لا تستغرب أيها الإنسان إذا علمت أنك شغل الله الشاغل ، فهو يبحث عنك دائما حيثما تكون عينه عليك ، فمن قبل الخليقة والإنسان هو شهوة قلب الله وموضع لذته ومحور تدبيره وقد كرم الله الإنسان وخلقه على صورته ، هكذا يحدثنا نيافة الأنبا يوسف أسقف تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية قائلا أن إنسانية الإنسان صارت مجد وفخر له حتى من يريد أن يمتدح شخصا ما ويثنى عليه فإنه يصفه بأنه "إنسان" ، لقد فقد الإنسان كرامته الإنسانية بسقوط آدم فى الخطيئة الذى خدعه عدو الخير وشككه فى مجد إنسانيته وكرامتها ومن ثم احتقر تلك الإنسانية واشتهى أن يصير إلها وفقد الإنسان كل شىء فلا هو صار إلها ولا بقيت له إنسانيته المكرمة ، من أجل هذا جاء ابن الله متجسدا فى صورة إنسان لكى يعيد للإنسان كرامته وليعيد للإنسان افتخاره بإنسانيته ، التى سبق فاحتقرها وكيف لا والمسيح الإله نفسه لم يستنكف أن يصير إنسانا وكان يحلو له أن يلقب نفسه "ابن الإنسان" ، كيف لا وهوذا الجموع المتعجبة من يسوع تتسائل فى اندهاش " أى إنسان هذا؟ " .    
                                                              

لقد أصبح كل إنسان مكتوب فوقه "هذا هو إنسان على صورة الله ومثاله" الأمر الذى يحملنا مسئولية الجهاد الحسن الذى غايته أن ننتهى الى الإنسان الكامل كما يعلمنا الرسول بولس ، والكمال المقصود هنا ليس الوصول الى مرتبة إلهية حاشا لله وإنما المقصود هنا بالكمال إنسان مولود من الروح ومنقاد به ، إنسان يسر بناموس الله ، إنسان عاقل يبنى على الصخر ، إنسان متحرر من كل هوى ردىء ، إنسان له أحشاء رحمة ورأفة على كل خليقة الله  ، إنسان تائب ، إنسان متضع متكل على نعمة الله لا على بره .  
                                                                         

 جاهد أيها الإنسان فى هذا الصوم المجيد لكى يتصور فينا المسيح ونصير نورا لعالم انطمست إنسانيته بانغماسه فى المادية والشهوة واللذة والسلطة وغيرها ، حتى اذا جاء المسيح فى نهاية هذا الصوم متسائلا "هل تجدون إنسانا"؟ يجيبه الكثيرون "هأنذا لأنك دعوتنى".