الأقباط متحدون - الإله الذي أعرفه
أخر تحديث ١٤:٣٤ | الثلاثاء ٤ فبراير ٢٠١٤ | طوبة ١٧٣٠ ش ٢٧ | العدد ٣٠٩٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الإله الذي أعرفه


 بقلم : فاروق عطيه

 تناقلت وكالات الأنباء خبرا غريبا مفاده أن دولة ماليزيا ذات الأغلبية الإسلامية (60%مسلمون) قد حرّمت استخدام لفظ الجلالة "الله" علي غير المسلمبن واقتصرت استخدامه فقط علي المسلمين..!! بدأت المأساةعام 2009، حين منعت الحكومةُ آنذاك صحيفةَ "هيرالد" الكاثوليكية في ماليزيا من استخدام لفظ "الله" في نسختها باللغة الملايوية. فلجأت الصحيفةُ إلى القضاء الذي رفض قرارَ الحكومة؛ وأقرّ للجميع حق استخدام لفظ الجلالة الله خالق الكل. فاستأنفت الحكومة العنصرية حكم المحكمة العادل العاقل مغازلةً للأغلبية المسلمة ! وظلّت القضيةُ معلّقةً نحو أربع سنوات حتى صدور الحكم الأخير منذ أيام، حيث أقرت المحكمة حصر استخدام لفظ "الله" على المسلمين وحدهم دون سواهم, فاندلعت المظاهرات الغوغائبة من الجماعات المتطرفة رافعين لافتات فاشية إرهابية تقول:" الله للمسلمين فقط  وليس للكافرين.. قاتل ولا تخف"   Allah just for Muslims not for infidels, fight no  fear

  
   قد يتوهم البعض أن لفظ الله لفظا إسلاميا استحدث مع ظهور الإسلام ولم يكن معروفا قبله ويذلك يحق لهم وحدهم استخدامه. لكن الحقيقة الدامغة أن لفظ الله كان معروفا في مناطق كثيرة من الجزيرة العربية التي كان يسكنها اليهود والمسيحيون وبمكن الرجوع لمدونات شعراء الجاهلية أمثال أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة وورقة بن نوفل وعثمان بن الحويرث وما بها من ذكر اسم الله, كما أن والد نبي الإسلام نفسه كان إسمه عبد الله مما بعني أن لفظ الله كان متداولا قيل الأسلام, فهوليس حكرا عليهم وحدهم.
 
  لله الآب أسماء مختلفة جاء ذكرها في العهد القديم"التوراة" للكتاب المقدس وهى: إيل، ايلوهيم، عيليون، شداي، يهوه، أدوناي.  
 
إيل: ومعناه ”القدير“ ومترجم في التوراة العربية « إله » و« الله » وكثيراً ما استعمل بمفرده لله، ولاسيما في الأسفار الشعرية. وقد ورد أحياناً بنطقه العبراني كقوله « إيل بيت إيل » ومعناه ”قدير بيت القدير“(تكوين 7:35) أو مضافاً إلى اسم شخص كجزء منه مثل « إسرائيل » ومعناه ”القدير يصارع“ لأجله (تكوين 10:35) وإلى اسم مكان مثل « فنيئيل » ومعناه ”وجه القدير“ (تكوين 30:32). 
 
إيلوهيم: ومعناه الحرفي ”المقتدرون“. وهو صيغة جمع للاسم العبراني « إيل » والذي معناه ”القدير“ ولاسم عبراني آخر هو « إيلوه » ومعناه ”يقسم أو يتعهد“. فالاسم « إيلوهيم »، إذن، يتضمن معنى القدرة والأمانة معاً. وترجما في التوراة العربية « إله » و« الله ». ومن حيث أنه من أول معانيه ”القدير“ لذلك كان في غاية المناسبة أن يكون هو الاسم الذي استعمل لله في أصحاح الخلق الدال على القدرة الإلهية العظيمة (رومية 20:1 ) ومن أيلوهيم اشتق العرب لفظ الجلالة الله.
 
عيليون: ومعناه ”الأعلى“ ومترجم « العليّ » وهو أحياناً يستعمل وحده كما في تثنية 8:32 أو بالإضافة إلى اسم من الأسماء السالفة مثل « إيل عيليون » ومعناه ”القدير الأعلى“ ومترجم « الله العلي » كما في تكوين 20:14، أو « يهوه عيليون » ومعناه ”الكائن الأعلى“ ومترجم « الرب العلي » كما في مزمور 17:7. والاسم « عيليون » هذا المترجم « العلي » ليس هو اسم الله في علاقته مع إسرائيل فقط بل وفي علاقته مع الكل أيضاً لذلك يقال « العلي (عيليون) على كل الأرض » (مزمور 18:83).
 
شداي: جمع الكلمة ”شاد“ ومعناها ”قوة أو قدرة أو شٍدة“. فيكون المعنى لهذا الاسم الجمع ”القوات أو أصحاب القدرة أو المقتدرون الأشداء“ ومترجم في توراتنا العربية « القدير » (تكوين 1:17). وهو يقترن أحياناً باسم آخر من أسماء الجلالة السالفة مثل الاسم « إيل » فيكون « إيل شداى » ومعناه ”القدير رب القوات“ المترجم في توراتنا العربية « الله القدير ». وهو الاسم الذي كان الله معلناً به للآباء (تكوين 1:17)
 
يهوه أو أهيه:  لا فارق بين هذين الاسمين إلا أن أهيه بصيغة المتكلم أمّا « يهوه » فهو بصيغة الغائب وكثيراً ما وُرد بنطقه العبراني في التوراة العربية كما في خروج 3:6، مزمور 18:83، إرميا 2:33، هوشع 5:12، عاموس 13:4، 8:5، 6:9 وكل من الاسمين مشتق من الفعل العبراني ”هافاه HAVAH“ الذي معناه ”يوجد أو يكون أو يصير“. والاسم « أهيه » مترجم في حاشية التوراة بالعربية ”أكون“ والفعل « يهوه » مترجم ”يكون“ ومعناهما ”الكائن“ أو ”السرمدي“ أو ”القائم بذاته“ أو ”الواجب الوجود“. فلمّا قال تعالى بصيغة المتكلم « أهيه الذي أهيه » كأنه قصد أن يقول: أنا هو الذي أنا هو، أو أنا أنا (إشعياء 10:43و11)، أو أنا هو هو (إشعياء 10:43)، أو أنا الذي لا غيري (إشعياء 8:47) ولا تغيير لي (ملاخي 6:3) ولا تعبير عنى ومن المستحيل فهم كنهى بأكثر مما أعلن به نفسي (أمثال 4:30). وهذا عين ما قصده في الاسم « يهوه » فقط بضمير الغائب. وكلا الاسمين مفرد وليس له جمع ولم يستعمل لغير الله. في غير المواضع الوارد فيها اإسم « يهوه »  بنطقه العبراني مترجم « الرب » غير أن نطقه العبراني الصحيح لا سبيل للوصول إليه لأن اليهود الآن في قراءتهم للتوراة لا يجرؤون على النطق بهذا الاسم ويستعيضون عن النطق به بالقول ”الاسم“ أو ”الاسم العظيم المهاب“. وقد أُدخل في الأسماء كجزء منها مثل « يهوشافاط » (ملوك الأول 2:23) وهو اسم شخص ومعناه الحرفي ”الكائن يقضى“، ومثل « يهوه شمَّه » (حزقيال 35:48) وهو اسم مكان ومعناه الحرفي ”الكائن هناك“.
 
أدوناي أو أدونيم: جمع الاسم ”أدون“ ومعناه ”السيد“ أو ”المولى“ ويعنى الزوج أحياناً. ولم يرد في توراتنا العربية بنطقه وقد استعمل بمفرده بالإضافة إلى أسماء أخرى من أسماء الجلالة كالاسم « يهوه » في قول إبراهيم « أدوناي يهوه » ومترجم في توراتنا العربية « السيد الرب » (تكوين 2:15)
   ولله صفات كثيرة غير الأسماء المذكورة آنفا وهي نفسها ما يطلق عليه إخوتنا المسلمون الأسماء الحسنى وكلها مذكورة في أماكن مخالفة من العهدبن القدبم والجديد. ويحب الله لنا أن نتصف بصفاته لأنه أحبنا وجبلنا علي صورته. وهناك صفات لله ذكرت في مناسبات خاصة ولكن الله لا يحبها ولا يحب لنا أن نتصف يها, كصفة الجبار. فقد وصٍف الله بالجبار علي الأعداء في الحروب كما جاء في سغر التثنية الاصحاح العاشر الآية 17 " لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ إِلهُ الآلِهَةِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ، الإِلهُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ الْمَهِيبُ الَّذِي لاَ يَأْخُذُ بِالْوُجُوهِ وَلاَ يَقْبَلُ رَشْوَةً", وفي( المزمور 24 : 8) :" مَنْ هُوَ هَذَا مَلِكُ الْمَجْدِ؟ الرَّبُّ الْقَدِيرُ الْجَبَّارُ الرَّبُّ الْجَبَّارُ فِي الْقِتَالِ". وذكر الله الجبار في القرآن في سورة الحشر الآبة 23: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ ﴾. كما جاء مقت الله لكل جبار عنيد في القرآن (سورة ايراهيم آية 14-17): "واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ". 
 
   ومن الطريف أن خليفة المسلمين الوليد بن يزيد فتح المصحف ذات يوم فأول ما طلع له "واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيدٍ" فقال‏:‏ "أتتوعدني؟" ثم علقه ولا زال يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزقه وهو ينشد‏:‏
 
أتتوعد كل جبار عنيد، فهأنذاك جبار عنيد    إذا لاقيت ربك يوم حشرٍ، فقل لله مزقني الوليد!

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع