الأقباط متحدون - أرباب الإبل..!
أخر تحديث ٠٦:٣٢ | الجمعة ٥ اغسطس ٢٠١٦ | أبيب١٧٣٢ش ٢٩ | العدد ٤٠١١ السنة التاسعة
إغلاق تصغير

أرباب الإبل..!

محمود خليل
محمود خليل

هل تتمتع عبارة «المسئول الرسمى عن الدين» بأى قدر من المنطق أو الوجاهة؟. لا أظن. فالدين مسألة فردية، خصوصاً إذا كنا بصدد الحديث عن الإسلام، وبالتالى فوجود مؤسسة مسئولة عن حماية الدين أو الذود عنه أو الدعوة إليه تبدو عجيبة أشد العجب، سواء تمثلت فى مؤسسة رسمية كالأزهر أو الأوقاف أو الإفتاء، أو جماعة أو حزب يزعم لنفسه الدفاع عن الإسلام. آيات كثيرة فى القرآن الكريم تدلل على أن المسلم يحمل مسئولية فردية كاملة عن أدائه يوم الحساب. يقول الله تعالى: «كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ»، ويقول: «وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ»، ويقول: «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ».

وظنى أن البوابة الأساسية لإفساد دنيا الإنسان ودينه تبدأ من مأسسة الدين أو «جمعنته». فأى مؤسسة أو جماعة تجعل لنفسها القوامة على الدين، من السهل على رموزها أو من ينتمى إليها أن يعتبروا أنفسهم قيمين على البشر، وعندما يستبد بهم الأمر أكثر وأكثر تجدهم لا يترددون فى إصدار صكوك الغفران والمعصية، وتوزيع القصور على من يشاءون فى جنان الخلد!. لقد استفاقت أوروبا من غفوتها، وقامت من كبوتها بعد أن تمكنت من التحرر من سلطان المؤسسة الدينية عليها. تذكر أننى حدثتك منذ يومين عن الصراع الحادث بين كل من الأزهر والأوقاف بشأن الخطبة المكتوبة، وقلت لك إن سقوط هاتين المؤسستين فى فخ الصراع هو السبب فى انصرافهما عن مهمة تجديد الخطاب الدينى. اقتضى الأمر تدخلاً من جانب الرئاسة، بعد أن اشتد الصراع بين أصحاب العمائم، بصورة غير مسبوقة.

تلاحقت الاجتماعات، وتعاقبت المفاوضات، ودافع كل طرف عن وجهة نظره وأكد مسئوليته عن الدين. وعقب اجتماع ضم كلاً من المفتى ووزير الأوقاف مع شيخ الأزهر أكدت عدة مصادر عن تصالح الأطراف الثلاثة على إلغاء «الخطبة المكتوبة»، والتوافق على أن الأزهر هو المؤسسة الأم المسئولة عن الدعوة الدينية. إذاً المشكلة تم حلها، لكننى أسأل هل الصراع الذى شهدناه خلال الأيام الماضية بين الأزهر والأوقاف صراع ما بين مؤسسات تتضارب أدوارها، أم نزاع بين رجال، وتنافس بين مسئولين دينيين؟! تقديرى أن جوهر الدور المطلوب من هاتين المؤسستين غائب، والمتمثل فى محاربة التطرف والغلو فى الدين، وتحرير العقل المسلم مما لصق به من خرافات وأباطيل اجتهد البعض فى استدعائها من كتب التراث، وفى غياب الدور نستطيع أن نرجح أن يكون الخلاف «خلاف رجال»، كل منهم له أطماع معينة، ويريد أن يجعل من نفسه مسئولاً رسمياً عن الدين. أخشى أن أقول إن هذا النمط من التفكير لا يقل عجباً عن تفكير بعض الجماعات الإسلامية وأمرائها، ممن يرون فى أنفسهم مسئولين -رسميين أو شعبيين- عن الإسلام، ويسعون من وراء ذلك إلى تحقيق أهداف أبعد ما تكون عن الدين، وأقرب ما تكون إلى دنيا السياسة.. الكل ينسى أن للإسلام رباً يحميه.. وأنهم فقط أرباب الإبل..!. أرباب الإبل..!
نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع