الأقباط متحدون - اليهودى الغامض بسلامته
أخر تحديث ١٦:٠٤ | الثلاثاء ١٩ مارس ٢٠١٣ | ١٠برمهات ١٧٢٩ ش | العدد ٣٠٧٠ السنة الثامنة
إغلاق تصغير

اليهودى الغامض بسلامته

 إنت عارف أنا بتكلم عن مين. عن اليهودى الكاره للإسلام الحاقد على الدين الذى يكيد لنا طوال الأسبوع ويسبك لنا  المؤامرات فى الويك إند واحنا بسلامة نية وسذاجة وعبط، بنقع فى كل المخططات الخبيثة بتاعته. فكل مشاكل العالم الإسلامى سببها هذا اليهودى الذى يلعب بمقدراتنا ومصائرنا زى البلاى ستيشن بالضبط.  
 
الموضوع ليس قاصرا على بحر المؤامرات اليومية الذى أغرقنا فيه أنفسنا واستكنا فيه إلى نظرية المؤامرة من أول بروتوكولات حكماء صهيون، إلى ضياع فلسطين، إلى طابور الصباح اليومى الذى يتجمع فيه أعداء الإسلام ليقرروا «هاه! حنعمل إيه النهارده عشان نعكنن على المسلمين؟». فالموضوع منتشر ومتشعب فى تاريخنا الإسلامى. حتى إذا أردت أن تناقش حكم أحد الخلفاء وخاصة فى أوائل عصر الخلافة من منظور موضوعى وحاولت أن تنتقده كسياسى بدون الانتقاص من قدره كصحابى جليل للرسول الكريم فإنك تواجه بنفس التبريرات من عينة إنها فتنة أو أن هناك يهوديا واقفا فى آخر الشارع هو السبب فى كل ده.
 
لذلك تجدهم يتجنبون الكلام عن سيرة الصحابة والمسلمين الأوائل فيما يخص حياتهم كبشر لهم أخطاؤهم كباقى البشر. فمثلا هناك تعمد لعدم الكلام عن الفتنة الكبرى أو مناقشتها. فهذا يضع الإسلاميين فى حرج عظيم. إذ كيف تقاتل أصحاب الرسول وحملة القرآن ووضعوا المصاحف على أسنة الرماح واستخدموا الدين لخداع بعضهم البعض بل وقتلوا اهل بيت رسول الله؟ كل هذا فعله من عاصروا النبى الكريم ولكنهم لأنهم بشر غير معصومين من الخطأ فقد  أساءوا استخدام الدين فى السياسة.. فما بالك بمن يتشدق بالمشروع الإسلامى الآن، هل هم أحسن من صحابة الرسول؟
 
إن تاريخ الخلافة الإسلامية ملىء بالأخطاء والتجاوزات لأن من قام بها بشر ومن اقترفها بشر. لذلك حين نناقش هذه الأخطاء فنحن نهدف إلى التعلم منها وعدم تكرارها. ولكن المتأسلمين لا يريدون ذلك. بل يفضلون ان يكفوا على الخبر ماجور حتى يصدروا لك هذه اليوتوبيا المسماة بالخلافة. أليس هذا هو الكارت الانتخابى الفائز دائما؟
 
لذلك فيجب الاحتفاظ بقدسية زائفة وغض الطرف عن الأخطاء، لأنهم لن يستطيعوا أن يتاجروا بالدين ويوعزوا إلى الناس أن حامل كتاب الله المتدين هو الحل، لأن هناك من كانوا أفضل منهم وتسببوا فى فتنة وقتل وتقسيم الناس إلى سنة وشيعة.
 
طب نحل الموضوع ده ازاى؟
 الحل هو إلقاء كل اللوم على اليهودى اياه. هناك دائما هذا اليهودى الموجود فى كل قصص تراثنا المتسبب فى كل المصايب، كأنه كتب على أمتنا أن تساق على هوى الآخرين، وكأن أصحاب رسول الله الذين فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، لم يتمتعوا بالفطنة والذكاء والدهاء الكافى الذى يحميهم من مؤامرة أى يهودى معدى فى السكة. هذا اليهودى مازال موجودا إلى اليوم. قاعد فى اوضة ضلمة، بيخطط عشان يوقعنا فى بعض واحنا طيبين وسذج وعلى نياتنا. هو نفس اليهودى اللى بيتحداك تلم مليون واحد بيصلوا الفجر على صفحتك على الفيس بوك، هو اليهودى الذى بيتآمر علينا لتقسيم الوطن وإثارة النزاعات والحروب الطائفية واحنا كويسين وطيبين وعدانا العيب. فإلقاء اللوم على هذا اليهودى وتصوير المسلمين ككائنات سلبية يسهل التلاعب بعواطفهم وعقولهم أفضل من الاعتراف بأخطائنا. أسهل من الاعتراف انه ليس بالضرورة ان كل من يتكلم باسم الدين يملك الحق المطلق.
 
انا لا أنكر وجود أيديوليجيات وأفكار ومخططات تحكم مصالح الدول. ولكن إلقاء اللوم دائما على هذه المخططات كأننا ولا احنا هنا، هو إهانة لنا ولتاريخنا ولعقليات جميع العرب والمسلمين الذين فى يوم ما حكموا جزءا لا بأس به من العالم. ولكن مع انحطاط الأمم يركن الناس إلى الاستكانة إلى نظرية المؤامرة ليشعروا بالرضا عن أنفسهم. بل وليس عندهم مانع ان يعيدوا صياغة التاريخ لخدمة هذا الفكر المنهزم.
 
تابع تطور قصة اليهودى فى تاريخنا القديم والحديث، فإن لم تجد اليهودى فهناك المخطط الصهيوانجلوتوراتى (والله العظيم بيقولوا كده). وأكيد أكيد خصومك السياسيين اللى من جنسيتك ودينك موالسين معاه. ما أحلاها من شماعة ترمى عليها فشلك. الإعلام، المعارضة، جبهة الإنقاذ، الثورة المضادة، الفلول (اللى كانوا معانا امبارح). كل هؤلاء صور عصرية لتطور اليهودى السوبر الذى يكيد لديننا وأمتنا.
 
فاذا سألك الناس: فين يا عم الوعود والأحلام والإنجازات المزعومة؟ فالحل جاهز والتبرير جاهز.
 
حسك عينك تقول المشروع الإسلامى فشل (مع إن ماكانش فيه مشروع إسلامى أصلا) إياك تقول إن تطبيق الشريعة ماينفعش (مع أنك متضارب ومتخبط فى معانى ووسائل تطبيق الشريعة) فهناك دائما المسئول عن فشلك الذى يمكن أن تصدره للناس بدلا من الاعتراف بالخطأ وكشف وهم يوتوبيا الخلافة التى لم تكن أبدا موجودة، ولكنها كانت تجربة انسانية غير مقدسة تحتمل الصواب والخطأ.
 
اليهودى موجود، ارمى عليه.. وريح نفسك.
 
ويقال ان اليهودى ده عضو مؤسس فى جبهة الإنقاذ وهو السبب فى كل اللى بيحصل فى البلد.
 
منكم لله خربتوا البلد.
 
نقلا عن الشروق

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع