محمد حسين يونس
في صدر شبابي كان من حظي أن إكتسبت معارفي من كتب شبل شميل .. و سلامة موسي .. و برنارد شو .. و الثلاثة .. كانوا من الداعمين لفكرة التطور .. بإيمان يصل إلي الثقة الكاملة في صحة العقيدة .
برنارد شو كان يرى أنه سيأتي يوما .. يصبح فيه العقل البشرى إذا ما تم مقارنته بعقل معاصرية أى (في بداية القرن العشرين ).. فإنه سيماثل في تفوقه الفارق بيننا و بين الغوريلا أو الشمبانزى أو الأورانج أوتان
في هذا الزمن يصبح البشر ما أطلق عليهم ويلز ( السوبرمان ) . القادر علي إدارة الطبيعة و إخضاعها لفكره و علمه و قدرته
نظرية التطور و ما عرضة أساتذتي عنها .. جعلني أتوق لان أرى ذلك اليوم .. بحيث عندما سألني مقدم برامج في حفل نهاية عام 1981 .. ما هي أمنيتي للعام الجديد ..
رددت أن يستمر بي العمر حتي أشهد إنتصار الإنسان علي طبيعته ..
و في الغالب لم يفهم المقصود .. أو يدرك معناه باقي الحضور .. و لم يناقشونني فيما تمنيت .
صباح أول أيام العقد الثالث من الألفية الثالثة بعد ميلاد المسيح ..ما إنفك الإنسان بعد مضي قرن من أحلام برنارد شو ..و ويلز .. يقف عاجزا أمام جبروت الطبيعة و سلطانها و أدواتها .
و هكذا .. في اربعينيات عمرى كنت أمل بحكم ثقافة التطور .. أن أعيش حتي يتم إنتصار العلم علي أمراض قاتله .. مثل السرطان و الإيدز و أن أشهد كسوف سيطرة الأوبئة .. بما في ذلك الطواعين و الكوليرا .. و الملاريا .. و الإنفلونزا
و لكن للأسف ما حصدت بعد أن تضاعف عمرى و طال .. جاء مخيبا
فلم أشهد الإنتصار المرجو .. بل عاصرت إنتشار مرض جديدا أتي علي هيئة وباء أصاب سكان العالم المأهول يقف أمامة العلماء و الخبراء عاجزين دون علاج .. أو معرفة إسلوب مقاومتة .. أو تعميم وقاية فعالة منه..
و عشت في شيخوختي زمن أزهقت فيه ملايين الأرواح في شتي بلاد العالم سواء بالمرض فلا ينجو إلا من حالفة الحظ الطيب و بق بعيدا .. عن العدوى .أو بالحروب و الإرهاب و الوحشية في التعامل مع الغير
الكوليرا ..الطاعون ..الإنفلونزا ..الكورونا ..السرطان .. الإيدز .. كان من الممكن الإنتصار عليها خلال الأربعة عقود الماضية ..
لولا أن إهتمام الناس و تمويلهم ذهب لإنتاج الصواريخ عابرة القارات ..و أسلحة الدمار الشامل .. و معارك الإستحواذ علي السلطة وإقامة السجون و المعتقلات بجوار ..ناطحات سحاب في الصحارى . يسكنها المرفهين .
والتباهي ..بإمتلاك أعلي علم جارى رفعه .. علي أطول سارى أقيم طول التاريخ .. .و أطول كوبرى .. و أضخم جامع أو كنيسة . و أعلي مبني
مع يناير 2021 إن لم يستطع عقلاء القوم ترشيد الإنفاق .. و توجيهه لصالح إزالة الخطر عن البشر ..
وإذا لم يتعلم الناس من مأساة الكورونا ( وهو في الغلب ما سيحدث ) فإنهم يستحقون ما سيجرى عليهم بما صنعت أيديهم و إمتلكوا من أسلحة دمار يستخدمونها بكثافة مبالغ فيها ضد المسالمين جريا خلف أحلام السفهاء.
كل عام و حضراتكم بخير ..تعيشون في مجتمع أكثر إنسانية
بعيدا عن الخوف من قسوة وجبروت الطبيعه ( أعاصير و تسونامي و أوبئة و زلازل و براكين ) .. و بطش بشر ( أشرار) يقتلون و يسجنون و يشوهون ..
يدفئكم الأمل أن يرشد الإنسان ..و يحقق ما تنبأ به العقلاء بالامس .. حتي لو إستغرقت الرحلة وقت أطول ..
عقد جديد تقاوم فية البشرية الفناء و جور البشر ..وتحقق لمن يعيش جزء أكبر من تقدم الإنسان