بقلم: عـادل عطيـة
يستقبل المسلم ضيفه، قائلاً: لقد زارنا النبي!
والمسيحي يستقبله، قائلاً: لقد زارنا المسيح!
وعندما يدخل زائر ما أحد البيوت الهندية، يضئ له أهل البيت مصباحًا، تكريمًا له، وترحيبًا به، وشعارهم : "الضيف لا يختلف كثيراً عن الإله" !
وأمام هذه التعبيرات الملأى بمشاعر الود والضيافة ، نجد الكثير ممن يتجاهل أهمية ، وعظمة هذه الابواب المفتوحة !
لنشتكي بعد ذلك ، من أن العائلات في أيامنا هذه ، آخذة فـي التباعد ، والتبدد ، وأواصرها تتفكك !
ونتباكى على أهل الوطن والخبز ، وقد افترقوا كما افترق يوماً البحر الأحمر !
ولأن الناس اعداء ما جهلوا ، فما نراه في عالمنا اليوم : "ليس صراع حضارات ، وإنما صدام جهالات" .. على حد تعبير الأمير أغاخان !
فعندما تنقصنا القدرة على معرفة وفهم الآخرين ، ينطفيء كل احساس بالمعاني المشتركة ، وتظهر مواقف متباعدة متنابذة ، تضرم في القلب شعارات الكبرياء والتفرقة ، والاعتزال والنًفرة ، مفرزة التطرّف والمتطرفين ، ويصبح دين الآخـر شيء غريب يجب اجتنابه ، وفضحه ، بل كراهيته .
فهل من الحـق والصواب ، أن نظل ساكنين اجسامنا ، بعيدين عن معجزة الحوار ، ومعرفة الآخـر ؛ فنخسر شركاؤنا على ارضنا المتصاغرة ، ونخسر ذكرياتنا ، التي هي حارسة لجميع اشيائنا الثمينة ؟!..
لنتزاور ـ إذن ـ ، ونتبادل الحب دون أي تحفظ ، أو ندم .
لنتزاوركجيران واقرباء في بيوتنا المضيافة ؛ فنستعيد معاً ذكرياتنا الجميلة ، وكأنها كتب مشوّقة يطيب الغوص فيها . وما أسهل أن يستهل أحدنا كلامه بالآتي : " هل تذكر ذاك الشيء ؟".. وإذ ذاك يتعاون الكل في إعادة الماضي !
لنتزاور في أماكننا المقدسة : في المسجد ، وفي الكنيسة ، وفي الاديرة .. وهي مسئولية مدارسنا ، ومعاهدنا ، وجامعاتنا ، وكـل الوزارات ، والهيئات ، وارباب الأعمـال ؛ فدورالصـلاة ، والتعبّد ، والتهجّد ، تلامس ارواحنا ، وتعطينا احساساً بالسماء ، وتذكرنا بأن هناك شيئاً خاصاً يجمعنا !
التزاور ، سيعيدنا لتاريخنا الأقدم ، وها هو عرس اخوّتنا ينتظرنا داخلنا ، فنبتهج ، ونترنم بقول العالم كيبلنج : "لا حدود ، لا قومية ، لا أصل ، يبقى لها قيمة عندما شخصان يتقابلان" !... |