سمير فرج
أيام قليلة ونطوى صفحات عام 2020 ونبدأ بعدها عاماً جديداً، وفى هذا الأسبوع حدثت متغيرات كثيرة لا شك سوف تلقى بظلالها على العام الجديد 2021 ورغم الأحداث وأزمات عام 2020 حيث سيسجل التاريخ أنه كان عام وباء الكورونا بكل خسائره البشرية والاقتصادية التى لم تنجُ منها دولة واحدة، خاصة دول العالم الفقيرة، ونحمد الله على ظهور اللقاح لهذا الوباء اللعين مع الأسابيع الأخيرة لهذا العام والتى صاحبته أيضاً متغيرات كثيرة وبالذات فى منطقة الشرق الأوسط بلا شك أنه سيكون لها تأثيرات كبيرة وسريعة على المنطقة فى الفترة القادمة..
بدأت بقرار الاتحاد الأوروبى بفرض عقوبات جديدة على تركيا حيث تم عمل مسودة بالأسماء التركية التى سيتم فرض العقوبات عليها فى الأسابيع القادمة، حسب توصيات القمة 27 لدول الاتحاد فى بروكسل، وقد يرى البعض أن هذه العقوبات لم تكن على المستوى، خاصة الرئيس الفرنسى ماكرون، واليونان وقبرص التى كانت ترى أن هذه العقوبات يجب أن تكون أشد صرامة ومنها إلغاء الامتيازات والإعفاءات الجمركية التى تحصل عليها البضائع التركية التى تدخل دول الاتحاد الأوروبى.. كذلك منع السفن التركية من دخول موانئ دول الاتحاد الأوروبى وغيرها، لكن كان رأى المستشارة الألمانية ميركل أن التدرج فى العقوبات يعطى تركيا مهلة للتفكير فى إعادة قراراتها فى المنطقة، خصوصاً أن الاجتماع القادم لرؤساء دول الاتحاد الأوروبى فى شهر مارس القادم وساعتها يمكن تغليظ وتشديد العقوبات على تركيا اذا استمرت فى إثارة الموقف فى منطقة شرق المتوسط وليبيا، ولقد وصفت تركيا قرارات الاتحاد الأوروبى بأنها منحازة وغير قانونية..
وعلى الجانب الآخر فإن تركيا تهدد أنه فى حالة تصاعد الأزمات مع الاتحاد الأوروبى وتنفيذ هذه العقوبات فإنها سوف تفتح حدودها أمام الهجرات غير الشرعية ودفع اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها ويقدر عددهم بـ 3 ملايين إلى دول أوروبا رغم أن تركيا تتقاضى 3 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبى سنوياً نظير احتفاظها بهم فى معسكرات على أراضيها.
أما الحدث الثانى فى المنطقة فجاء هذا الأسبوع ضد تركيا أيضاً عندما فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوى الروسية S400 واستهدفت العقوبات أكبر هيئة لتطوير الصناعات الدفاعية التركية ورئيسها وعلى الموظفين، علاوة على تعليق صفقة الطائرات F35 إلى تركيا وفرض حظر على جميع تراخيص التصدير الأمريكية الى تركيا وإيقاف التأشيرات للشركات والأفراد، وبالطبع فإن هذه القرارات سوف تضعف الكفاءة القتالية للجيش التركى، وسوف تدخل العلاقات التركية- الأمريكية منعطفًا جديدًا فى الفترة القادمة، خصوصاً مع تولى الرئيس جو بايدن مسؤوليته يوم 20 يناير القادم. ولقد أعلنت تركيا رفضها لهذه العقوبات الأمريكية، خاصة أن تركيا تملك إغلاق القواعد الأمريكية الموجودة على أرضها وأهمها قاعدة انجرليك العسكرية التى بها حوالى 50 رأسًا نووية أمريكية على وضع الاستعداد لتهديد جنوب روسيا وإيران فى حالة تصاعد الموقف فى المنطقة، كذلك تعتبر هذه القواعد أكبر مركز للتنصت الالكترونى على كل من روسيا وإيران وباقى دول منطقة الشرق الأوسط.
أما الحدث الثالث فى المنطقة هذا الأسبوع فكان رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد 27 عاما تحملت فيها السودان الكثير منذ عام 1992 باعتبار أن الرئيس السابق عمر البشير كان يوفر المأوى للجماعات الإرهابية منها تنظيم القاعدة، وأدى ذلك كله إلى قطع الاستثمار والمساعدات المالية عن السودان.. ولقد وصف عبد الفتاح البرهانى رئيس مجلس السيادة الانتقالى السودانى القرار بأنه عمل عظيم سوف يساهم فى دعم الانتقال الديمقراطى ويعزز فرص نجاح الفترة الانتقالية.
أما رئيس الحكومة الانتقالية عبد الله حمدوك فقد وصف القرار بأنه تاريخى فى حياه السودان، ولقد جاء ذلك القرار بعد مراجعة من الكونجرس استمرت 45 يوماً عقب إعلان الرئيس ترامب نيته رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.. عموماً فإن هذا القرار سوف يخلق جواً من الاتزان فى منطقة الشرق الأوسط فى الفترة القادمة وفتح صفحة جديدة للسودان مع شعبه وجيرانه وأهمهم مصر بالطبع.
أما الحدث الرابع فى المنطقة هذا الأسبوع فهو الهجوم الإرهابى على سفينة النفط «بى دبليو راينى» التى تحمل علم سنغافورة قبالة ميناء جدة السعودى، حيث تعرضت لهجوم بقارب مفخخ، وكانت السفينة مخصصة لنقل الوقود وراسية فى ميناء جدة، ورغم أن الحادث لم ينجم عنه أى خسائر فى الأرواح أو إصابات كما لم يلحق أى ضرر بمنشآت تفريغ الوقود أو التأثير فى معداته، ورغم عدم إعلان أى جهة مسؤوليتها عن الهجوم حتى الآن إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى الحوثيين الذين ركزوا هجماتهم فى الفترة الماضية ضد أهداف فى المملكة العربية السعودية، ولكن يأتى هذا الحدث فى أنه خطوة جديدة من الحوثيين لتهديد الملاحة فى البحر الأحمر وبالطبع تهديد لمسار الطاقة إلى أوروبا حيث يمثل البحر الأحمر ممر 30% من الطاقة فى العالم إلى دول أوروبا وعبر قناة السويس، وهو تحول جديد فى منطقة الشرق الأوسط يأتى مع الأيام الأخيرة من عام 2020 وستكون له تأثيرات كبيرة مستقبلاً.
أما الحدث الخامس فهو تصاعد الموقف الأمريكى الإيرانى فى المنطقة، حيث استمرت الولايات المتحدة هذا الأسبوع فى الضغط الاقتصادى على إيران حيث تم إدراج مسؤولين إيرانيين اثنين فى القائمة السوداء وهما «محمد بصيرى وأحمد خزاعى» من وزارة المخابرات والأمن الإيرانى بتهمة التورط فى اختفاء الضابط السابق بمكتب التحقيقات الاتحادى «روبرت ليفنسون» فى مارس 2007 حيث تعتقد الولايات المتحدة أنه اختطف فى إيران ولقى حتفه هناك خلال فترة احتجازه، وكانت المعلومات قد أوردت إرسال الولايات المتحدة الأسبوع الماضى اثنين من طائرات B52 إلى منطقة الخليج تحسبًا لأى أعمال عدائية من إيران تجاه أهداف أمريكية فى المنطقة، وذلك رداً على اغتيال الأب الروحى للنشاط النووى الإيرانى.
أما الحدث السادس فقد عينت الأمم المتحدة مبعوثًا جديدًا فى الشرق الأوسط هو «نيكولاى ملادينوف» إلى ليبيا خلفاً لغسان سلامة الذى تنحّى بسبب الإجهاد، ويأتى ذلك التعيين وسط جهود اجتماع يضم ممثلى المؤسسات المالية الليبية فى جنيف بهدف التوصل للإصلاحات فى السياسة الاقتصادية العامة فى ليبيا وضمان تلبية احتياجات الشعب هناك والقضاء على مشاكل الاقتصاد الليبى فى الفترة القادمة، ولقد تزامن ذلك مع قرار الرئيس التركى أردوغان نحو تمديد وجود القوات التركية العسكرية فى ليبيا لمدة 18 شهرًا اعتباراً من يناير القادم، مما سيزيد الموقف اشتعالاً فى المنطقة... وهكذا فإن الأحداث المتلاحقة هذا الأسبوع فى منطقة الشرق الأوسط سوف يكون لها تأثير كبير على الأوضاع والقرارات السياسية ونحن على أبواب العام القادم 2021.
نقلا عن المصرى اليوم