حمدي رزق
لأبى الطيب المتنبى بيت شعر عبقرى يقول: «مَلأى السنابل تنحنى بتواضعٍ.. والفارغات رؤوسهنّ شوامخُ».
يتحدث «أبوالطيب» عن السنابل الملأى التى تنحنى تواضعا أمام هبوب الرياح بينما الفارغات منها ترتفع رؤوسها إلى الأعلى.
يعبر «أبوالطيب» بصدق عن نماذج بشرية تتخذ من التواضع أسلوبا ولا تغتر بمنصب أو جاه، ونماذج مناقضة ترتفع تكبرا، ورؤوسها فارغة متعجرفة متكبرة، يقيسون كل شىء إلى محدودية فكرهم وأفكارهم وتجاربهم التى عاشوها.. وأغلبها تكون تجارب سلبية!!.
قلبت صورة محمد رمضان (الدولارية) يمين شمال، فوق تحت، لم أتبين مغزاها، حسبتها صورة من مسلسل «جعفر العمدة»، لكن جعفر فى المسلسل كان يتحدث بالجنيه، لم يأت على ذكر الأخضر الأمريكى قط.
لفتنى بشدة الغضبة الإلكترونية على رمضان جراء نشر هذه الصورة، وصور أخرى مثيلة، رمضان صار مستفزا للبعض بنجاحه وثرائه، ورغم نصائح المحبين لا يزال سادرا فى غيه، يحك الأنوف جميعا بدولاراته وسياراته الفارهة، والجمل الذى يمتطيه عاريا فى بلاد الإفرنج.
ما هذا الذى يتترى فيه الممثل علينا (محمد رمضان)، متوالية من السقطات المصورة، تؤشر على غرور ملك عليه حياته، فاسْتَكْبَرَ، لو حسبها رمضان جيدا لاكتشف حجم خسارته، رمضان ينزف من جماهيريته بلا توقف، نزيف حاد.
يا صديقى الذى أحبه، قف مع نفسك هنيهة يا بنى، مش كده، واسمع من خالك طيب الذكر «عبد الرحمن الأبنودى» الله يرحمه وهو يقول: «دنيا غرورة وكدابة.. زى السواقى القلابة»!.
ارحم نفسك شوية، وارحمنا من صورك المستفزة، هو انت متسلط على نفسك، شيطانك راكبك ومدلدل رجليه، انفضه من على ظهرك واعتدل مستقيما زى خلق الله، النجوم المقدرين الدين يحسبون الحسابات فى الظهورات.
بجد إنت ازاى كده، كل هذا الغرور، والتعالى، والتكبر والتجبر على الناس الطيبة، صحيح الأذية طبع، ليه الأذية، الناس بتكح تراب وانت بتعد دولارات، ربنا يوسع عليك، ويرزقك بالحلال، ولكن لا تمرر عيشتها وعيشتنا.
غريب أمرك وعجيب، شىء من التواضع، من تواضع لله رفعه، كشكشها متعرضهاش، متوسعهاش قوى كده، جد احترت واحتار دليلى معاك، الفنان كل ما ينضج وينجح وترتفع أسهمه بين الناس، يعقل، وتصقله التجارب، ويمر من وهج النجومية إلى واقعية الحياة، يصبح واقعيا مش واقع فى شر أعماله، يقدر البشر، ويحترم المقامات، وينزل الناس منازلهم، ويكرمهم، ويقف منهم موقفا راقيا.
لا تصم أذنيك عن من ينصحك، وفتح عينيك، وأعط مساحة لعقلك، اعقلها بالعقل، هل أنت راض عن هذه الصورة وغيرها تصاوير، أنت خاسر لا محالة، ولو دامت لغيرك ما وصلت لك.. واسمع جيدا «يا بخت من بكانى وبكى الناس عليا ولا ضحكنى وضحك الناس عليا».
إلى متى ستظل سادرا فى غيك، فوق، فوق قبل ما تسقط من حالق، صحيح شيطان النجاح شاطر، ولكن ضبط النفس مطلوب، والتغيير السلوكى يعنى مراجعة النفس بصدق وتجرد وخشية، راجع نفسك وشوف حجم الخسارة التى منيت بها بسبب صورة طايشة بعد نجاح كبير، الجمهور الذى رفعك إلى عنان السماء فى رمضان، قد ينفض من حولك فى شوال، وإذا كابرت ولم تعتذر ستسقط تماما فى بقية شهور العام والأعوام المقبلة.
نقلا عن المصرى اليوم