الأقباط متحدون - في الميدان يولد لنا ولد
أخر تحديث ٠٤:٠٦ | الجمعة ٤ يناير ٢٠١٣ | ٢٦ كيهك ١٧٢٩ ش | العدد ٢٩٩٥ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

في الميدان يولد لنا ولد

-    المعاناة وحدها تُجيد صنع الحضارات المتميزة رقيًّا..
بقلم: ماجدة سيدهم
 وظلَّ الصقيعُ هذا المساء شاردًا بين الحوانيت العزلاء، يتسكع مرتجفًا يبحث عن ظل يأويه من الذي يجفف عنا بلل الاغتراب في الشارع الذي فيه نمونا بعد ولادتنا معًا، بينما الضوء الشحيح يبعث بعضًا من ألفة الجوعى على موائدنا الممتلئة غمًّا، والكثير من ذبائح الأمل المغتالة، هل تستطيع أن تشرب من كؤوس الفريضة ويستقيم انحناؤك..! فعلنا.. وانسحقنا تباعًا، هل بمقدورك أن تتناول خبز الوصايا الشريرة ويبقى فيك حسُُُُّ يـَرفـُض..! أكلنا.. ونزفت تخومنا خوفا واضطرابًا وحيرة.. هل لديك احتمالٌ لنير سوط الهرطقات البراقة بالأكاذيب وتكبيرات بنات آوى المولعة بالسفك دونما اغتياب لحلمك المبتور مسبقا..! خضعنا.. فصرنا هزءًا وعارًا.

ليس أمَرٌٌّ من انكسار الرجال أمام تطلع أحداق الصغار ترجو الحماية والفتات، ليس موجع أكثر من شأن نساء تشابهت لديهن المعاني والقيم فأصبحن أرقامًا بلا استيعاب، ليس أهون على الفتيان من موت نبيل عِوضًا عن حياةٍ بلا جسر، بلا عشق، بلا حق يُهاب، وفي ضجة الاحتشاد المغامر ليدلي المتزاحمون باحتمالات الرجاء المعذب علَّ يستدل عليهم أحد، أو يتعثر بهم من ظنَّ بأهميتهم، صارت ساحة الحيز بلا انتماء أو صهيل يثور.

هنا التهالك سكن غبار الملامح جميعها، والأبنية شاخت لفرط الثكالى المتدلية أكبادهم عبر النوافذ المحترقة، فكل الطرق المؤدية إلى الضوء والصراخ معًا ضلت مسربها، وما عاد يعتليها سوى خشونة تيه الدراويش، وترنح بسملة المهابيل، هنا مازال "هيرودس" يُنادي منتفخًا في كل صلاة بتلاوة الرحمة في قتل الجمال وسحق المساكين وصلب كل المبشرين بالحرية! مازالت شريعته الحرام المؤيـَدة بسُم الشهوة الرجسة تبيح انتهاك جسد "سالومي" الصغيرة من كل عابر غليظ بسرير لعبتها، متوضئا بصرخات بكارة وطن يتمزق.

في هذا الصقيع ذهبت خمر الطغيان بذهن الحاكم الهزيل، فراح يزج بالميدان إلى ويلات الحرابة، ثم يخرج علينا ينوح منتشيًا برأس المعمدان على طبق ذهبي موشي بالخيانة والانتقام الماثل لكل معمدان، وماذا بعد التورط بين العشائر المتربصة بالنهم والندماء، المترنحين لفرط قيء الفتاوي المثخنة باللذات؟! إذًا هلم نصنع المزيد من الخروقات، ونمنح كل المدينة هدايا وتكايا للغرباء، ويلٌ لك أيتها المدينة العارية، فليس أشقى من جاهل يسود، لكن في هذا أيضًا، ومن أجل أنين الرعاة الحالمين يومض الهزيع الأخير مقتربًا من صيحته الفارقة، صحن ميدان الشمس بات الآن مهيئًا ليكون مزودًا للعتق، هكذا الانطلاق يأتي من قلب العتمة، وصوت الجمال الممجد ينسكب في قلب العاصفة، وفي صحفة المزود المهدد بالإطاحة يشرق نجم المسرة، في قلب الوقت الخرب والترقيع المثقوب يولد للدماء ولد، يبدد كتل الظلمة، ويسود بهاء محبته على شعبه المحبوب.. مصر!
ولن ينتهي بعد..


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع