق والحق على أنه باطل بصورة تًذهل وتًحزن كل شريفٍ وأمينٍ وعاقلٍ وبارٍ، كتصوير الكتاب المقدس لحجب نور الشمس الساطعة في الآية التالية: "ثم بوَّقَ الملاك الخامس، فرأيتُ كوكباً قد سقط من السماء إلى الأرض، وأُعطِيَ مفتاح بئر الهاوية، ففتح بئر الهاوية، فصعد دخان من البئر كدخان أتون عظيم، فأظلمت الشمس من دخان البئر" (سفر الرؤيا ٩: ١ – ٢). فلم يعد يرى الناس شمس الحقيقة بسبب استساغة الناس للكذب وبسبب حجب التضليل للحقيقة كأنه بفعل دخان ذلك البئر الذى فُتح في أخر الزمان، في أيامنا هذه، و "لذلك يصمتُ العاقلُ في ذلك الزمان لأنه زمانٌ رديءٌ" (سفر عاموس ٥ : ١٣)...
عادل يوسف – أستاذ بكاليفورنيا