سحر الجعارة
قال الدكتور سعد الدين الهلالى، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن شيخى الأزهر السابقين جاد الحق على جاد الحق ومحمد سيد طنطاوى صرّحا بأن «الطلاق الشفوى لا يقع للمتزوجين رسمياً».وأضاف، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «الحكاية» الذى يقدمه الإعلامى عمرو أديب عبر فضائية «mbc مصر»، أن «جاد الحق» و«طنطاوى» اتجها إلى أن الطريقة الرسمية كانت جزءاً لا يتجزأ من عقد الزواج، ولذلك فإن فكَّه بالطلاق يتطلب طريقة رسمية وهى «التوثيق».
وذكر أن شيخى الأزهر اتجها إلى أن الطلاق الشفوى للمتزوجين رسمياً باطل، متسائلاً عن الموعد الذى تبدأ فيه عدة المتزوجة رسمياً؛ عند الطلاق الرسمى أم الطلاق الشفوى. وأكمل أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر: «بإجماع الشعب والقضاء المصرى عند المأذون، الفترة ما قبل إثبات الطلاق تُعتبر فترة عدم ولا تُحتسب».
واستشهد بالحديث النبوى الذى أخرجه البخارى: «إن أحَقَّ الشُّروط أن تُوفُوا به: ما استحللتم به الفروج»، معقباً: «من ضمن الشروط أن يكون الزواج رسمياً وبوجود المأذون، ولذلك فعندما تطلق لا يمكن الاعتداد بالطلاق إلا وهو مثبت وبوثيقة رسمية».القصة ليست فى الحقوق المادية المترتبة على الطلاق فحسب (من احتساب العدة أو الميراث.. إلخ).. القصة مرتبطة جذرياً بالحلال والحرام، فمن يفتى بوقوع «الطلاق الشفهى» يقبل بالتلاعب بالشرع والقانون وردّ الزوج لمطلقته بعد الثلاث طلقات (لغياب شهود الطلاق).. فقط ليظل من أفتى «وصياً على البشر» يلجأون إليه مع كل يمين طلاق!لقد قال «الدكتور شوقى» علام، مفتى الديار المصرية، فى مارس الماضى: «على مدى 5 سنوات عملنا فتاوى طلاق على 3 مراحل ويُعرض علينا شهرياً 5000 فتوى أى 60 ألف فتوى سنوياً و300 ألف فتوى طلاق خلال 5 سنوات، وبالفعل الطلاق لا يقع إلا عندى أنا فى النهاية، ومن خلال الـ5 سنوات الماضية نتيجة التسرع فى الألفاظ وحالات الغضب وأسباب عديدة لا يقع من الطلاق إلا حالتان اللى قلت لهم روحوا وثقوا طلاقكم».
ستون ألف فتوى سنوياً تتعلق بالطلاق وحده فما بالك بفتاوى الميراث والهبة ومعاملات البيع والشراء وفوائد البنوك والسفر وزرع الأعضاء.. إلخ تفاصيل الحياة التى أصبحت فى قبضة الكهنة!وبلغ عدد حالات الطلاق عام 2021 نحو 245 ألفاً و777 حالة طلاق، وفق تقرير للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بينما كان عام 2020 نحو 222 ألف حالة. وحسب التقرير، الذى صدر فى أغسطس الماضى، «تحدث حالة طلاق واحدة كل دقيقتين فى مصر، و25 حالة فى الساعة».
لكنّ وزير العدل المصرى عمر مروان، قال، الشهر الماضى، إن ثمة «أخطاء حسابية وإحصائية اكتنفت عمليات الرصد ويجرى العمل على تصحيحها».اللافت للنظر أن معظم حالات الطلاق تتم بين الشباب، وغالبيتها تسفر عن طفل يصبح «ورقة مساومة» بين الطرفين، هذا بخلاف كل ما نعرف من أسباب الطلاق، ومنها العنف الزوجى، عدم إنفاق الزوج، الخيانة الزوجية، تدخُّل أسرة أحد الطرفين فى حياتهما، الطلاق الشفهى، الحط من كرامة الزوجة ومعاملتها كجارية.. إلخ منظومة القهر التى تتعرض لها النساء.
أما المشكلات المترتبة على الطلاق (الموثق بالمناسبة) فتُنهك القضاء المصرى بقضايا النفقة والمؤخر وحضانة الأطفال والولاية على الأطفال وقائمة المنقولات ومسكن الحضانة.. إلخ دفتر يوميات «المطلقة» بين أقسام الشرطة والنيابات والمحاكم.. فتخيل حالة سيدة تعرضت للطلاق «الشفهى» وألقاها الزوج مطلقة فى الشارع دون أن تملك «المستند الرسمى» الذى يخول لها السعى للحفاظ على الحقوق المشار إليها أعلاه!!يتصور الكهنة الأوصياء على الدين أنهم أحن وأرحم من المولى عز وجل وأنهم «أدرى بمصلحتنا» وهم يفرضون علينا «فهمهم للدين» وليس صحيح الدين، فقط ليحتفظوا بدولتهم الدينية الموازية وسطوتهم على العباد ومناصبهم ومكاسبهم وثرواتهم.
لم يجد الدكتور «سعد الدين الهلالى» مخرجاً أمام من هذا التعنت إلا المطالبة بإضافة نص يعطى الحق فى كتابة «شرط توثيق الطلاق فى قسيمة الزواج»، فأشار إلى أن «القضاء المصرى الشامخ يقوم حتى الآن على إثبات الزواج والطلاق رسمياً ولا يعتد بالطلاق غير الرسمى»، مختتماً: «هل حكم القضاء المصرى غير شرعى؟.. لا يوجد نص شرعى يمنعنا من إضافة التوثيق للمتزوجين رسمياً».
سيادة الرئيس «عبدالفتاح السيسى»: الأسرة المصرية أصبحت ضحية صراع لا نعلم أبعاده وأزمة مفتعلة بين الدينى والقانونى.. لقد قلتم سيادتكم «أى طلاق غير موثق لن يُعتد به».. وهذه العبارة لا تنظم علاقة الزواج فحسب بل تنظم «إدارة الدولة» فلا توجد دولة عصرية حديثة تدار بالفتاوى، وتغرق فى جدل لا ينتهى، وهذا من صميم صلاحياتكم.. و«حيثما وُجدت المصلحة فثم شرع الله».
نقلا عن الوطن