أيام قليلة تفصلنا على الاحتفال بعيد تكريس كنيسة الشهيدة القديسة دميانة في الدقهلية، إذ يستقبل الديرأعدادا غفيرة من المشاركين في تكريم القديسة دميانة دينيا وشعبيا، وهي الفترة المعروفة شعبيا بمولد «ستنا»، ويجرى الاحتفال بمولدها في براري بلقاس بمحافظة الدقهلية مرتين في السنة، المرة الأولى بتاريخ 21 يناير من كل عام فى ذكرى استشهاد القديسة دميانة، والمرة الثانية 20 مايو، وهو يوم تدشين كنيستها، والاحتفال الرئيسي يكون خلال الفترة من 10 وحتى 20 مايو.

قصة القديسة الشهيدة دميانة
ولدت القديسة دميانة في القرن الثالث الميلادي، كان أبوها مرقس واليا على مدينة الزعفرانة وكان موسر المال، وكانت ابنته الوحيدة دميانة رفضت الزواج، ووهبت نفسها للتسبيح والتقديس، وبنى لها والدها قصرا فخما خارج مدينة الزعفرانة، وعاشت بالقصر مع أربعين عذراء كن صاحباتها سابقا، ولم يفترن عن الصلاة الدائمة ليلا ونهارا، بحسب ما سرده الدكتور محمود عبد الله، مدرس الإرشاد السياحي، بكلية السياحة والفنادق، جامعة المنصورة لـ«الوطن».

وأضاف أنه في عهد الإمبراطور دقلديانوس تولى والدها ولاية الفرما، ثم استشهد والدها لتمسكه بالمسيحية وأرسل لها دقلديانوس أميرا إلى مدينة الزعفرانة بوادي السيسبان حيث تقيم بقصرها كي يطلب منها العودة لعبادة الأوثان وترك المسيحية، ومع تمسكها بالمسيحية عذبوها أشد أنواع العذاب وقتلها جنود دقلديانوس، وأخذوا رأسها ورأس الأربعين عذراء بحد السيف وكان ذلك بتاريخ 21 يناير.

كنائس دير القديسة دميانة بالدقهلية
وأشار الدكتور الجامعي، إلى أن دير القديسة دميانة يشغل مساحة 2 فدان من أراضي براري بلقاس، ومحاط بسور كبير له بوابة رئيسية تقضى إلى فناء مكشوف تضم عدد من الكنائس وعددها سبع كنائس وهي الكنيسة الرئيسية في الجهة الجنوبية وتتصدرها مجموعة أعمدة على الطراز القوطي، تشكل ممرا ظليلا بالبواكي يرتفع فوقه البناء لطابقين تعلوهما مجموعة قباب، وفي الجانب الغربي تقع كنيسة القديس مارجرجس المزاحم وتضم رفاته، وكنيسة «الست دميانة» المعروفة بقبة الظهور، وكنيسة العذراء بحري، وكنيسة القبر أو المنامة وبها جسد القديسة دميانة ورفيقاتها الأربعين، وكنيسة معلقة، وكنيسة الأنبا أنطونيوس.

طقوس الاحتفال بعيد القديسة دميانة بالدقهلية
ويواصل سعد الجاولي، كبير الشمامسة بدير القديسة دميانة حديثه عن الدير لـ«الوطن» عن طقوس الاحتفال بعيد القديسة دميانة، موضحا أنه يجرى وضع الخيام حول الدير، ويقيم بها المسيحيون لمدة 10 أيام وإشعال الشموع، ومن ضمن الطقوس وجود مكتبات تبيع الصور والميداليات الخاصة بالدير التذكارية للزائرين والضيوف عليها صور القديسة، وإقامة المراجيح والشوادر المختلفة لبيع الملابس والمشروبات وبيع قطع فخارية للتذكار مكتوب عليها «بعودة يادميانة» وبيع الكتب التي تسرد قصة القديسة، والشموع التي تحمل صورتها.

وأضاف أن الاحتفال الرئيسي يقام داخل الكاتدرائية «أكبر كنيسة بالدير»، إذ تؤدي الصلوات بداخلها، وعقبها تقام زفة تسمى بـ«الزفة الأيقونية» وينزل المسيحيون إلى أرض الاحتفال، في تمام الساعة السادسة، مساء بجوار الخيام حاملين الصلبان المصنوعة من الخشب، وسط عزف بالآلات الموسيقية وإشعال البخور، وبعدها يعود المحتفلون إلى الكنيسة مرة أخرى لأداء الصلاة ومن ثم الانصراف.

ويضيف كبير الشمامسة: «يوجد بداخل الدير قبر القديسة دميانة التي يأتي الجميع من كل أنحاء المحافظات لزيارة قبرها، وأخذ البركة منه بقصد طلب الزواج أو الشفاء أو تحقيق أمنية ما ويضعون النذوروفي حال تحقق الدعوات يلقون أموال على قبر القديسة كرد للجميل وتحقيق النذر، بالإضافة تم رسم صورة كبيرة بالفن القبطي للقديسة دميانة والأربعين عذراء قام برسمها الفنان إيزاك فانوس في عام 1979، وكذلك يوجد بالديرالكنيسة الأثرية التي تعد من أقدم الكنائس وهي باسم القديسة دميانة وقامت ببنائها الملكة هيلانة».

دهن القبر والصليب بالحنوط في الليلة الكبيرة
وفي الليلة الكبيرة ليلة يوم 20 تقام الصلوات وتدق أجراس الكنائس داخل الدير، ويقوم رئيس دير القديسة دميانة برفقة الآباء كهنة الدير إلى زيارة قبر القديسة ويدهنون جميع أجزاء القبر والصليب بالحنوط مرددين الترانيم خاصتهم ويطلقون البخور والمتبقي من الحنوط يوزع على الزائرين ويأخذون هذا الحنوط كبركة من القديسة دميانة، والحنوط عبارة عن نباتات عطرية مثل الورد البلدي والياسمين تجف ثم تدعك وتدق جيدا وتخلط مع روائح زيتية معينة يقوم المطران بصناعتها، وبعد الانتهاء منها يخرج المطران من القبر يسيرون في موكب ويلف الموكب أرجاء الدير.