بقلم : مادونا شاكر
بعد مذبحة الخصوص التى أفُتعلت وأشتعلت لأسباب تافهة ليس للأقباط فيها ناقة ولا جمل وراح ضحيتها ٧ أقباط وسقط كثير من المصابين وتم الإعتداء على الكنيسة .. غير حرق وتحطيم منازل وممتلكات خاصة بالأقباط وسط مباركة أمنية واضحة .. وتلاها بعد يومين تقريباً حدث لم تشهده مصر من قبل ولم تشهده الكنيسة القبطية على مر العصور حتى فى عصور الإضطهاد والإستشهاد الرومانية وغيرها .. هجوم الغوغاء على الكاتدرائية المرقسية وإلقاء الملوتوف بداخلها ورشقها بالحجارة وأستخدام الخرطوش والرصاص الحى على المشيعيين لجنازة شهداء الخصوص ثم على المحتجزين بالداخل من الأقباط أو الشخصيات العامة فى وقاحة وهجوم متعمد ومدروس تحت حماية أمنية ومشاركة كاملة من الشرطة ورجال الأمن لبلطجية الإخوان وسقوط عشرات المصابين ووفاة أثنين من الأقباط .. ولم نرى سوى مشاهد هزلية أثارت سخرية وإستنكار العالم كله .. مشهد رجال الشرطة وهم متراصون لحماية البنزينة المجاورة للكاتدرائية وترك همجية الداخلية تفتك بمن داخل الكاتدرائية رغم أن الضارب والمعتدى ليس من الداخل ولكنه من الخارج .. ومشهد آخر لشخص يلبس مدنى يظهر بآعلى سيارة الشرطة حاملاً رشاش آلى يصوبه نحو الكاتدرائية .. وترك وزير الداخلية نار الحقد المستعرة بداخل بلطجية الإخوان لتضطرم وتزيد من حدة الموقف ومن بداخل الكاتدرائية محجوزين بلا سبب فى ذعر .. وعندما أعطيت لسيادته إشارة البدء فى التدخل كان الموقف قد تفاقم ومات من مات وأصيب من أصيب لغاية ما بسلامته هز طوله وجاء كانت الساعة تعدت الواحدة بعد منتصف الليل أى بعد أن مر حوالى أكثر من ١٠ ساعات وبعد أن تأكد أنه تم المطلوب من بلطجيتهم ومن رجال الشرطة الإخوانجية بكتم أنفاس الأقباط حتى لا يطالبوا بتطبيق القانون والقبض على قتلة أبنائهم .
بعدها بأيام قليلة سمعنا بذهاب بعض القيادات الأمنية والشعبية ومؤتمر الوحدة الوطنية إلى منطقة الخصوص لعقد جلسة عار وخزى جديدة ( جلسات المصاطب العرفية ) .. لتضاف لعشرات الجلسات السابقة والغرض منها تهدئة نفوس المسلمين والضحك على الأقباط وإستغفالهم كالعادة بشوية كلام عبيط ووعود كاذبة بمحاكمة المتهمين وتطبيق القانون لإلهائهم وتسكين آلامهم المزمنة ظانين أن المخدر الذى يستخدموه مازال سارى المفعول ويأتى بنتائج مبهرة دائماً كما كان يفعل النظام السابق .. فنرى الشيخ محمد البلتاجى قد وقف فى كنيسة الخصوص وراح يغنى أغنية الحب الحقيقى الذى يحياه المسلمين والأقباط دائماً معاً دون أن يفرقهما شيئ وأنها مجرد حوادث فردية وما إلى ذلك من الكلام المنزوع الفائدة والتمثيل الركيك الذى كدنا نتقيأه من كثرة تكراره وسط جمهور من المسلمين والأقباط يلتفون حوله بعبط وهبل ليس له مثيل يصفقون ولا نعلم لماذا يصفقون !!! .. ولا نعرف عن أى محبة كان يتحدث السيد بلتاجى ؟! وأى وحدة وطنية يقصدها ؟ ومنذ متى كانت هناك وحدة وطنية هل يقصد أيام النظام السابق أم فى ظل النظام الحالى ؟! وأى حوادث فردية تلك التى تحصد فى طريقها العشرات من الأقباط مقابل قتيل أو أثنين من المسلمين لأسباب تافهة وربما لا وجود لها من الأساس دون تطبيق القانون على قاتل أو مجرم واحد ؟!! .. وعلى رأى المثل أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب .. أنما العيب ليس عليه أو على غيره ممن سمحوا لأنفسهم أن يتعاملوا معنا بهذا المنطق العقيم الإستغبائى الذى لا يقدم ولا يؤخر ولا يعيد الحقوق لأصحابها إنما العيب علينا نحن لأننا سمحنا بقبول هذه المهازل ووافقنا على الجلوس فى مجالس الخزى والعار .. بينما كان يجب علينا كأقباط رفض هذا الصلح المشين الذى أشبه بلعب العيال ولا يرقى لأناس ناضجين تخطوا مرحلة الرضاعة والسذاجة السياسية منذ وقت طويل .. والإصرار على تطبيق القانون على المجرمين الذين حملوا أسلحة وأزهقوا بها أرواح بريئة وحطموا ممتلكات بآلاف الجنيهات وخربوا بيوت ناس كثيرة لمجرد أن يفشوا غلهم ويهدأ شيطانهم الهائج .
وقد أثبتت الساعات وليست الأيام صحة ما قيل عن مصاطب الصلح الوهمية عندما طالعتنا الأخبار عن خبر القبض على ١٠متهمين فى أحداث الكاتدرائية منهم ٦ مسلمين و ٤ أقباط وبعدها تم القبض على الشقيقين القبطيين الذين قتلوا شاب الخصوص ( ده أيه الهمة والنشاط ده كله ماشاء الله .. طالما فيها قتيل مسلم لازم يتحركوا طبعاً لو كان العكس مكانش حد إتحرك ) .. وكالعادة يظهر الوجه القبيح مرة أخرى سياسة التوازنات لتسير المركب بسلام ويهدأ شيطان شيخ الجامع الُمحرض وتنشرح قلوب المؤمنين ويظل الأقباط مغلوب على أمرهم مسلوبى الحقوق حتى ينقرضوا أو يطفشوا من البلد ويسيبوا بيوتهم وأملاكهم غنيمة للمسلمين .. وكما أن هناك مجرمين مسلمين متورطين فى الأحداث لابد أن يكون هناك أقباط مجرمين أيضاً وإن لم يوجد يتخلق مجرمين أقباط بأى ثمن وهل هم معصمون من الخطأ .. ده هما اللى قتلوا الشاب المسلم فى الخصوص وهما اللى قتلوا أخواتهم الأقباط السبعة فى الخصوص وهم أساس فتنة الخصوص وهما بردوا السبب فى إشتعال إشتباكات الكاتدرائية وكان معاهم ملوتوف وحجارة وخرطوش ورصاص حى ضربوا به رجال الشرطة الباسلين اللى كانوا واقفين يحموا الكاتدرائية ويطبطبوا على البلطجية الغلابة اللى كانوا جايين يدافعوا عنهم وفوجئوا بالحجارة تنهال على رؤوسهم ده حتى من كتر تجبر الأقباط ضربوا صحفى مسيحى بالخرطوش فى رقبته كوموه فى الأرض غير أنهم ضربوا أخواتهم الأقباط بالداخل بالحجارة والملوتوف .. وكان هناك مصابين وقتلى من رجال الشرطة هما دول الأقباط يقتلوا القتيل ويمشوا فى جنازته .. وعجبى .
والأسئلة التى تطرح نفسها كثيرة ولا تجد لها إجابات مقنعة .. إذا كان تم القبض على الشقيقين الأقباط الذين قتلوا الشاب المسلم فأين المجرمين الذين قتلوا السبعة أقباط ودمروا ممتلكات ومنازل الأقباط وبثوا الرعب فى قلوب أقباط الخصوص وكانوا سبب هذه الفتنة ؟ .. وإن كانت أحداث فردية لماذا الإنتقام الجماعى من أقباط لا يمتون لمن قتل المسلم بأى صلة ؟
وإذا كان من تم الإعتداء عليه فى أحداث الكاتدرائية وتم إحتجازهم هم الأقباط أنفسهم لكى يتم منعهم من القيام بمظاهرات سلمية للتنديد بقتل إخواتهم أقباط الخصوص والمطالبة بتطبيق القانون على قاتليهم .. لماذا يتم القبض على أقباط فى أحداث الكاتدرائية التى سجلتها كاميرات العالم أجمع ورآها الملايين بالصوت والصورة وثبت فيها إعتداء الشرطة والبلطجية على الكاتدرائية وعلى أقباطها ؟!! .. إلا إذا كانت سياسة الكيل بمئة مكيال والضغط على الأقباط لإلهائهم بالمطالبة بالإفراج عن المقبوض عليهم فى أحداث الخصوص والكاتدرائية فينسى موضوع محاكمة قتلة الأقباط على أن يتم الإفراج عن المقبوض عليهم مقابل موت موضوع قتل أبنائنا ونسيانه وإلهائنا عن محاكمة المجرمين والمتورطين من الكبار والصغار كما حدث من قبل فى كل الأحداث التى مررنا بها ولم يحكم على قاتل مسلم واحد وإنما كان يحدث العكس دائماً .
أعتقد ويعتقد معظم الأقباط أن ذلك الصلح وتلك المسكنات لم تعد تجدى ولن تعيد حق واحد من حقوقنا المهدورة ويجب على الجميع والأطراف المعنية بها رفضها رفض قاطع لأن من يقبل بها لا يلوم بعد ذلك إلا نفسه وليكن معلوماً عنده أنه سيتحاسب أمام الله عن قبوله . إنما ما يعيد الحقوق لأصحابها هو شيئ واحد فقط هو القانون ولن يتحقق تطبيق القانون إلا بإزالة المسببات والمعوقات له ووقوف الجميع ضد هذا التيار الجارف من طيور الظلام بالإتحاد بين أبناء الوطن الواحد من الأقباط والمسلمين المستنيرين المؤمنين بقضايانا والذين يريدون الخير والتقدم لمصرنا الحبيبة .. ولا نشك فى مساندتهم لنا دائماً فى كل المواقف المريرة التى نمر بها .. ولكنهم للأسف ليسوا كثيرين بالنسبة للأغلبية المتعصبة والتى تظهر بوضوح فى مثل هذه الأحداث بشكل يثير العجب أحياناً لتغيُر موقفهم وتناقضها ما بين أقوالهم وأفعالهم .. نصلى جميعاً إلى الله أن يحفظ مصرنا الحبيبة سالمة ويبطل مشورة الكارهين لها لتظل مصر أم الدنيا وليست أم أبى لهب .