محرر الأقباط متحدون
التقى البابا فرنسيس عصر أمس الاثنين بالأساقفة الإيطاليين في قاعة السينودس الجديدة بالفاتيكان، لمناسبة بداية أعمال جمعيتهم العامة السابعة والسبعين. من بين المواضيع التي تناولها النقاش، حسبما صرح بعض الأساقفة على هامش اللقاء، السلام والمال والبيئة والأيديولوجيات وخدمة الأساقفة والكهنة، فضلا عن أعمال المحبة تجاه الفقراء واللاجئين. في ختام اللقاء قدم الحبر الأعظم للحاضرين كتابا بعنوان Fratellino أو "الأخ الصغير"، يتحدث عن معاناة شاب مهاجر قدم من أفريقيا، ويسلط الضوء على هذه المأساة.
حوار البابا فرنسيس مع الأساقفة الإيطاليين جرى بشكل سؤال وجواب واستغرق قرابة الثلاث ساعات، تم التطرق خلاله إلى عدد من القضايا المتعلقة بالشباب والدعوات والسلام والبيئة والمحبة. وعبر الحبر الأعظم عن تقديره الكبير للكنيسة الكاثوليكية الإيطالية على الجهود التي تبذلها. وقد تميز اللقاء بالصراحة وحضره حوالي مائتي أسقف يشاركون في أعمال الجمعية العامة التي تستغرق لغاية يوم الخميس المقبل، الخامس والعشرين من أيار مايو وتجري حول موضوع "الإصغاء لما يقوله الرب للكنائس. خطوات نحو التمييز".
خلال ساعات ثلاث إذا حاول البابا فرنسيس الإجابة على عدد من الأسئلة التي طرحها عليه أساقفة قدموا من شمال إيطاليا، وسطها وجنوبها. وقد بدأ اللقاء بصلاة مشتركة تلتها تحية وجهها الحبر الأعظم إلى أساقفة المناطق المنكوبة جراء الفيضانات في إقليم إيميليا رومانيا. ومن بين المواضيع التي تناولها البابا التراجع في الدعوات، وهي مسألة سبق أن تطرق إليها فرنسيس في أواخر شهر آذار مارس الفائت، لدى استقباله في الفاتيكان أساقفة إقليم كالابريا الجنوبي. وتم تسليط الضوء أيضا على خدمة الكهنة، وطلب البابا من الأساقفة – كما فعل في أكثر من مناسبة – أن يعبروا عن قربهم منهم.
لم يخلُ حوار البابا مع الأساقفة الإيطاليين من الحديث عن موضوع السلام، مع التأكيد على أن السلام مسألة ملحة وتعني الجميع، وتم التطرق أيضا إلى الأيديولوجيات المختلفة السائدة في عالم اليوم، فضلا عن المشاكل الثقافية العديدة، والقضايا المالية التي غالباً ما تولّد صعوبات بالنسبة للكنيسة. وتم تناول المشاكل البيئية، مع التشديد على أهمية العمل على تغيير الذهنية. وتم الحديث خلال اللقاء عن ضرورة تبني "نمط جديد"، وهذا ما دعت إليه المسيرة السينودسية التي تعني الكنيسة الكاثوليكية في القارات الخمس. وقد شكل هذا الموضوع محور أسئلة طرحها الأساقفة على البابا، الذي حثّ الحاضرين على إيلاء اهتمام خاص بأشكال الفقر، القديمة والحديثة، وعلى عدم التردد أبداً في القيام بأعمال المحبة. فيما يتعلق بهذا الموضوع عبر الحبر الأعظم عن تقديره لمجلس أساقفة إيطاليا، الملتزم منذ سنوات في توفير الضيافة للمهاجرين واللاجئين.
في ختام اللقاء أهدى البابا فرنسيس كل واحد من الأساقفة الإيطاليين نسخة عن كتاب بعنوان Fratellino، أو "الأخ الصغير"، يروي سيرة حياة مهاجر أفريقي، وقد أعده الشاعر Amets Arzallus Antia. إنها قصة شاب من غينيا ترك بلاده ليبحث عن أخيه الصغير، الذي غادر هو أيضا غينيا محاولاً الوصول إلى أوروبا، التي لم يصلها أبداً. يتحدث الكاتب عن المآسي التي عاشها هذا المهاجر: عبور الصحراء، الاتجار بالبشر، الأَسر، التعذيب، الإبحار، ثم الموت. وكان البابا فرنسيس قد تطرق أكثر من مرة إلى هذا الكتاب الصادر عن دار النشر الإيطالية Feltrinelli، وذلك خلال المؤتمرات الصحفية التي عقدها في طريق عودته من زياراته الرسولية، وأثناء عدد من مقابلاته. وقد تحدث عن هذا الكتاب أيضا عندما التقى بالمهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا بفضل مبادرة "الممرات الإنسانية" التي أطلقتها جماعة سانت إيجيديو بالتعاون مع الكنائس الإنجيلية والفالدية في إيطاليا، وقد استقبلهم في الفاتيكان في الثامن عشر من آذار مارس الفائت. وقال البابا آنذاك إن هذا الكتيب يصوّر بشكل مأساوي "درب الصليب" التي يعيشها العديد من الأخوة والأخوات حول العالم.
عن لقاء البابا مع الأساقفة الإيطاليين، عصر أمس، تحدث أيضا أمين عام مجلس أساقفة إيطاليا المطران جوزيبيه باتوري، في مقابلة مع محطة التلفزة TV2000 التابعة لمجلس أساقفة إيطاليا، وقال إن اللقاء مع الحبر الأعظم كان هاماً لأنه تناول المشاكل التي تعاني منها إيطاليا والكنيسة. ولفت سيادته إلى أن البابا شدد على ضرورة إعطاء دفع جديد للكرازة بالإنجيل، يمر عبر شهادة ذي مصداقية، مضيفا أن الأساقفة مدعوون للشعور بالرأفة تجاه الأشخاص، والاعتناء بمن يعيشون أوضاعاً صعبة ومن يعانون من العوز. وختم المطران باتوري قائلا: إن اللقاء شجعنا على المضي قدماً في هذه الدرب التي تجد في المسيرة السينودسية بيئة مميزة للحوار والعمل.